الحزن والبكاء، لغتان عالميتان لكنهما من غير كلام، يعرفهما ويفهمهما ويجيدهما الجميع بالفطرة، من غير أن يكونوا قد تعلموهما لا في مجالس ولا في جامعات، كونهما تعبران عفوياً بصدق عما في داخلنا نحن البشر من آلام وأحزان، تكون متشابهة في معظم الأحيان في تأثيراتها على الجميع. ونظراً إلى كوننا نحن بشر من جهة، ولأنه يجمع بيننا الكثير من المشاعر الإنسانية المشتركة من جهة أخرى، أقول إنه من الطبيعي جداً أن نتعرض إلى الحزن، ومن الطبيعي أن يعترينا البكاء في لحظة ضعف بشرية. إلا أنه ومهما كانت الدوافع إليهما في وقت ما، فإن الدنيا وبكل ما رحبت واتسعت، وبكل ما فيها وما تحتويه، لا تستحق منا جميعاً لحظة ألم، وهي لا تستحق أيضاً منا دمعة حزن واحدة تذرفها عيوننا الجميلة لأجلها! لأنه لا شيء في هذه الحياة يستحق منا الدموع ولا الهموم ولا الأحزان. فأغلب الأمور التي تصيبنا تكون مقدّرة علينا. وما دام الأمر كذلك فإن أحزاننا هذه ومهما كانت شديدة أو عاصفة فعلينا أن نعلم بأنها لن تقدم لنا ولن تؤخر لنا في واقع الأمر شيئاً. وستكون عاجزة حتماً عن إيقاف عجلة الزمن، وعاجزة أيضاً عن إيقاف شروق الشمس وعاجزة كذلك عن إعادة عقارب الساعة إلى الوراء. فعجلة الزمن لا بد من أن تظل تدور، ولا بد للحياة من أن تظل تسير وتستمر، لأنها بكل بساطة لن تتوقف من أجل خاطر عيون أي منا. إن الإنسان الحزين مهما كان سبب حزنه وبكائه، فإنه في حزنه سيكون كالنافخ في قربة مثقوبة، وسيكون كمن يستعمل إصبعه في الكتابة على الماء! وذلك لأن حزنه هذا لن يغير في أمر الدنيا شيئاً. لذا عليه أن يعلم أنه إن حزن وبكى فإنه يحزن ويبكي وحده فقط، ولكنه إذا فرح وضحك وابتسم، فإن الجميع سيشاركونه الفرح والضحك والابتسام.