أرجع خبراء اقتصاديون ومصرفيون، عودة تعامل المصريين مع البنوك بالنقد الأجنبي، إلى رفع قيمة الدولار بعد تحريره بأسعار أعلى من السوق السوداء أحيانا، ومن شركات الصرافة. وأعلن المصرف المركزي المصري، أمس، أن إجمالي التدفقات على النظام المصرفي في مصر بلغ 12.3 مليار دولار منذ تعويم الجنيه في تشرين ثاني/نوفمبر الماضي، بحسب ما أوردته وكالة أنباء الشرق الأوسط. وأضافت الوكالة الرسمية، أن "معدلات التنازل على الدولار من قبل حائزي ومكتنزي الدولار تتزايد يوما بعد يوم"، وأن حصيلة البنوك يوم الاثنين فقط بلغت 635 مليون دولار، بينما كانت يوم الخميس الماضي 550 مليون دولار. وعزا رئيس قسم البحوث بشركة "بلتون" القابضة تراجع الدولار الذي أدى لبيع عملاء ما معهم من دولارات إلى انخفاض الواردات لعدم وجود سيولة نقدية لدي الشركات والتجار، وبطء المبيعات، إلى جانب التدفقات الرأسمالية التي دخلت مصر من تمويلات صندوق النقد الدولي والبنك الأفريقي للتنمية والسندات الدولارية. وقال جنينه ل "قدس برس" أن ما أعلنه البنك المركزي بشأن وصول حجم الدولارات التي دخلت البنوك الي أكثر من 12.3 مليار دولار، يشير لوجود رصيد أجنبي لدي المصريين الذين يفضل بعضهم الاحتفاظ بمدخراته بالعملة الاجنبية. وأشار لأن التفاوت الكبير في سعر الدولار، قبل التعويم، ما بين سعر منخفض في البنوك، وسعر أعلي في السوق السوداء، دفعهم إلى الاحتفاظ بالعملة الأجنبية، ولو كانت اسعار البنوك حرة، كما هو الحال الآن، لتدفق عليها النقد الاجنبي كما يحدث الان. من جانبه، توقّع هاني فرحات المحلل الاقتصادي ببنك الاستثمار "سي آي كابيتال"، أن يرتفع الجنيه أمام الدولار في الفترة المقبلة، لافتا إلى أن "استقرار سعر الصرف قد يأتي بعد شهر مايو أو يونيو". ويري أمين عام اتحاد الغرف التجارية علاء عز، أن "سعر الدولار سيستقر أمام الجنيه في الفترة المقبلة ليتراوح بين 16 و17 جنيها، وبين 13 و14 جنيها بنهاية العام الجاري". ولفت عز، في تصريحات صحفية، إلى انتهاء الضغط الكبير على الجنيه خلال كانون أول/ديسمبر وكانون ثاني/يناير وهي الفترة التي شهدت قيام المستثمرين الأجانب بتحويل أرباحهم للخارج. وشهد سعر الدولار انخفاضا كبيرا الايام الماضية وبلغ سعر الجنيه حتى مساء الاثنين نحو 17 جنيها للدولار، نزولا من حوالي 19.5 جنيه بعد قرار تحرير سعر الصرف. وتواجه مصر التي تعتمد على الواردات نقصا في العملة الصعبة منذ ثورة يناير التي أعقبتها اضطرابات أدت إلى عزوف السياح والمستثمرين الأجانب وقامت بتعويم الجنيه في الثالث من نوفمبر في محاولة لجذب التدفقات الأجنبية. انخفاض مؤقت بالمقابل يخشى محللون ومصنعين أن يكون التراجع الكبير في سعر الدولار امام الجنية المصري، والانخفاض من مستويات 19.5 جنيه للدولار، إلى أقل من 17 جنيه "مؤقت"، ولا يرجع لتحسن الجنيه أمام الدولار، ولكن لانكماش في الطلب وتراجع الشركات عن الاستيراد لعدم توافر السيولة المالية لديها. المحلل الاقتصادي ممدوح الولي توقع أن يعود الطلب على الدولار ويرتفع سعره مرة أخري مقبل الجنية مع حلول الصيف المقبل الي يواكبه زيادة الإنفاق على واردات الطاقة، وكذا زيادة في واردات السلع الغذائية قبل شهر رمضان، إلى جانب الطلب على الدولار خلال موسم الحج وإجازات الصيف وموسم العودة إلى المدارس". وقال "الولي" ل "قدس برس" أن "تراجع سعر الدولار ليس مؤشرا على تعافي الاقتصاد"، لأن أرقام الإنتاج والتصدير والاستثمار الأجنبي المباشر لم ترتفع بشكل كبير، والمؤشرات تقول إن مصر في مرحلة انكماش للاقتصاد وهو ما يؤدي لتراجع الواردات وانخفاض القدرة الشرائية نتيجة التضخم، ومن ثم قلة الطلب على الدولار. وهو ما أكده أحد المصنعين لنشرة "إنتربرايز" الاقتصادية التي تقيس الاسواق المصرية، مؤكدا: "إن سبب انخفاض سعر الدولار وارتفاع الجنية يعود إلى انكماش الطلب في ظل نقص السيولة النقدية بالشركات للحصول على الدولار". فيما قال أحد كبار المصدرين للنشرة الاقتصادية، أن "تراجع سعر الدولار يرجع إلى مزيج من زيادة التدفقات المالية في النظام المصرفي الرسمي وتحسن أرقام التصدير". ومطلع العام الجاري، كشف المصرف المركزي المصري عن توفير البنوك نحو 7.5 مليار دولار لطلبات الاستيراد خلال شهرين بعد "تعويم" الجنيه.