انتقام وحشي، كما في أفلام الويسترن الأميركية، كان مسرحه بلدة كترمايا في اقليم الشوف في جبل لبنان. ففي هذه البلدة التي تبعد 41 كلم عن بيروت، انتقم الأهالي بصورة وحشية من مشتبه به في جريمة قتل وحشية جرت مساء البارحة. فقد وصلوا الى المشتبه به محمد سليم مسلم، المصري الجنسية، الذي كانت قد القت القبض عليه القوى الأمنية اللبنانية، وقتلوه ومثلوا بجثته وعلّقوه على عامود في وسط البلدةالقصة بدأت مساء البارحة، عندما وجد بعد ظهر أمس كلّ من يوسف أبو مرعي (80 عاما) وزوجته كوثر وحفيدتيهما من ابنتهما آمنة (9 سنوات)، وزينة (7 سنوات)، مصابين بطلقات نارية ومضرجين بدمائهم في منزل أبومرعي. وخلال ساعات بعد الحادثة، القت القوى الأمنية اللبنانية القبض على المدعو محمد سليم مسلم، وهو مصري الجنسية، بتهمة قتل المغدورين، وأصدرت بياناً أعلنت فيه عن القبض على المشتبه به بالجريمة بعد أن عثرت في منزله على سكين وآثار دماء. وخلال التحقيق معه، اعترف الجاني بفعلته. وعند إحضار الجاني الى مكان الجريمة لإعادة تمثليها، وصل اليه أهالي البلدة حاملين قطعاً من السلاح وانهالو عليه بالضرب ما أدى الى إصابته إصابات بالغة إستدعت نقله الى مستشفى سبلين للمعالجة. ولم يكتف الأهالي بذلك، بل لحقوا به وهاجموا المستشفى وذبحوه ثم مثلوا بجثته وسحبوها بسيارة الى وسط البلدة حيث قاموا بتعليق جثة المشتبه به على أحد أعمدة شبكة الكهرباء. وقد جرى كل ذلك في ظل موجة من الهيجان الشعبي. وفي إطار متابعة جريمة كترمايا وتداعياتها، إستدعى وزير الداخلية والبلديات زياد بارود إلى مكتبه بعد ظهر اليوم كل من مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي وقائد الشرطة القضائية العميد أنور يحيى وقائد الدرك العميد أنطوان شكور واطلع منهم على تفاصيل ما جرى، وطلب من المفتش العام لقوى الأمن الداخلي العميد سيمون حدّاد المباشرة بإجراء تحقيق فوري وبيان مكامن الخلل في تقدير الموقف والمسؤولين عن ذلك، تمهيداً لاتخاذ التدبير المناسب. كما أجرى وزير الداخلية اتصالاً بالنائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا للغاية ذاتها. الوزير بارود تقدّم، في بيان صادر عن وزارة الداخلية، بالتعازي من ذوي الضحايا الأبرياء، "مديناً بشدّة الجريمة الشنيعة، مبدياً تفهمه لغضب الأهالي ووجعهم، إلا أنه أسف أن يتم استيفاء الحق بغير الطرق القضائية وقبل الانتهاء من كشف كامل ملابسات الجريمة، خصوصاً أن المشتبه به كان أوقف لدى القوى الأمنية في أقل من 24 ساعة من حصولها، وأن التحقيقات كانت جارية معه بإشراف القضاء، معتبراً أنه من الخطير جداً أن نستسهل إحقاق العدالة بهذه الصورة". من ناحيته، دان المدير العام للامن العام اللواء أشرف ريفي جريمة القتل وتوجّه بالتعزية الى عائلات الضحايا خصوصاً والى أهالي كترمايا عموماً. ولفت اللواء ريفي الى انه اتخذ "اجراءات مسلكية بحق عدد من الضباط والعناصر بسبب ارتكابهم خطأ جسيما في سوء تقدير الموقف الميداني ولعدم توفير الحماية اللازمة والكافية للمشتبه به في هذه الجريمة". وقد استنكر، أيضاً، "الحزب التقدمي الاشتراكي" الأكثر نفوذاً في اقليم الشوف اللبناني، في بيان صادر عنه، الجريمة وتقدّم بالتعازي من ذوي الضحايا. كما استنكر "التصرف الذي حصل اليوم حيث تمّ خلاله الاقتصاص من الجاني، بينما كان المطلوب الاحتكام حصراً للعدالة والقبول بأحكامها"، مشيراً إلى أن "الانتقام الذي حصل في كترمايا، ورغم هول وفداحة جريمة الأمس المستنكرة بكل الاشكال، هو عمل مرفوض لا سيّما أن الجاني كان في عهدة القوى الامنية، ممّا يتطلب فتح تحقيق فوري لتحديد المسؤوليات المسلكية والادارية عما حصل". ورفض الحزب في بيانه أن "تتخذ هذه الجرائم طابعاً عنصرياً خصوصاً أن في لبنان أعداداً هائلة من العرب والأجانب العاملين في المجالات المختلفة، ما يحتّم عدم التعاطي مع الأمور بهذه المقاربة العنصرية غير المقبولة". وأكّد "التمسك بالقانون وأهمية تطبيقه بشكل كامل كي لا يتحول لبنان تدريجياً نحو شريعة الغاب".