استبعد محللون سعوديون، أن تلجأ المملكة لسحب استثماراتها من لبنان، والبالغة نحو 5 مليارات دولار، عقابا لحزب الله اللبناني لموقفه من الحرب في سوريا، في الوقت الذي رجع البعض أن تلجأ السعودية للتضييق على التحويلات المالية وعدم تجديد التأشيرات للمنتمين للحزب على أراضيها. وقرر المجلس الوزاري لدول مجلس التعاون، في وقت متأخر من مساء أول أمس الإثنين، اتخاذ إجراءات ضد المنتسبين إلى حزب الله في دول المجلس، سواء في إقاماتهم أو معاملاتهم المالية والتجارية، نتيجة تدخله "السافر" في الأزمة السورية. وقال الأكاديمي والخبير الاقتصادي السعودي، الدكتور على التواتي، إن إيقاف الاستثمارات الخاصة بحزب الله اللبناني في السعودية ودول الخليج، إضافة إلى مراقبة التحويلات المالية إلى مصارف لبنانية تنتمي للحزب، والتضييق عليها، وعدم تجديد التأشيرات لأعضائه، أبرز العقوبات المتوقعة من السعودية تجاه الحزب لموقفه في سوريا. واستبعد التواتي، في اتصال هاتفي لوكالة الأناضول للأنباء اليوم الأربعاء، أن تسحب السعودية استثماراتها من لبنان معاقبةً لحزب الله، قائلا: "لا يمكن أن تعاقب السعودية الشعب اللبناني بسبب تصرفات حزب الله.. لبنان شيء، وحزب الله شيء آخر". وقال السفير السعودي في بيروت، على عواض عسيري، مؤخرا، إن حجم التبادل التجاري بين المملكة ولبنان بلغ 783 مليون دولار عام 2012 منها 434 مليون دولار واردات لبنانية من السلع والمنتجات السعودية و359 مليون دولار صادرات لبنانية للأسواق السعودية. ويبلغ حجم الاستثمارات السعودية المباشرة في لبنان في العقد الأخير نحو 5 مليارات دولار، أي ما يقارب 28% من الاستثمارات العربية البينية أو 19% من إجمالي الاستثمارات الأجنبية لتكون السعودية بذلك المستثمر المباشر الأول في لبنان، وفق بيانات حكومية. وتتوزع الاستثمارات السعودية المباشرة في لبنان على القطاع العقاري الذي يستحوذ على معظم الاستثمارات، ثم القطاع المصرفي ومن بعده القطاع السياحي. وتشير بيانات لمجلس الأعمال السعودي اللبناني، إلى أن الاستثمارات السعودية بلبنان موزعة على نحو 2600 مستثمر سعودي، مقابل 1.1 مليار دولار هي حجم الاستثمارات اللبنانية بالسعودية. ويزور لبنان سنويا نحو 400 ألف سعودي برفقة أسرهم، فيما يمتلك أكثر من 100 ألف سعودي، مساكن في لبنان، وفق بيانات لمجلس الأعمال المشترك. من جانبه، استبعد على التواتي أن يتم طرد العمالة المنتمية لحزب الله في السعودية، قائلا: "السعودية دولة لا تطرد عمالة". وتشير تقديرات مجلس الأعمال السعودي اللبناني إلى أن العمالة اللبنانية في السعودية بحدود 300 ألف. وذكر التواتي أن مصالح حزب الله لا تقتصر فقط على العاملين الأفراد أو الاستثمارات في الخليج والتي يذهب جزء من دخلها للحزب، بل تمتد مصالحه إلى المشروعات التي تقوم بها الدول الخليجية لإعادة إعمار المدن الشيعية المهدمة بعد الحرب مع إسرائيل في 2006. وأضاف أن حزب الله يستفيد من الإعانات التي تقدمها السعودية والدول الخليجية لجمعيات خيرية تابعة له في لبنان. ويرى التواتي أن إيرادات الاستثمارات التابعة لحزب الله في الخليج لا تتجاوز 25% إلى 30% من إجمالي إيرادات الحزب، بينما الجزء الأكبر من التمويل يأتي من إيران. وأوضح التواتي، أن "الخطر الأكبر يأتي من استثمارات يتم التستر عليها بأسماء سعوديين، وبالتالي يتم التعامل معها على أنها استثمارات وطنية". وتعاني السعودية من استثمارات لعمالة وافدة غير نظامية تستثمر أموالها برعاية كفيل سعودي، مما يدخل ضمن "التستر التجاري". وتشير التقديرات إلى أن حجم تلك الاستثمارات بلغ 63 مليار دولار (236 مليار ريال) في المملكة. وقال التواتي، إن الاستثمارات اللبنانية في السعودية تتركز في قطاعات المقاولات، والفنادق والسياحة، لكنهم غير موجودين في قطاعات الصناعة والتجزئة. أضاف: "من الصعب تحديد أرقام محددة لحجم المصالح أو الاستثمارات التابعة لحزب الله في السعودية، كونها تتعامل معهم كمواطنين لبنانين ولا تميز بينهم سواء كانوا أفرادا أو شركات تستثمر في السعودية". 1