حين تتمثَّلُ شخصيةُ الفردِ رؤيةً محورية ذات أبعادٍ نفسيةٍ أو اجتماعية تظلُّ ثقافة الحوار وحدها من تمنح الرغبة الإنسانية في استثمار طاقاتِ وأفكار الذات. ولكنَّ غياب ثقافة الحوار تسبَّبَ في تهميش قضايانا بل وأورث في ذواتنا رغبةً جامحة في الانثيال على أزماتنا وإخفاقاتنا. هل لأننا روَّجنا في نفوس الناشئة فكرة الخروج عن تحليل الأشياء لنبعث فيهم (نظرية القطيع)؟ أم لأننا أنبتنا في زوايا وممرات بيوتنا بذرة القمعِ والتهميش عبر سلوكيات يمارسها المجتمع؟ كل الأسئلة ستنامُ بين ركام الوقت بحثاً عن إجابة. لكنَّ المتهم الأول في تصوُّر المثقفين هو غياب المنبر الحواري المتكامل الذي يرتوي من رؤيةٍ ناضجة ليصل بنا في نهاية المطاف لقفزةٍ فكرية تنطلق ابتداءً من البيت لتنموَ في أروقة المدرسة ولترسخَ في البعد الثقافي والإعلامي سواءً أكان مقروءاً أو مسموعا أو مرئيا. إننا حين نحاول ترميم بناء ثقافة الحوار فعلينا أن ننطلقَ من أساسٍ فكري حتى ننجح في تأصيل العلاقة مع الشاب والطفل والشيخ على حدٍّ سواء عبر ضوابطَ نفسية. ولعلَّ إعادة تأهيل المثقف حتى يصبحَ شريكا في رسم ملامحِ ثقافةِ الحوار تبرز في منتدياتنا ومؤسساتنا التي يُلْقى على عاتقها الحِملُ الأكبر في النهوض بمجتمعٍ لا يجيد ترميم مفهوم الحوار المتكسِّرِ بين أفكار الانغلاقِ والتشدد الفكري وعدم الاندماج مع الآخر وَفْقَ رؤيةٍ ناضجة. حسن بن عبده بن علي صميلي 30/8/1432ه