أتاح لي مؤتمر الأدباء السعوديين الثالث المنعقد في العاصمة الرياض فرصة كبيرة في المجال الثقافي، من خلال الالتقاء بالأدباء والمثقفين من خلال أوراق العمل والأحاديث الجانبية، وزيارة أركان الأندية الأدبية وما تحويه من إصدارات، وكان لي فرصة أن زرت ركن النادي الأدبي بجدة، وقد سعدت باقتناء سلسلة إصدار النادي والتي عنوانها (المحاضرات) وهي عبارة عن المحاضرات التي كانت تلقى في النادي، وكل مجموعة من المحاضرات تخرج في مجلد، وأحيانًا تسمى مجموعة مثل / المجموعة الثانية والمجموعة الثالثة، وما بعدها فسميت مجلدًا، وما حصلت عليه هو أحد عشر مجلدًا كالآتي: (المجموعة الثانية – المجموعة الثالثة – والمجلد الرابع إلى المجلد الثاني عشر) أما المجموعة الأولى فلم أجدها مع هذه المجموعة، وعندما تصفحت بعضًا منها شدتني عناوينها وموضوعاتها، من حيث التنوع وأسلوب الطرح، لأن بعضها مفرغة من الأشرطة، ولذلك حملت التشويق والعفوية الجاذبة، وتنوع الآراء والنقاشات التي تمت في الندوات والمداخلات، ولذلك لا تمل من قراءتها، وعندما جذبتني تلك السلسلة قررت أن أقتطف منها بعض الفوائد وما يدعو القارئ لاقتنائها دون الحكم أو الدخول في صلب المحاضرات بخلاف أو تصويب، لأن قصدي فتح شهية القارئ للفائدة والقراءة، وهي بلا شك بذل فيها جهد ليس باليسير ابتداء باختيار العنوان ثم دعوة الكفء لإلقائه وإدارة الحوار أو الندوة ومن ثم العمل على تفريغها لإصدارها مكتوبة ومتاحة للجمهور زادت صفحات بعض المجلدات عن 7.. صفحة، فلا شك أن هذا العمل أخذ وقتًا وجهدًا من إدارة النادي، ولتعرف أخي القارئ مدى ما بذله النادي في هذه السلسلة سأنقل لك كلمة النادي في أول المجلد الحادي عشر لتشعر بقدر معاناته في جمع هذه المحاضرات: « هذا الجزء الحادي عشر من محاضرات النادي، يصدر في وقت غير مبكر بالقياس إلى مواعيد إلقائها، وذلك راجع إلى عوائق عدة، بعضها من عدم حصول النادي على نص كامل من المحاضر.. بعد إلقاء محاضرته. ونأخذ في انتظار وصول النص إلينا.. وذلك يتطلب متابعة جادة ومتواصلة من جانبنا، وتكون المواعيد، والاعتذار بالانشغال الذي لا ينتهي. وتمر شهور على ذلك، قد تصل إلى السنة. ونضطر إلى تفريغ النص من شريط التسجيل، لكنه يحتاج إلى مراجعة، وقد تحتاج إلى صياغة جديدة، وهذا ليس من شأننا. ونبعث به إلى المحاضر.. ليبقى عنده مدة تطول وتقصر، ونضطر إلى صفه.. ثم نبعث به ثانية للمراجعة، وتأخذ ذلك وقتا جديدا، وهكذا الحال، وعداد الأيام يدور في سرعة مذهلة، نحس بها ولكن ليس لنا من الأمر شيء. وبعض المحاضرات لا تقرأ فهي مكتوبة بالقلم، ونسخة ثانية أو ثالثة، ويبدأ الاتصال.. والأخذ والرد، وقد لا نحصل على نسخة أولى واضحة.. تصلح لتحويلها إلى حروف منضدة كي تراجع وتصحح. وبعض المحاضرات لها صور، ونأخذ في المتابعة بطلبها، وإذا وصلت فلا يرافقها شروحاتها، ونردها ثانية، أو نرسلها بالفاكس، لكن ملامحها لا يظهر كما ينبغي. وأحيانًا يدركنا الصيف ويسافر من نريد التواصل معه للتصحيح بغياب بعض هوامش المحاضرة، وما قد يكون من خلل أو عدم وضوح. وتمضي الأيام سراعا.. ونحن في أخذ ورد وإعادة وكتابة وتصحيح، وكل ذلك يتطلب جهدا ووقتا ووعيا وإداراكا وحسما، والناس مشغولون بحياتهم وهمومهم وعيشتهم. ونحن نلح ونرجوا وننتظر. وبعض محاضرينا لا يكتبون، وعلينا تفريغ النص ثم إرساله لصاحبه لمراجعته وتعديل ما فيه من أخطاء وربط وضبط. وصدق القائل: لا يعرف الشوق إلا من يكابده *** ولا الصبابة إلا من يعانيها وإلى هنا تكفي هذه المقدمة وأبدأ بالمجموعة الثانية والتي تعتبر الأولى بالنسبة للموجود عندي، ولن ألتزم في أخذ الفوائد بمنهج معين أو ترتيب ملزم بل سأجعلها كالبستان المليء بالزهور والظل الوارف والخضرة المنتشرة، ينتقل الزائر في هذا البستان من مكان إلى آخر دونما عناء أو « بروتكول معين « لأن هذا أسعد للنفس وأشرح للصدر، حيث تنتفي القيود والأوامر، بمعنى أن اختياري للمحاضرة من كل مجلد خاضع للمعيار الذاتي، ولا يعني هذا أنني لم أضع في ذهني بعض الاعتبارات. وها أنا ذا أبدأ مع المجموعة الثانية وعنوانها: (محاضرات النادي الأدبي الثقافي بجدة) الطبعة الأولى 14.6ه وعدد صفحاتها 744 صفحة من القطع المتوسط، وجاء في كلمة النادي في أول المجموعة: (بين دفتي الكتاب الذي نقدمه اليوم.. مجموعة من محاضرات النادي.. التي ألقاها نخبة من كبار الباحثين والدارسين.. خلال بعض مواسم النادي الماضية. ولما كانت المحاضرات.. لا يحضرها جمهور كبير فإن جمعها في كتاب.. سيكون أجدى لتعم فائدتها بإذن الله.. ذلك أن الكلمة المكتوبة أبقى من الكلمة التي تلقى..) وهذه المجموعة اشتملت على أربع عشرة محاضرة، أولها (أسباب تراجع الديانات في عصر العلم) للدكتور المهدي بن عبود في 17/جمادى الآخرة /14.1ه بصالة الإدارة العامة للتعليم بشارع حائل بجدة. وآخرها ندوة بعنوان: (المثقف السعودي ما له وما عليه) للأستاذة والدكاترة: عبدالفتاح أبو مدين – محمد حسين زيدان – تركي عبدالله السديري – مدني علاقي، وألقيت الندوة بتاريخ 4/5/14.1ه بصالة الملك فيصل في الغرفة التجارية الصناعية بجدة. ويظهر من التاريخ عدم ترتيب المحاضرات في المجموعة حسب التاريخ الزمني، والندوة قدمها المذيع الأستاذ / حسين النجار قال في تقديمه للندوة: (الثقافة هي من القضايا التي تشغل بال القادة والمفكرين في كل أمة، وخاصة في مرحلة نحن نشعر أن الانطلاقة فيها والتي نعيشها هي انطلاقة أخذت متغيرات كثيرة تلعب دورا في تكوين شخصية الفرد السعودي) وبعد أن قدم أصحاب الندوة أتاح الفرصة لسعادة الأستاذ / مطلق مخلد الذيابي عضو النادي الأدبي الثقافي في جدة فقال في أول كلمته: (المثقف صفة إطلاقية شاملة لإنسان يبحث عن المعرفة... إنسان استقامت نفسه فطلب الأثر.. فحصله بكثير من التأني والصبر والمعرفة.. ثروة ولكنها ثروة عليا يذهب في تحصيلها العمر لتبقى وتنتشر عطرًا ذكيًا فواحًا في أرجاء الدنيا، لتهدي إلى خير وترشد إلى صواب. والمثقف في هذه الحالة يكون قد صرف أيام عمره في البحث والاستقصاء في سماع أهل الفكر وقراءتهم من خلال المؤلفات العالية الثمن والزهيدة الثمن.. ثم يحكم هذا كله فيمن يعلم ويتعلم. وينزع عنه رداء الجهالة، ويزيح عن عينية غشاوة الظلام بما يختزنه في صدره من نور) ثم جاء دور تعريف المثقف، فبدأ الأستاذ / محمد حسين زيدان –رحمه الله– وعرف المثقف بقوله: (في اعتقادي أو من خلال تجربتي، أن المثقف قد أخذ التعريف بصورة أو بأخرى من تعريف الأديب.. فالأديب في التعريف الأول الذي ورثناه عن القدامى. هو من أخذ من كل شيء بطرف.. والمثقف الآن أخذ هذا التعريف بل أخذ الأكثر. هو الذي يعرف كل شيء عن أي شيء.. فهو كيف للعلم. فالعالم أو العلم.. كم. والثقافة والتثقيف كيف. فإذا كان العالم مثقفًا استطاع أن يتكيف بالتجارب وبمعرفة ما يحيط به.. وأصل المادة من عجيب هذه اللغة، لغتنا الشاعرة. ثقف بمعنى وجد..» اقتلوهم حيث ثقفتموهم أي: حيث وجدتموهم. وثقف بمعنى حذق وأجاد. كما هو في الأصل ثقف الرمح.. ثقف الحصان عسفه أي دربه وقومه، إذن فالاستعمال للثقافة الآن هو تعبير عن التقويم عن هذا الحذق، فإذا القارىء أو المتعلم أخذ بنفسه يقرأ ويعرف كل الأطراف، كل ما يجيده من العلم ومن المعرفة يصبح مثقفًا) بعد ذلك وجه السؤال إلى الدكتور مدني علاقي كما وجه لسابقه على النحو التالي: “فليتفضل بأن يعرف لنا المثقف” فقال: المثقف لفظ يصعب تعريفه.. إن من الصعب ومن غير المنطقي أن نحدد إطارًا واضحًا ومنطقيًا لما نقصده بالمثقف وحتى أيضًا بتعريف الأديب لأن الثقافة والأدب مجالان واسعان ولا يمكن لأي شخص مهما حاول أن يلم بما تحتويه الثقافة أو بما يحويه الأدب) أما الأستاذ تركي السديري لما جاء دوره في تعريف المثقف قال: (يصعب أن أحدد من هو المثقف إذا لم أحدد ما أعنيه بالثقافة: وفي اعتقادي أن الثقافة.. تعني شيوع المعرفة، والمعرفة التي تعني مختلف الفنون –الآداب والعلوم. بقدر ما يصيب الإنسان منها بقدر ما تتميز ثقافته. بقدر ما أعرفه بأنه مثقف) أما تعريف المثقف في مفهوم الدكتور عبدالله مناع عن سابقيه فيقول عن المثقف: (المثقف هو دور وليس معرفة فقط إذا لم تتحول المعرفة إلى دور يظل في إطار المعرفة.. ربما كان أديبا. ربما كان مهندسا.. ربما كان محاميا.. ربما كان أستاذا. ولكنه يكون كذلك. ولا يكون مثقفا في ذات الوقت ما لم تتحول المعرفة إلى دور. فيظل أبعد ما يكون عما يمكن أن نسميه بالمثقف..) ثم يستطرد فيقول: (حقيقة فيه مثال يوضح كيف يمكن أن نفرق بن العالم على سبيل المثال والمثقف.. لو أن عالما ذريا في مختبر ما وفي جامعة ما. أو شركة ما قام بصناعة قنبلة ذرية. وأتقن صناعة هذه القنبلة إلى حد الإبداع الكامل والتام هذا العالم يظل حتى هذه اللحظة عالما وليس مثقفا. ولكن في اللحظة التي يكتب هذا العالم تحذيرًا عن أخطار هذه القنبلة الذرية يصبح مثقفًا.. فالثقافة أو المثقف ليس علمًا وليس معرفة فقط. ولكنه دور ومن هنا يمكن أن أجرأ وأقول: إنه يمكن الوصول إلى تعريف بأن المثقف هو من تلقى أي درجة من درجات التعلم واتسعت دائرة اطلاعه ووعى دوره ومسؤولياته وعبر عن ذلك بكل وسائل التعبير والإنسانية المختلفة.. بدءًا من الكلمة المنطوقة وانتهاء إلى لمسة لون على ورقة بيضاء. هذا هو المثقف فما أعتقد). ثم استمرت التعريفات من قبل المحاضرين في اتجاهات متعاكسة مثل قول بعضهم “لا يوجد مثقفون في العالم ككل” أما حديثهم عن المثقف السعودي ما له وما عليه، فكل واحد بنى رأيه فيه على ما يعتقده في تعريف المثقف بشكل عام. فالدكتور عبدالله مناع يقول: (فالمثقفون موجودون في شتى بقاع الأرض إنما المثقفون في العالم العربي غير موجودين.. هذا رأيي) أما الأستاذ تركي السديري فقال: (.. وفي مثل هذا الوضع لا أعتقد أنه يمكن أن توجد الثقافة الحقة التي تعني الشمول) أما الدكتور مدني علاقي فعلق على رأي الدكتور مناع ورأي الأستاذ السديري بقوله: (تجاوزا أستطيع أن أقول: إن مسؤولية هذا المثقف تنحسر في تحسسه لمشكلات المجتمع والتعبير عنها.. إن كان فنانا بريشته وإن كان موسيقيا بموسيقاه وإن كان كاتبا بقلمه وإن كان عالما بعلمه..) ولكن الأستاذ محمد حسين زيدان عاد للكلام حول المثقف ما له وما عليه فقال: (أنا مع الأساتذة في أن المثقف عليه أكثر مما له ولكن كيف يؤدي ما عليه إذا لم تعطه ما له، دكتور مناع ودكتور مدني والأخ تركي. تفاوتوا في التعبير جندوا المثقف أن يؤدي ما عليه. لكن أنا أعتقد أن له، له أن يكون مسموعًا وأن يكون مقروءًا. كيف يكون مسموعًا أو مقروءًا إذا لم تكن لديه حرية التعبير على الأقل؟ يجب أن نعطيه حرية التعبير. حرية التعبير ليست الإباحة لكل ما نريد.. فإذا أردنا أن يكون عليه واجبات فيجب أن تعطيه ما يستحق من التكريم.. أن نقرأ له.. أن نفهمه.. نعطيه شيئا من الحرية.. شيئا من الإعزاز والتكريم فهو له حق وعليه واجبات) ثم ذكر الأستاذ زيدان طرفة في تعليقه على السابقين فقال: (ليأذن لي الأستاذ عبدالفتاح أن أعلق على الدكتور.. وكلمة مقهى.. لقد صدق.. طرفة حدثني بها أستاذنا محمد عبدالقادر الكيلاني –الذي نسميه ابن خلدون– يقول: كنت في اليونان في أثينا وكان فينزلوس الكبير رئيسا أيام الحرب العالمية الأولى. قد اعتزل الحكم وجلس في بيته، يقول كنت جالسا معه في المقهى، وإذا بفلاحين من القرية كانوا جالسين أمامه فأحب أن يعطيهم فكرة فقال: وصار يرفع صوته مع الأستاذ ويتكلم اليونانية معه وكان يتكلم التركية، فقال: لن تصلح اليونان ولن تعود إلى هذا حتى يعود فينزلوس.. يقول: إن جماعة الفلاحين الستو جالبي الخضار من القرية نشروا هذا الكلام في اليونان.. وإذا بعد أسبوع يعود فينزلوس وأنقذ اليونان.. وبعد إن انتهى الأستاذ زيدان من كلامه علق عليه الدكتور مناع: “لقد كانوا مثقفين” أما تعليقات ومداخلات الحضور فكانت على النحو التالي: الأستاذ / مصطفى أحمد صبري علق قائلا: (المثقف كما خرجنا من نتيجة هذا الحوار لا تعريف له محدد..) أما شكيب الأموي فيعلق على مَن قال من المحاضرين: إن الثقافة توقفت بمجيء الإسلام فيقول: (الثقافة لا يمكن أن نقول إنها توقفت عندما جاء الإسلام.. قط، لأن خيمة شيخ القبيلة كانت مدار حوار وثقافة وتعلم وتعليم، حوار المسلمين أول بزوغ الإسلام مع المشركين، ومع بعثات الحبشة والروم والفرس كانت تحتاج إلى ثقافة، وكان يجب معرفة آراء وأفكار الشعوب الأخرى.. ثقافتهم.. معرفتهم.. حتى دينهم.. ولذلك كان حوارا ثقافيا لا شك في ذلك) بعد ذلك بدأ الدكتور عبدالله الغذامي مداخلته في السياق نفسه (الثقافة والإسلام) قائلا: (كنت أردت في البداية عندما طلبت الكلمة لم يكن الدكتور مناع قد شرح موقفه مرة أخرى. فالذي ظهر لي من المعنى الذي طرحه الدكتور مناع، عن قضية الإسلام وإبطال الإسلام لدور المثقفين. السبب في ذلك أنه كان قد عرف المثقف تعريفا أخلاقيا يرتبط بمعنى اصطلاحي اجتماعي. وبهذا الدور نوافقه على أن الإسلام قد أبطل دور المثقفين بذلك المعنى.. نعم، لأن الإسلام قد أعطى بديلا سماويا إصلاحيا اجتماعيا، لم يعط فرصة لأي مصلح اجتماعي آخر سابق بفكر سابق عليه، ليلعب ذلك، وإلا في الواقع –في العصر الجاهلي– قد نعتبر الصعاليك مثلا مصلحين اجتماعيين ساروا وتمردوا على المجتمع.. نعم لكن عندما جاء الإسلام جاء وأعطى البديل السماوي للمشكلات الاجتماعية، فحل المشكلة، وعندها بطل دور الإصلاح الاجتماعي السابق. القضية الأخرى التي كنت أودها أن النقاش –أصلا– ركز عليها وسار مسارها. هي مسؤولية المثقف السعودي.. لا أتفق مع الدكتور مدني علاقي على أنه ليس هناك مثقف في العالم العربي ولا في العالم، لأنه متى ما كان هناك ثقافة.. فهناك مثقف.. ومن هنا كنت أود أن تعريف المثقف قد سار مسارا آخر، بدأ بتعريف الثقافة أولا إذا قررنا وأكدنا أن هناك ثقافة فبالتالي سيكون هناك مثقف أو سيكون هناك مثقفون. الثقافة بكل تأكيد هي المحصل الفكري والاجتماعي لكل أمة.. يشمل آدابها.. فنونها.. تاريخها، عاداتها.. تقاليدها بما في ذلك اللباس.. فكل من وعي ذلك المحصل الفكري والاجتماعي للأمة فهو مثقف. ومن هنا سيكون لدينا مثقف عربي، ويكون لدينا مثقف، إنسان مثقف يعيش في هذا البلد الذي يدعى المملكة العربية السعودية) وبما أن هذه الندوة كانت المحاور في جلها متعاكسة فقد حفلت بعدة تعليقات صحافية سجلت في هذه المجموعة فجاء التعقيب: (استدعى انتباهي وأنا أحضر ندوة “المثقف السعودي” ما له وما عليه والتي نظمها النادي الأدبي الثقافي بجدة.. ذلك الاختلاف في تعريف المثقف. والذي ذهب البعض إلى القول بأنه ليس هناك مثقف سعودي ولا عربي.. وذهب البعض إلى القول بأنه لا يوجد مثقف في هذا العالم وإنما يوجد شعوب مثقفة عندما يتوفر فيها مجموعة من المتخصصين كالمهندسين والأطباء الأدباء) كتبه / حسن إبراهيم عتيق – أخبار الجامعة – العدد السابع 15/5/1431ه. محمد سالم كلثوم علق على الندوة من جانبه فقال: (... ولقد أسعدني الحظ عندما حضرت حوارية المثقف السعودي ما له وما عليه وأرى خلاصة القول في أن الثقافة معرفة والمعرفة هي أن نأخذ من كل شيء بطرف: أي أن يعرف المثقف شيئا عن كل شيء لأن الثقافة وبدون شك هي: شيوع المعرفة.. يقولون في أمريكا على لسان رجل الشارع: المثقفون يدسون رؤوسهم في أي شيء وفي اليابان: أن المثقفين شر لابد منه..) جريدة الندوة العدد (6754) الاثنين 17/ جمادى الآخرة / 14.1ه أما الأستاذ محمد عمر العامودي فيقول في زاويته في جريدة المدينة (حديث الأربعاء): (.. ولكن الذين اشتركوا في مناقشة هذا الموضوع أرادوا أن يكون النقاش بيزنطيا، يجادل في الدجاجة والبيضة أيتها أصل الأخرى، وخرجوا في النهاية بنتيجة تقول: لا يوجد مثقفون في عالمنا العربي، بل إن أحدهم ببساطة نفى هذا الوجود في العالم كله... فهل يستقيم أن نعقد ندوة لبحث حقوق وواجبات المثقف والمثقف غير موجود؟ لقد أجهزوا على موضوع الندوة برفض القضية من حيث الشكل، وبات الحديث في الواجبات والحقوق غير منتج لانعدام المحل وهو المثقف، ولم يكن من المعقول أن يتصدى جماعة يقرون علنا وهم بكامل وعيهم وإدراكهم، أنهم ليسوا من المثقفين لقضايا الثقافة والمثقفين، ففاقد الشيء لا يعطيه طبقًا لمنطق القاعدة العامة في الفقه الإسلامي) جريدة المدينة العدد 5164) الأربعاء 12/جمادى الآخرة 14.1ه وبهذا التعليق اللطيف أنهي الجولة الثقافية الأولى في المجموعة الثانية من سلسلة المحاضرات.