ا من اجل الحكم الصحيح و المنصف على أي قضية يجب دراستها من جميع جوانبها بتجرد و موضوعية و من جملة هذه القضايا طوفان الأربعاء بجدة الذي حصل حوله الكثير من اللغط و اعرض وجهة نظري عما حدث : أ- توقيت حصول الطوفان : حصل هذا السيل يوم الأربعاء الثامن من ذي الحجة 1430 أي يوم التروية من ايام الحج و في موسم الحج تستنفر الحكومة السعودية بجميع إمكانياتها لخدمة الحجيج و تنظيم امورهم حتى يؤدوا هذه العبادة العظيمة بيسر و سهولة و هذا يؤدي إلى وجود خلل و فراغ في بعض النواحي الخدمية و غيرها في بقية المناطق و هذا يدخل في باب العناية الخاصة التي توليها الحكومة السعودية لخدمة الاسلام و المسلمين و في باب الايثار فهي تقدم خدمة ضيوف الرحمن و الحفاظ على امنهم و رعاية شؤونهم على نفسها و هذا ما حصل في طوفان جدة من وجود خلل في بعض النواحي اثناء الطوفان. و كذلك حصل هذا الطوفان بعد انعقاد قمة المناخ التي تناقش موضوع الاحتباس الحراري و ما يتسبب به من كوارث و اخطار على البشرية جمعاء و من جملة هذه الأخطار حصول هذه الفيضانات و السيول و الأعاصير التي لم تكن معروفة من قبل و بالتالي لم يتم اخذ الحيطة و الحذر منها و التي تتسبب بها الدول الصناعية ب- الموقع الذي حصل فيه الطوفان : تقع مدينة جدة على البحر و على مسار عدة اودية و التي تتجمع فيها السيول لتصب في البحر و اغلب مجاري هذه السيول مجهزة و مكساة بالخرسانة و الاحياء التي حصل فيها الضرر الأكبر و هي الأحياء الجنوبية الشرقية من جدة تقع على مسار تجمع عدة اودية و في هذه الأحياء يوجد مجرى سيل مجهز و تربتها من النوع السيء و المياه السطحية قريبة من سطح الأرض ففي بعض الأماكن لا تتجاوز المتر و هناك بعض الشوارع ميلها عكس الميل الطبيعي أي باتجاه البحر و هذه تسبب مشكلة في تصريفها تعتبر مدينة جدة بوابة الحرمين الشريفين و بسسبب قربها من الحرمين الشريفين فهي ملاذ لكثير من المتخلفين عن الحج و العمرة و منذ عشرات السنين و هذه احد اسباب انتشار العشوائيات في جدة تنمو مدينة جدة بشكل كبير فقد تضاعف حجمها عدة مرات خلا ل العقود الماضية فالأحياء العشوائية التي تضررت كثيرا من السيل كانت منذ فترة خارج مدينة جدة و الآن اصبحت ضمنها ج- الطوفان نفسه : إن غزارة السيل الذي حدث لم يشاهد على الأقل منذ اربعين سنة فارتفاع الماء وصل في بعض الأمكنة لأكثر من ثلاثة امتار و هذا ما ادى إلى تواجد ثلاثة سيارات فوق بعضها و قد حفر السيل في الأرض في بعض الأمكنة اكثر من ثلاثة امتار و ردم في امكنة أخرى تقريبا مثل ذلك و قد جرف حواجز اسمنتية تزن بالاطنان و قلب سور الجامعة و خرب اجزاء من طريق الحرمين المنفذين و فق المعايير و المواصفات الهندسية و تسبب باضرار لجامعة الملك عبد العزيز المنفذة وفق اعلى المعايير الهندسية - و اعرف ذلك عن قرب- و بها شبكة تصريف امطار و غير ذلك من المتطلبات اما القول بأن غزارة الأمطار التي هطلت على جدة في ذلك اليوم لم تكن بهذا الحجم الذي يتسبب بهذه الكارثة فصحيح و إنني قلت مثل ذلك للوهلة الأولى و لكنني بعد أن ذهبت إلى موقع الكارثة و صدمت بحجم الدمار الحاصل و بعد أن اطلعت على بعض صور هذا السيل الرهيب و استمعت إلى تقرير هيئة الأرصاد حول حجم الأمطار التي هطلت في ذلك اليوم و التي لا تشير إلى هذه الكمية التي تتسبب بهذه الكارثة فوقعت في حيرة لوجود تناقض في هذه المعطيات و علمت أن هناك حلقة مفقودة في هذه القضية فبحثت عن هذه الحلقة المفقودة فتوصلت إلى التالي: هناك ظاهرة في جدة شاهدتها اكثر من مرة و هو هطول امطار في بعض الأحياء و في البعض الآخر لم تهطل ابدا أو تهطل في بعض الأحياء أكثر من أحياء أخرى و الأرصاد الجوية تضع اجهزة القياس في مكان محدد من جدة فمن خلال الظاهرة التي ذكرتها سابقاً فإن معطيات مقياس المطر لا يمثل الكمية الفعلية التي هطلت على كامل محافظة جدة و بالتالي فإن الحل المنطقي لهذا اللغز من وجهة نظري هو هطول امطار بغزارة عالية على الأطراف الجنوبية الشرقية من جدة - حيث لا توجد اجهزة القياس - وهي منطقة تجمع عدة أودية فتجمعت هذه الأمطار و شكلت هذا السيل الجارف و دخلت جدة من خلال هذه الأحياء التي تضررت كثيراً و اؤكد مرة اخرى بأن في هذه المنطقة مجرى سيل مجهز. و للموضوع تتمة سيتم نشرها لا حقاً إن شاء الله. الغثاء الذي حمله طوفان الأربعاء بجدة إن من الغثاء الذي حمله هذا السيل هو الآتي : - هذه الضجة الاعلامية الغير مبررة و الطريقة التي تناولت بها اغلب وسائل الاعلام هذا الخبر : نعم إن حياة الانسان غالية و لا تقدر بثمن و لكننا نؤمن بقضاء الله و قدره و إن ما حدث يحدث في معظم دول العالم و في اكثرها تقدما و غنى مثل امريكا كما حصل منذ سنتين الاعصار الذي دمر ولاية باكملها و مثل ما حصل في تسونامي و غير ذلك ففي اغلب هذه الكوارث يتم تناول الخبر خلال يوم او ثلاثة ايام و ينتهي الأمر و لا يتم نشر هذا الكم الهائل من الصور و يتم نشر الخبر بعين الرحمة و الدعوة لمساعدة المنكوبين و المتضررين بينما في كارثة جدة لا تزال إلى الآن بعض وسائل الاعلام و مواقع الانترنت تتناول هذا الأمر و لكن بعين الفضح و تحميل المسؤولية و القاء اللوم و التهم جزافاً و الدافع لهذا احد الأسباب التالية: 1- البساطة و السطحية التي تتمتع بها بعض وسائل الاعلام السعودية 2- الرغبة في السبق الصحفي او نقل الخبر فيتم نشر ما هب و دب دون تحقق و دون شعور بالمسؤلية بالاضرار التي يتسبب بها هذا النشر و دون مراعاة الخوف من الله الذي سوف يحاسبنا عن كل ما نتكلم به و ننشره فالكلام ليس ببلاش كما يتصوره البعض و هذه ازمة نعيشها و تستحق موضوع مستقل 3- الرغبة الشديدة في الشهرة فيتم الانسياق وراء عواطف الناس التي ترغب بالمثير و تعشق اللوم و النقد و القاء التهم و نشر الاشعاعات و الفضائح و هذه مشكلة خطيرة تستحق موضوع مستقل 4- الشره في الربح المادي السريع 5- الاستخدام السلبي لبعض و سائل الاعلام السعودية للحرية التي تتمتع بها 6- التشويه الممنهج لسمعة السعودية و باسلوب خبيث و خفي الذي تقوم به بعض و سائل الاعلام العالمية و الاقليمية و التي تعمل لصالح جهات معادية للإسلام و العرب . 7- و قوع بعض وسائل الاعلام العربية و الاسلامية كضحية و عن حسن نية في شبك هذا الاعلام المعادي و الممنهج. 8- وقوع بعض وسائل الاعلام السعودية في مصيدة جهات تضررت مصالحها سابقاً و تريد استغلال هذه الكارثة لتصفية حساباتها من الجهات الحكومية التي تسببت لها بهذا الضرر على حساب المصلحة العليا للوطن. - الغمز و اللمز في السعودية الذي يقوم به البعض من غير السعوديين : البعض من غير السعوديين و الذين وقعوا ضحية هذا الاعلام الممنهج و المعادي للسعودية و منهجها وجدوا هذه الكارثة مرتعاً خصباً لهم للطعن في عرضها متناسين او متجاهلين ان السعودية مدت يد المساعدة لجميع الدول التي حلت بها كوارث من هذا النوع و لم يشمت السعوديون بهذه الكوارث التي حلت بهم بل تعاطفوا معهم و ساعدوهم ماديا و معنويا متناسين او متجاهلين ان مثل هذه الكوارث حصلت في كثير من الدول العربية و الاسلامية مع الفارق الكبير بينها وبين كارثة جدة لأنها حصلت باخطاء فنية واهمال في مراعاة الأمن و السلامة و ذهب ضحيتها اضعاف ما ذهب في كارثة جدة مثل انهيار السدود و غرق العبارات و الزلازل و حوادث الطرق و سكك الحديد المريعة و السيول و الفيضانات و غير ذلك . و اخص بالذكر الذين يبصقون في الإناء الذي يلعقون منه و اذكرهم بأن من اخلاقنا الاسلامية و العربية الأصيلة عدم الشماتة بمن تحل به مصيبة و تقديم العزاء للمصابين و المتضررين و تقديم المساعدة قدر المستطاع لهم . - الحديث حول مشاريع الصرف الصحي بجدة : هذه المشاريع التي يتم اثارتها الآن لا علاقة لها بهذا السيل و لا تخدمه فهل من المنطق ان تستوعب شبكة صرف صحي او مطري هذا النهر الجارف فلو كانت موجودة لسدت من هذه الأتربة و المخلفات و وجب تجدديها فمشكلة الصرف الصحي شئ و مشكلة السيل الذي حدث شئ آخر و إنني لا أبرأ و لا أدين أمانة جدة او المقاولين فهذا من اختصاص لجنة التحقيق التي تم تشكيلها . و لكنني اود ان اشير إلى امور يمكن أن تلعب الدور الأكبر في هذه المشكلة من حيث البدء بالمشروع و التأخير في التنفيذ و هي الطبيعة الجغرافية و الجيولوجية و التطور العمراني السريع لمدينة جدة فليس من السهولة التي يتصورها البعض تنفيذ هكذا مشاريع عملاقة في مدينة كبيرة و حيوية و مكتظة فهناك مشاكل و عقبات كثيرة تعترضها مثل انهيارات التربة و معالجة المياه السطحية و مياه الأمطار وخطوط الكهرباء و الهاتف و الماء و تنظيم السير و الاختناقات المرورية بالإضافة الى المشاكل الهندسية و الفنية و المالية التي تظهر اثناء التنفيذ و تحتاج للبت فيها من قبل جهات مختلفة فهي تحتاج لتنسيق مع جميع الجهات الحكومية. - الحديث حول الأحياء العشوائية و البناء في الأودية بجدة: إن هذه المشكلة هي مشكلة عالمية و تعاني منها معظم دول العالم بما فيها الدول المتقدمة و لها اسبابها و مسبباتها والذي تسبب بزيادة نسبة هذه المشكلة بجدة دون مدن المملكة هو قربها من الحرمين الشريفين فهي ملاذ لكثير من المتخلفين عن الحج و العمرة و منذ عشرات السنين و استطيع ان اؤكد أن نسبة هذه العشوائيات في دول الخليج هي الأقل عربياً و من اكثرها خدمة - الحديث حول الفساد الاداري في الجهات الحكومية: إنني لا انفي و جود فساد في بعض المؤسسات الحكومية و لكنني استطيع أن اؤكد انه الأقل عربيا بفضل تحكيم و تعظيم شرع الله في هذا البلد المبارك و الذي يولد مخافة الله في قلوب الناس. و إن كثير من الأخطاء تحدث بدافع الرحمة التي يتميز المواطن السعودي و التي يتم توظيفها بشكل سلبي من قبل بعض الموظفين التابعين لجهات حكومية مختصة بمنع التعديات و العشوائيات و غير ذلك من الأمور التنظيمية فهناك الكثير من المشاريع يتم تأجيلها بدافع ضخ و تحريك الأموال و تحقيق المصلحة لبعض فئات الشعب مثل تأجير الممتلكات للجهات الحكومية أو الخاصة و غير ذلك. - الحديث حول المشاريع المتعثرة أو التي لم تنفذ او التي تحدث بها اخطاء : إن السعودية لا تزال تصنف ضمن الدول النامية فهي تعاني ما تعانيه بقية الدول النامية من مشاكل و لكنني استطيع أن اقول إن السعودية لديها إرادة حقيقية في التطور و النهوض و التنمية و تلافي الأخطاء و هي تسعى و تسابق على العالمية و ليس على الإقليمية فقط و بسبب ضخامة المشاريع التنموية و كثرتها التي تم طرحها في السنوات الأخيرة و التي تفوق طاقتها من وجهة نظري تسببت بهذه المشاكل التي يتم الحديث عنها فالمشاريع بحاجة لجهات مختصة تديرها إداريا و فنياً و إقتصاياً فالعبئ الكبير على هذه الجهات يؤدي إلى حدوث بعض الخلل و كذلك تنفيذ هذه المشاريع بحاجة إلى شركات و مؤسسات كبيرة تمتلك كوادر فنية و إدارية و يد عاملة مدربة و سوق العمل في السعودية لا يستوعب هذا الكم الهائل من المشاريع العامة و الخاصة . و كذلك بسبب توجهات السعودية العربية و الاسلامية و الانسانية و بسبب قلة التكاليف ايضاً يتم استقدام عمالة غير مؤهلة من الدول النامية تسهم في تفاقم هذه المشكلة و هناك أولويات في عملية التنمية فعلى سبيل المثال ليس من الحكمة عمل حماية لجدة من اخطار البحر المتوقعة بسبب الاحتباس الحراري و هي لا تزال بحاجة إلى المزيد من الخدمات مثل الكهرباء و المدارس و الطرق و الكباري و الصرف و الماء و الذي تزيد الحاجة إليها بسسب الانفجار السكاني و كذلك إن أي مخططات أو حلول يتم طرحها يتم بناءً على دراسات و إحصاءات لسنوات محددة و إلا فلو بنيت على توقعات أو حوادث وقعت منذ زمن بعيد لوجب على سبيل المثال اخلاء معظم مدن العالم بسسبب طوفان نوح عليه السلام و إخلاء معظم احياء مكةالمكرمة و ثلث جدة بناء على سيول حدثت من مئات السنين . خلاصة القول حول مأساة الأربعاء بجدة الآيات و الأحاديث التي تنهى عن الغيبة و إشاعة الفاحشة و القذف دون بينة كثيرة و الأغلب يعلمها و القاعدة القضائية تقول : تبرئة مائة متهم خير من اتهام برئ و كذلك المتهم برئ حتى تثبت إدانته و من وجهة نظري إن قرار خادم الحرمين الشريفين الحكيم بتعويض المتضررين (مليون ريال للشهيد بالإضافة إلى الأضرار في الممتلكات و إسكان المتضررين في شقق مفروشة حتى يتم تأهيل منازلهم ) و تشكيل لجنة تحقيق من احد أهدافه إيقاف هذا اللغط و القيل و القال الذي ضره اكبر من نفعه فالأمر صار موكلا لهذه اللجنة المتخصصة فمن الالتفاف حوله الكف عن هذا لأنه يسئ إلى سمعة السعودية في الخارج و يضعف الحس الوطني في الداخل و المصلحة العليا للوطن يجب أن تقدم على المصالح الخاصة و خاصة في هذه الظروف الحساسة و من الأفضل التركيز على مساعدة المتضررين فهذا يفيدهم أكثر من الكلام . و إن ما أقوله ليس اختراعاً و لكنه من البديهيات فعندما يرى عاقل نهراً جارياً من الجهة الشرقية فورا يتبادر إلى ذهنه بأنه يوجد في هذه الجهة إما نبعاً أو أمطارا غزيرة هطلت في هذه الجهة و لا يتبادر إلى ذهنه بأن هذا النهر يمكن أن تستوعبه شبكة صرف صحي فإذا جاء من يقول له لا ليس هذا صحيحاً بل السبب ماسورة مكسورة في الجهة الغربية و المسئول عن ذلك البلدية الفاسدة و غير ذلك من الكلام. فبربكم ما دخل هذه بتلك و غالب ما يتم طرحه بعيداُ كل البعد عن مأساة السيل و لكن رب ضارة نافعة و أظن أن هذه الكارثة ستكون مفصلاً في تاريخ المملكة الحديث حيث ستصحح الكثير من الأمور إن شاء الله و لا أدرى من أين أتى هذا التصور بأن السعودية هي الدولة الوحيدة التي تمتلك الأموال و عليها ألا تخطئ بدا و لا يجوز تشبيهها بدول العالم علماً بان ميزانية بلدية بعض المدن الغربية تعادل ميزانية الدول العربية بجمعها و لا ادري لماذا لا يجوز تشبيه كارثة جدة بباقي الكوارث الطبيعية مثل فيضانات باكستان و استراليا و الصين و البرازيل ؟؟؟؟ فكارثة جدة تسببت بها أمطار لم يحدث مثلها على المدى القريب حتى يتم اخذ الحيطة و الحذر منها فليس لدي معلومات بأنه توجد أجهزة تستطيع أن تتنبأ بالكميات الفعلية للأمطار التي سوف تهطل و مكان هطولها بشكل دقيق و إذا كانت موجودة فهل تمتلكها هيئة الأرصاد في بلد صحراوي و لكنني أستطيع أن أقول بأنه لا يوجد مواطن وصل لأعلى حد من الانحلال الخلقي يعلم بأنه سوف تحصل كارثة تحصد أرواح المئات و تتسبب بأضرار كبيرة في الممتلكات و لا يبلغ عن ذلك فيجب أن نحسن الظن يبعضنا و كذلك الإعصار الذي تسبب بتدمير ولاية أمريكية كان بفعل رياح قوية شكلت أمواج ضخمة ضربت المدن الساحلية و أغرقتها و كان يمكن عمل مصدات حماية و هي تمتلك إحصاءات لمئات السنين و عندها مراكز رصد و تنبؤ متطورة بينما الدول النامية تمتلك إحصاءات لعدة سنوات و بعضها لا يمتلك و كذلك الزلزال الذي حدث في إيران منذ فترة قريبة - والتي تدعي الادعاءات و تعرض الاختراعات- و ذهب ضحيته بحدود خمسين ألف قتيل لم يتم نشر هذا الكم الهائل من الصور و لم تثر هذه الضجة الإعلامية رغم أن الزلازل يمكن الاحتراز منها الآن في التقنيات الحديثة و عظم الخسائر في إيران يدل على أن المباني لا يراعى فيها المعايير الهندسية اللازمة و إجراءات السلامة رغم أنها تقع على خط زلزالي و لا ندري هل تم تعويض المتضررين أم لا ؟؟ و إذا تم تعويضهم فكم سنة سوف تستغرق الإجراءات ؟؟؟ بينما في السعودية في زلزال العيص منذ عدة اشهر اتخذت كافة الاجراءت الاحترازية لسلامة السكان و على نفقة الدولة لأن ذلك يقع ضمن الممكن بينما في كارثة جدة لم يحدث هذا من قبل ليتم الاحتراز منه و عندي الكثير لأقوله و لكن نهجي في الكتابة أن ابتعد قدر المستطاع عن التخصيص حتى لا تثار النعرات و اكتفي بالإشارات فأقول باختصار و عن دراية و علم لو علم السعوديون حقيقة ما يدور في المجتمعات التي حولهم لشكروا الله صباح مساء على ما خصهم من نعم و خاصة هذه القيادة التي تنتهج الكتاب و السنة و أؤكد لكم بأنني اعرف جيدا ماذا يدور في هذا المجتمع و لذلك اكتب هذه المقالات ظناً مني بأن هذا هو الأسلوب الأمثل للإصلاح و أحسب و لا أزكي على الله أحد بأن هذا البلد المبارك هو الأقل فساداً في المنطقة لأنه يحكم بشريعة الله التي تولد مخافة الله في القلوب و كما يقال ( من يخاف الله لا تخاف منه ) . لأن هناك بلدان عربية يتم هدر طاقاتها و لا يبقى سوى الفتات للشعب فلو حدث هذا السيل في بلد عربي آخر- لا سمح الله - لكانت كارثة بكل ما تعنيه الكلمة ومن يقرأ هذا المقال من الأخوة العرب يعرف ذلك جيداً فعلى سبيل المثال هناك طرق في بعض البلدان العربية من زمن الاحتلال و عندما يراد تجديدها فطريق لا يتجاوز طوله عشرات الكيلومترات يستغرق إنشاؤه أكثر من عشر سنوات و يذهب ضحية إنشاؤه أضعاف كارثة جدة بسبب عدم مراعاة الأمن و السلامة و دون تعويضات بل و يدفع صاحب المصيبة حتى تنتهي إجراءاته الرسمية و حدثني من أثق بكلامه بأنه حصل حريق لممتلكات مستثمر في بلد عربي فوصلت سيارات الإطفاء من بلد ذلك المستثمر قبل سيارات الإطفاء من هذا البلد و التي حضرت اغلبها لا تصلح للاستعمال و يجب تنسيقها. علماً بأنه في أغلب الدول العربية يتم اخذ كلفة الإسفلت و الصرف الصحي و الأرصفة من المواطنين رغم إمكانياتهم المتواضعة بينما في السعودية على نفقة الدولة. و لو كان النقد الغير منضبط يجدي لكانت الدول العربية في مقدمة الدول المتقدمة فالكل يشك في الكل و الكل ينتقد الكل و القليل من يعمل لمصلحة الكل و هناك معيار سهل يتم من خلاله تقييم البلدان ومعرفة مستواهم في جميع نواحي الحياة هو الأجهزة الأمنية فإذا كانت الأجهزة الأمنية فاسدة و ظالمة فاعلم أن جميع نواحي الحياة كذلك و العكس بالعكس و احسب أن الأجهزة الأمنية السعودية من أفضل الأجهزة في العالم و السعودية بلد مستهدف من الأعداء لأنها تضم مقدسات المسلمين و تحكم بالكتاب و السنة و بالتالي فالدفاع عن سمعتها يدخل في باب الدفاع عن المقدسات و عن شريعة الله و هذا ما أقوم به فعلى سبيل المثال قامت إحدى القنوات الفضائية المعروفة و التي يشاهدها عشرات الملايين في العالم و بعد أكثر من عشرين يوما من الحادثة بعرض الصور المؤثرة عن الطوفان و ختمتها ببضع كلمات عن سبب الكارثة و هي عدم وجود صرف صحي و قلة الخدمات المقدمة للمتضررين فهذا المشهد يعطي أسوأ انطباع عن السعودية في الداخل و الخارج و من جملتها الاستهانة بحياة الناس علما بأن السعودية من أكثر الدول اهتماما بحياة الإنسان و كرامته و أقول ذلك بكل ثقة و عندي الأدلة و سوف انشرها بموضوع مستقل لأن العاطفة تثار بعد عرض هذه الصور المروعة و هنا يخمد دور العقل فلا يحلل و لا يفكر و يأخذ هذه الكلمات التي ختم بها المقطع الإخباري كما هي و التي هي الهدف من نشر الخبر بهذه الطريقة و إلا كيف يتقبل العقل أن شبكة صرف صحي أو مطري تستوعب هذا النهر و لاحظوا الفرق بين التغطية الإعلامية لكارثة هايتي و الفيضانات في الصين و باكستان و البرازيل و استراليا و بين مأساة جدة فهل يتم توجيه اللوم إلى حكومات تلك الدول لعدم اخذ إجراءات اللازمة و لاحظوا الإعلام كيف يركز على استدرار العواطف لتقديم مساعدات للمتضررين بينما في مأساة جدة الأمر مختلف تماما و الامطار التي سقطت على جدة يوم الاربعاء 22/2/1432 تفوق كمية الامطار التي هطلت العام الماضي و نتيجة الاجراءات و الجهود الكبيرة التي بذلتها الحكومة مشكورة خلال العام الماضي و التي تضاهي الدول المتقدمة - من وجهة نظري- ساهمت الى حد كبير في تخفيف الاضرار بفضل الله و هناك مبالغة كبيرة في حجم الاضرار التي حصلت هذا العام فالاضرار هذا العام لا يمكن مقارنتها بالاضرار التي حصلت العام الماضي و ان الحل الجذري لهذه المشكلة الطارئة بسبب تغيرات المناخ في العالم و التي لم تكن موجودة من قبل يحتاج لاعوام و لمبالغ طائلة و ان مثل هذه الامور تحدث في الدول المتقدمة مثل امريكا و الصين و استراليا و البرازيل و الهند و لو ان ما حدث جرى في أي دولة اسلامية اخرى لكانت كارثة بكل ما تعنيه الكلمة و الوافدون يعرفون معنى كلامي جيدا - و اود ان اسال هؤلاء الذين يثيرون هذه الضجة و اتمنى ان يجيببوني عليها بصراحة و وضوح : - هل كانت نظرتكم ايجابية عن الحكومة السعودية قبل هذا الطوفان و تغيرت بعده ام كانت سلبية كما هي الآن ؟؟؟؟ و يموت سنويا بسبب الحوادث المئات و تتلف ممتلكات بالمليارات و اضعاف ضحايا الطوفان و اغلبها نتيجة اخطاء شخصية من الشعب في القيادة فلا تكاد تخلوا عائلة من هذه الحوادث المميتة فهل غيرتكم على حياة هؤلا ء بنفس المستوى فتعبرون عن سخطكم من تصرف بعض افراد الشعب بطريقة غير مسؤولة ام تقولون قضاء و قدر و تحتسبون ؟؟ و لماذا لا ارى مئات المواضيع التي تنتقد تصرف هؤلاء الشباب الطائش في القيادة حرصا على ارواحهم ؟؟؟ و المخدرات تتسبب بمآسي تفوق باضعاف ماساة جدة فلماذا لا ارى هذه الاقلام الحريصة على ارواح و عقول هؤلاء الشباب تكتب و تحذر و تنذر ؟؟؟ و ارجوا أن تقرؤوا جميع مواضيعي حتى تعرفوا توجهاتي و أهدافي و في الحقيقة ليست غايتي المدح لذاته أو الدفاع عن جهة معينة فلست شاعراً و لا محامياً و مهنتي الهندسة أي أن هذه المأساة تقع ضمن تخصصي و لكن غايتي الدعوة لمنهج تم تطبيقه بشكل عملي من قبل الممدوح و اثبت نجاحاً و أعطى نتائج ايجابية ملموسة و في هذا خير للأمة و العالم اجمع . و كذلك القيام بواجب الجهاد الفكري ضد الغزو الثقافي الخطير الذي تتعرض له السعودية و الذي نجح مؤخراً باختراق هذا الحصن الذي ظل مستعصياً طيلة الفترة الماضية. و كذلك دعوة الشباب السعودي الذين وقعوا ضحية هذا الغزو فانحرفوا عن جادة الصواب لكي يعيدوا حساباتهم حتى لا يكونوا سبباً لنزول المكروه بالمجتمع السعودي و زوال هذه النعم عنه . و كذلك دعوة غير السعوديين الذين وقعوا ضحية التشويه لسمعة السعودية و الذين لا هم لهم سوى الطعن في السعودية حكومةً و شعباً بشكل عام أن يكفوا عن ذلك احتراما لمقدساتهم لأن هذا يضعف الحمية على المقدسات فيؤدي إلى طمع الأعداء في بلاد الحرمين. 1 1