ما حدث في مدينة جدة يوم الثامن من الشهر الجاري «ذي الحجة» سمي كارثة، وسمي فاجعة، ومصيبة، ومصابا، ومأساة، وغضبا، ونكبة. ولعل التسمية التي أراها أكثر وقعا وأشد تأثيرا هي «الطوفان» هذا الطوفان الذي زلزل الأرض، ودمر المساكن، وأزهق الأرواح، لم يكن مصدره الأساسي الأمطار التي هطلت في ذلك اليوم، فمع التسليم بكثافة تلك الأمطار على جدة.. إلا أنها كانت قد هطلت في مناطق عدة «غير جدة» هي التي أسهمت حقيقة بنسبة أكبر في إحداث السيل المنهمر الذي اجتاح جدة. إن جدة موقع لالتقاء مجموعة من الأودية من جهة الشرق، لذلك فقد انحدرت السيول شرقا من الجبال والأودية من خارج جدة.. كأودية: (الجموم، والزيماء، والنعمان، وحدة) والتي سالت مياهها متجهة غربا إلى جدة.. لم يكن دور الأمطار فيها إلا عاملا مساعدا (وليس أساسيا) أقل قوة من السيول من الجبال والوديان الشرقيةلجدة. إذن.. فطوفان جدة الذي تكبر وتجبر.. ليس بسبب هطول الأمطار بل لأن مياهه العاتية عتت من خارج جدة، فبدل أن تستقبله المسارات المخصصة لمجاريه استقبلته المساكن التي أعاقت حركته، فانتقم منها شر انتقام، ولم يهدأ إلا بعد أن جرف الحجر والبشر، وخلف الخراب والدمار. وهنا تطرح مجموعة من الأسئلة الحائرة تأبى إلا أن تطل علينا.. لتتبين حقيقة أبعاد الطوفان، وتتحدد المسؤولية عن ما أحدثه اكتساحه لمساكنجدةالشرقية وسكانها في صورة سيل عرم لم يبق ولم يذر.. أسئلة لا مناص من طرحها: • هل علم المسؤولون عن أمن الطرق بهذه السيول القادمة من الوديان والجبال الشرقية إلى وديان جدة؟.. وهل أعلنوا عن تلك السيول ليأخذ سكان جدة حذرهم فيخلوا من مساكنهم قبل حدوث الطوفان؟ • هل أعلن القائمون على هيئة الأرصاد عبر وسائل الإعلام احتمال هطول الأمطار على السكان في شرق جدة، وأن أمطارا أو سيولا في تلك المناطق البعيدة شرق مدينة جدة قادمة نحوهم؟ • هل نبه الدفاع المدني في أول هطول المطر سكان شرق جدة بالإخلاء سلفا قبل وصول السيل؟.. ذلك أن السيل لم يداهم جدة إلا بعد توقف الأمطار بفترة ليست قصيرة! • هل حقيقة كان مشروع تصريف الأمطار والسيول قد توقف بذريعة أن سقوط الأمطار على جدة غالبا ما يكون خفيفا؟ • ما مصير مبلغ ال (95) مليون ريال التي اعتمدت لأمانة محافظة جدة للصرف على مشاريع تصريف السيول.. في حين لم ينفذ شيء من هذه المشاريع.. أو ربما القليل منها؟ • هل صحيح أن (150) مخططا سكنيا اعتمدتها الأمانة تقع في بطون الأودية ومجاريها؟ • أليس لدى الأمانة الكفاءة والخبرة والمعرفة أن البناء على مجرى السيل يمثل خطورة بالغة على حياة السكان؟ .. وأن الأمر السامي يمنع ذلك؟ • كيف سمحت الأمانة ببناء المساكن في مجاري السيل؟ وكيف تم السكوت على ذلك؟ • هل من الإنصاف أن نلقي المسؤولية على المواطنين والمقيمين الذين منحتهم الأمانة الأرض في مجاري السيل، وأعطتهم التصريح ببناء مساكن عليها؟.. أم نلقي المسؤولية على أولئك الذين اعتدوا على الأراضي وباعوها لمن أدعوا أنهم يملكونها منذ عهد بعيد؟ • هل حقيقة إن جهات أخرى متعددة وافقت على المخططات وعلى البناء.. والمحاكم الشرعية من بينها؟!! • ما مصير الأموال التي بلغت المليارات التي خصصت لمشاريع الصرف الصحي، وتصريف مياه الأمطار والسيول عبر الثلاثين سنة الماضية؟ • ما مصير الدراسات المتكاملة التي أعدت خلال السنوات الماضية لكافة أحياء جدة.. إلى جانب تصاميم لمحطات التنقية تغطي ربع قرن؟ • هل إلى جانب بناء المساكن على مجاري السيل تم ردم بعضها، واستخدم البعض منها لرمي النفايات (على عينك يا تاجر) لتكون حصيلتها عرقلة مسير السيل في مجاريه الطبيعية؟ • هل نجرؤ فنسمي هذه العقارات «عشوائيات».. إذا كانت قد أدخلت إليها الكهرباء والماء والتليفونات بإذن وموافقة وإعداد وتركيب الجهات المسؤولة عن تلك الخدمات؟ • هل خططت تلك المناطق المنكوبة رسميا من قبل تخطيط المدن؟ • هل يا ترى حقيقة ما قيل إن بعض غرف التفتيش الخاصة بالصرف الصحي لم تكن إلا أربعة أنابيب يتجه كل أنبوب منها إلى جهة من الجهات الأربع، وطول الأنبوب لا يتعدى مترا واحدا أو أكثر قليلا، وكل من كشف غطاء الغرفة وقد بنيت على أعلى أرضها الأنابيب الأربعة لإيهام المراقب أنها متصلة بأنابيب وغرف التفتيش الأخرى؟!!.. هل هذا حقيقة أم تراه «إشاعة» وخيالا؟! وبعد... فهذه أسئلة حائرة.. من يا ترى يمكنه أن يجيب عليها بشفافية ونزاهة.. ليتحقق الانطلاق منها نحو حل جذري ليعالج مشكلة طالما أرقت المواطنين والمقيمين على حد سواء.. مشكلة مجاري السيل، وتمديدات الصرف الصحي، على أسس سليمة يعاد بها تخطيط مدينة جدة بما يتوافق وأفضل المعايير والمقاييس الدولية المتعارف عليها؟؟. للتواصل ارسل رسالة نصية sms إلى الرقم 88548 الاتصالات أو الرقم 636250 موبايلي أو الرقم 737701 زين تبدأ بالرمز 256 مسافة ثم الرسالة