تطايرت من عين شيطانية إنسية شرارة متأججة بوقود الحقد و لسانها سياط الغدر . لم أكن اعلم بنواياها و كم كنت اجهلها . و فجأة سقط شهاب ثاقب على أثرها لينقض عليها و لكن هيهات له ذلك فلقد تفلت و تملصت منه و نجت بيسر و سهولة لأنها ليست جنية و فُجرت المدينة السكنية . بل رشقت من أعلى الحصن العظيم ذو القوة و المتانة عَنْزَةُ مسمومة و اخترقت بنيته الجسدية . بدأ السم الزعاف كالسارق المحترف يتلصص خلف أبواب الأعضاء و نوافذها . يدرس المكان و يتفحصه بعناية ثم يسلبه بنهم . هاهو يسيطر على تجاويف العقل فيسبب له : الدوار " الصداع " و ضعف الذاكرة ثم النسيان . يتوغل مفعوله شيئاً فشيئاً بين بصيلات الشعر و فروة الرأس كعذول بينهما فيثير الفتنة و الضغينة حتى تنعدم الثقة و ينتهي الارتباط بفاجعة مميتة و نتيجة قاتلة فراق أزلي للأبد و الضحية الشعر . و تستمر الآلام تدريجياً من هامة الرأس نزولاً إلى محط النظر " العين " و جيد المها . ثم يضع قواعده لكي يتمركز في مكان استراتيجي هام يستطيع من خلاله مباشرة هيلمانه و جبروته ثم السيطرة و الاحتلال . صال و جال حتى توقف فجأة و مكث يطل على مشارف الجثة و ضواحيها لاكتشاف المكان جيداً . أواه لقد عثر على ضالته أخيراً . فتح الخريطة المرسومة في مخيلته و المثبتة في ذاكرته ثم وضع نقطتين كحدود للارتكاز واحدة في أعلى الأكتاف و الأخرى في أسفل الظهر مع توصيلهما بخط مستقيم يسمى العمود الفقري القابع في المنتصف و أنشأ عليه مخيما كقاعدة عسكرية لمراقبة الأوضاع و معرفة الاحداث . ليس هذا فحسب بل شرع في الزيارات الميدانية ..لا بل بعض المواعيد المرضية ..لا .. الحقيقة أنها بعض مواد البناء كالمطارق التي تدك المفاصل دكاً للتأكد من سلامتها باعتبار انها مسامير صدئة . رباه ..رباه ..أغثني ما عدت أقوى على احتمال الألم . رباه ..إليك ..أشكو ضعفي و قلة حيلتي يا من خلقتني من العدم . هي أفعى غرزت " أنيابها تلثم لحماً و تذيب ريقاً بالدم امتزج في وريد مكلوم جرحه الغائر الحسد . عشقت ما وهبتني من نعم فأضرمت نار الغيرة و حطبها الأنا ... صوبتني من قمة الرأس لأخمص القدم . الهي .. الشعر كسوة و جمال و فيه ستر يوم الأجل لأعضاء البدن . والله لو بقيت شعره واحدة لاجتزأتها ولجعلها كفني و عشيقة السَّفا .