مع قرب موسم الإجازة الصيفية يفضل بعض الآباء والأمهات -وبدون أسباب منطقية أحياناً- عدم اصطحاب أطفالهم معهم في السفر، وتحديداً حينما تكون الوجهة خارجية، وذلك لعدة أسباب منها صغر سن الأطفال، أو التكاليف المادية المترتبة على سفرهم، أو الخوف عليهم من تغيرات الطقس، أو شقاوتهم الزائدة، إلى جانب رغبة الأب والأم قضاء إجازة خاصة بهما بعيداً عن إزعاج أطفالهم، حيث تتجدد فيها مشاعر وذكريات خاصة. «الرياض» في هذا التحقيق ترصد وتفسر وتحلل قرار عدم اصطحاب الأطفال في السفر، وأسباب ذلك، ومواقف المؤيدين والمعارضين للقرار، كما كان للصغار نصيب في المشاركة لسماع رأيهم. مؤيدون للقرار..ولكن! في البداية قال أحمد الفهيد (معلم في المرحلة المتوسطة): إنه يفضل السفر مع زوجته دون مرافقة أبنائه الثلاثة خلال إجازة فصل الصيف؛ لعدة أسباب يجدها مقنعة من وجهة نظره، فهو يرى أن الإجازة فرصة مناسبة لإرسال أبنائه وحدهم لتعلم اللغة الإنجليزية، وأن من حقه الاستمتاع ببعض الوقت مع زوجته بعيدا عن الأعباء العائلية طيلة العام. أما السيدة جمانة السعيد فقالت: انها استمعت لنصيحة صديقتها بتجربة السفر مع أبنائها الكبار وترك صغارها الثلاثة الذين تتفاوت أعمارهم بين الثماني سنوات واثنتي عشرة سنة في بيت جدتهم التي تحبهم كثيراً حتى يتسنى لها التنزهة براحة دون قيود يحددها وجود الصغار في السفر، وهذا الأمر جعلها تشعر بتأنيب الضمير لشعورها أن ذلك سيخلق نوعاً من الغيرة بين الإخوة فيما بينهم، ورغم ذلك استعدت لتنفيذ النصيحة بتهيئة الصغار لخوض هذه التجربة وذلك بالجلوس معهم لساعات طويلة شرحت خلالها تبريرات حرمانهم من السفر مع تقديم بعض العروض المغرية لهم، وذلك بتلبية كل متطلباتهم قبل موعد السفر مما سيجعلها مطمئنة على مشاعرهم الغاضبة،فقامت بشراء ثلاثة أجهزة كمبيوتر محمول "لاب توب" و جهازي "بلاك بيري" من أحدث الأجهزة المتطورة وبعض الألعاب التقنية،وخلال السفر كانت تقوم بالاتصال بهم بشكل مستمر لتفقدهم ومتابعة أحوالهم خاصة وأن طفلها الصغير تعرض لوعكة صحية ألزمته الفراش لتعود من الإجازة محملة بفواتير هاتفية تجاوزت العشرة آلاف ريال، مما تسبب في إرهاق ميزانيتها وعدم استمتاعها بالإجازة لأنها كانت تتمنى وجودهم في كل مكان كانوا يذهبون اليه. وتقول السيدة مها إبراهيم "معلمة متقاعدة": انها تفضل أن يسافر أبناؤها "عمار وعلي" مع أبناء عمومتهم، وذلك بعد وفاة والدهم؛ لأنها تشعر بضرورة أن يرافقهم عمهم الذي سيحرص عليهم من المشاكل التي يقع فيها الشباب في موسم الإجازات، وبالنسبة لبناتها الأربع فتفضل جلوسهم معها وتقوم بتعويضهم عن السفر بالخروج الى المراكز التجارية وشراء احتياجاتهم من الملابس وإلإكسسوارات. ضياع في مدينة الملاهي وتؤيد السيدة "سامية حمبظاظة" عدم اصطحاب الأطفال للسفر، إلا إذا كان ذلك بدواعي علاجهم في المراكز الصحية المتطورة في الخارج -لا قدر الله-، أما السفر للنزهة فيتطلب ذلك متابعة مشددة عليهم، مما يعني أن الرحلة للاستجمام والراحة ستتحول الى عناء ومراقبة حرصاً على سلامتهم خاصة إذا كانوا أطفالاً صغاراً، وذلك بعد مرورها بتجربة ضياع ابنها "أحمد" ذي الأربع سنوات في مدينة الملاهي بإحدى الدول العربية وغيابه لثلاثة أيام بعيداً عن عينيها مما جعل حادثة ضياع ابنها عظة لكل أفراد عائلتها والتي بسببها حرموا أبناءهم الصغار من السفر للخارج مع أهاليهم. ضرورة سفر الأبناء ويرى طلال الناشري رئيس الخدمة الاجتماعية بمستشفى الملك فهد العام بجدة ضرورة اصطحاب الوالدين لأبنائهما خلال السفر في مواسم الإجازة؛ لأنها تعتبر من العوامل المهمة التي تساعد في تجديد وبناء النشاط لكل أفراد الأسرة، خاصة وأنهم سيكونون متشاركين في اختيارالأماكن المقترحة للنزهة، مشيراً الى أن هناك بعض المناسبات الخاصة بين الزوجين تتطلب تواجدهم دون مرافقة الأبناء. ويؤيد الرأي السابق الأستاذ "زياد غالب" وزوجته "نسرين سمان" اللذان يفضلان السفر وحيدين دون مرافقة ابنهم خالد 10 سنوات، ولارا 5 سنوات، وتركهما في بيت جدتهم والتي تسعد كثيراً بوجودهما معها. يقول زياد: ظروف عملي وزوجتي لا تساعدانا على الالتقاء إلا لفترة قصيرة طيلة اليوم، فظروف الحياة تتطلب مشاركة الزوجين لبناء مستقبل أولادنا، وعندما نشعر بالملل نسافر لمدة أسبوع لاحدى الدول العربية القريبة دون مرافقة أطفالنا الصغار والذين لن يشعروا بمزايا السفر في هذه المرحلة من العمر. رأي الأبناء الشاب "حسن الزهراني" في المرحلة المتوسطة، يقول: إن أمنية السفر مع والدي أصبحت مستحيلة، رغم أن والدي يعمل موظف طيران ويسافر كل عام مع أصدقائه بحجة السفر لحضور بعض الدورات التدريبية، رغم أنني أسمع عن طريق الصدفة ترتيبه للسفر مع أصدقائه وهو يحادثهم هاتفياً!. ويتمنى الطفل "أحمد اليوسف" في الصف السادس الابتدائي ملامسة سطح الطائرة بيديه، في الوقت الذي يشير فيه الى تكرار سفر والدته مع صديقاتها بمعدل كل ثلاثة شهور للتسوق وشراء بضاعة للبوتيك الذي تملكه ويأخذ كل وقتها معللة تركه مع الخدم في البيت بأن سفرها من أجل عقد صفقات تجارية ووجوده معها قد يربكها، أما والده فهو يخاف ركوب الطائرات ويأخذ هذا الخوف أبعادا مع سماع حوادث الطائرات التي تقع، متمنيا أن ينتقل هذا الخوف الى ابنه "أحمد" حتى تهدأ محاولات الإقناع لرغبته السفر. وتقوم الفتاة "جنى القحطاني" الصف الأول ثانوي برسم الطائرات بمختلف أحجامها وأشكالها فوق صفحات كراسة الرسم؛ لأنها تعشق السفر الى كل دول العالم، وتقول جنى: عندما نسافر مع والدتي تحدد لنا جدول خروجنا ودخولنا من الفندق لدرجة أننا نتمنى لو أننا لم نسافر وجلسنا في البيت. وتضيف ترفض والدتي مرافقتنا؛ بحجة أنها تنزعج من الأماكن التي تناسب أعمارنا كالأماكن الترفيهية أو العامة وتردد على مسامعنا دائما لو تركتكم لكان أفضل لنا جميعاً. آثار نفسية سيئة الاستشارية الأسرية هيفاء سلامة قالت: لا توجد مشكلة من ترك الأبناء لدى جدتهم أو أحد أقاربهم متى ما شعر الزوجان ان لديهم الرغبة للسفر منفردين للاستمتاع بوقتهم، شريطة ألا تطول المدة عن أسبوع. وأشارت إلى أن المشكلة تقع في حال تكرار السفر لظروف العمل لفترات طويلة ومتكررة للوالدين مما سيعكس آثاراً نفسية سلبية على الأطفال، وطالبت بضرورة حرص الوالدين على إيجاد إجازة يقضوها مع الأبناء لممارسة الهوايات وخلق نوع من النقاش الأسري الودي فيما بينهم مع ضرورة وجود اتصال دائم في حال غيابهم لتفقد أحوالهم والوقوف على المستجدات التي قد تطرأ عليهم. وقالت: إن الظواهر المتغيرة في المجتمع كثيرة، ومنها غياب الحوار بين أفراد العائلة الواحدة فنرى أن وسائل الاتصال الحديثة نقلت أفكارهم بعيداً عن حدود المكان الذي يجمعهم وأصبحوا يتواصلون مع أصدقائهم بواسطة البلاك البري والماسنجر.