ابتكرت بعض النساء العاملات رحلات جماعية سياحية بدون محرم يقضينها بعيداً عن المسؤوليات والواجبات الزوجية والعائلية، وربما أخذن أبناءهن معهن، خاصة من كان لديهن أطفال يحتاجون إلى قرب أمهاتهن منهن. في هذا التحقيق نسلط الضوء على السفر الجماعي للنساء؛ بهدف الاستجمام، وحضور الدورات التدريبية؛ طمعاً في معرفة وجهة النظر المؤيدة والمعارضة، وما يُنبنى عليها من مؤشرات ودلالات تكشف حجم التغيّرات والمغريات التي يشهدها المجتمع حالياً. كسر الروتين في البداية قالت «هيفاء الغامدي» -سيدة أعمال- إن سفر المرأة مع صديقاتها فيه الكثير من الراحة والمتعة، فالمرأة غير المتزوجة قد لا تجد من يتفرغ لها من المحارم؛ فتضطر للسفر مع صديقاتها، كما أن بعض المتزوجات يجدن أن ظروف أعمال أزواجهن تحول دون مرافقتهن أثناء السفر؛ لذلك فإن سفر المرأة (العاقلة والرشيدة) مع صديقاتها يغيّر من نمط الحياة ويكسر الروتين، مؤكدة على أن السفر برفقة الصديقات هو الاستجمام الحق الذي نبحث عنه، ويعد حلا لإشكالية المحرم الذي لا يمكن السفر إلاّ به! سياحة مختلفة «عهود السيف» -أكاديمية- تعودت في كل إجازة أن تسافر برفقة اثنتين من صديقاتها إلى إحدى الدول، وقالت: السفر مع الصديقات يعد سياحة مختلفة، حيث لا يعكر صفوها زوج تعب من التسوق، أو ابن ملّ من المشي، أو أخ تذمر من الجلسات المطولة؛ لذلك فقد اتفقنا مع محارمنا أن يكون لنا رحلة سفر مع صديقاتنا، وبذلك نحقق شرط عدم سفر المرأة منا بمفردها، مشيرة إلى أنها ذهبت مع صديقاتها واللاتي تعمل إحداهن موظفة بنك، والأخرى في شركة إلى دولة لم يسبق لهن زيارتها فاستمتعن باكتشاف معالم البلد وتدبرن أمورهن من ناحية السكن والإقامة والإرشاد السياحي والتنقل، وضبط الميزانية. انسجام وتآلف وتضيف صديقتها «منى المحمود» أن السفر الجماعي يحقق نوعا من الانسجام والتآلف والتقارب بين الصديقات؛ فنعيش أيام رحلتنا بدون أي تعكير، حتى أننا خلال الرحلة نحاول أن لا نفتح جوالاتنا إلاّ للضرورة القصوى حتى لا يكدر صفو رحلتنا أي منغص طارئ، مؤكدة على أنه بعد كل رحلة نعود وقد تجددت معنوياتنا للحياة العائلية وتحمل المسؤولية من جديد، حتى عطائنا بالعمل يكون بشكل أفضل. دورات تدريبية وهناك «قروبات» نسائية ليس همها الأول من السفر السياحة فقط، بل بعضهن يجتمعن لحضور مؤتمر أو دورة تدريبية كما تفعل «تركية الحربي» مع صديقاتها فتقول: أنا وصديقاتي مهتمات بمهارات تطوير الذات، ومتى ما قرأنا عن احدى الدورات خاصة عندما تكون بالرياض أو جدة؛ فإننا نجهز حجوزاتنا ونذهب بشكل جماعي حتى نتلافى رفض الأهل لو ذهبت واحدة منا بمفردها. جَمعة الشقيقات في حين تحب «نور العسيري» أن تقضي الإجازات القصيرة والتي لا تتجاوز مدتها في الغالب عن أسبوعين مع أخواتها الأربع -التي فرقهن الزواج وأصبحت كل واحدة منهن بمدينة-؛ فيجتمعن في مثل هذه الإجازات ويسافرن إلى احدى الدول العربية أو الأجنبية حسب المتاح لهن، ويأخذن أطفالهن معهن؛ مما يجعل الإجازة لديهن لها طعم خاص ومختلف. تحرر من القيود وتحدثنا «سمية الزهار» -أخصائية نفسية- أن المرأة إذا بلغت الثلاثين تكون مدركة لكل تصرفاتها ولا خوف عليها، فهي من حقها أن تسافر للراحة والاستجمام بعيداً عن الضغوط العائلية والعملية، خاصة لو كانت برفقة صديقاتها واللاتي سيستمتعن بسفرهن ويتحررن من القيود المفروضة عليهن. وقالت: ينظر المجتمع للمرأة التي تسافر مع صديقاتها أنها متحررة وغير ملتزمة بالدين أو العادات والتقاليد وهذا غير صحيح، ولا يراعون حاجتها لتغير الروتين والنمط الحياتي الضاغط، متناسين أن هناك من الفتيات الأصغر سنا يسافرن للدراسة أو العلاج أو العمل. أخلاق الصديقات وللرجل وجهات نظر متعددة في الموضوع، حيث يقول «عبدالعزيز القحطاني»: لا أعطي زوجتي الموافقة بالسفر مع صديقاتها إلاّ إذا تأكدت من أخلاق صديقاتها وسلوكهن، وأن الدولة التي سيسافرون إليها آمنة، مشيراً إلى أنه على اتفاق مع زوجته أن يكون لكل واحد منهما سفرة في العام يقضيها مع من يريد سواء الأهل أو الأصدقاء. رفض قاطع أما «محمد المهدي» فقد رفض فكرة أن تسافر زوجته أو احدى شقيقاته لوحدها مهما حصل؛ معللاً أن السفر يكون مع أحد من محارمها. وقال: «نحن لا نأمن سفر الشاب بمفرده فما بالكم بامرأة؟ لذلك فالسفر بدون محرم أصلاً غير جائز، ومرفوض تماماً. تحايل على المحرم ويرى «أ. د. صالح الرميح» -أستاذ علم الاجتماع بجامعة الملك سعود- أن السفر الجماعي للنساء بقصد السياحة أو الدراسة أو حتى حضور المؤتمرات أو الدورات يعد نوعاً من أنواع التحايل على وجود المحرم، وهذا فيه مخاطرة وعادة غير مقبولة اجتماعياً، فلا أؤيد هذا النوع من السفر بدون محرم لأنه يعطي انطباعا سيئا، هذا غير ما يجنيه على المرأة من خطورة. وقال: «هناك محاذير من سفر النساء بمفردهن؛ فقد يتعرضن للتحرش أو المضايقة أو حتى بعض المخاطر الأمنية التي لا تستطيع التصرف بمفردها حتى وإن كانت برفقة صديقاتها، هذا غير إخلالها بالضوابط الشرعية! داعياً إلى عدم التساهل في هذه الأمور، وبدل أن يوافق الرجل لزوجته بالسفر بمفردها أن يخصص لها وقتا للسفر معها هي وأبنائه، وإعادة العلاقة بشكل إيجابي، خاصة أن سفر الزوجة والأبناء مع المحرم متعة وعمق وقرب بين الأب وأسرته.