كثير من المشاكل التي تشهدها العديد من الأسر تحدث بسبب سفر الزوج الدائم، أو إهماله لأسرته وانشغاله عنها إما بالعمل أو بترك المنزل في أغلب الأوقات، غير مبال بمسؤولياته العائلية والأسرية كزوج وأب. وكثير ما تشعر الزوجة بالقهر عندما يتعمد الإساءة إذا طالبته بالبقاء في المنزل أو تخصيص وقت مناسب لأسرته، أو اصطحابهم معه في أسفاره، أو على الأقل بعضها. ويرى الاختصاصيون أن غالبية المشاكل الزوجية تنبع من لا مبالاة الزوج، وخلو جو الأسرة من وجوده، مما يسبب حالة من النفور بين أفرادها، ويجعل فرص الإصلاح أو التقارب تكاد تكون نادرة. “المدينة” حاولت مناقشة تلك المشاكل على لسان أصحابها، والتعرف على رأي المختصين وعلماء الاجتماع حولها. تقول هالة محمد: زوجي مدمن سفر يضطر كثيرا لأخد إجازات متفرقة من عمله ليسافر برفقة أصدقائه خارج المملكة وليس لي من هذه الإجازة سوى فسحة بسيطة أنا وأبنائي في يوم واحد في أحد ملاهي الأطفال.. وعندما أصر عليه على أنني أود السفر معه يبرر أن السفر مع أصدقائه ولامجال بأن أذهب معه أبدا. وأضافت: يؤلم الزوجة كثيرا أن تجد زوجها في سفر دائم وهي تنتظر عودته وقد يمتد سفره لأكثر من الشهر وهي قابعة في المنزل مع أبنائها تنتظر قدوم ذلك الزوج المراهق. وذكرت: إنني أعجز عن وصف القهر والألم الذي أعانيه والذي نتج عنه متاعب نفسية كبيرة أوصلتني لحالة نفسية صعبة ورغم معرفة زوجي بما أمر به إلا أنه أيضا لا يبالي بكل ذلك. وتقول ندى الغامدي: من أول سفر لزوجي لأحدى الدول العربية مع بعض أصدقائه أصبح مدمنا على السفر لتلك الدول للانفتاح الذي تشهده.. وعندما يرجع زوجي من السفر يعود بنفسية سيئة ويبحث عن المشاكل معي ويجري مقارنة بيني وبين النساء اللواتي رآهم وما يتصفن به من رشاقة وجمال وأناقة برغم أنني جميلة ولايزدن هؤلاء النسوة عليّ في شيء، ومن ذلك الحين بدأت المشاكل بيننا فهو في أي أجازة قصيرة كانت أم طويلة يسافر فيها أشعر أنني في ضياع وتشتت أنا وزوجي خاصة أنه يأخد إجازات إضطرارية من عمله بحجة مرض أحد أبنائه وهو كاذب في أقاويله. وأضافت: أشعر بأن زوجي بدأ يمل مني وإلا لماذا يسافر تلك السفريات التي بدأ يدمنها ويتركني كثيرا بلا سؤال عني ولا عن أولاده. ولم تخف منى حسن الآلام التي مازالت تمر بها والتي قلبت حياتها جحيما لا يطاق حيث قالت: تعود زوجي على سفره المتكرر كل شهر بحجة انتداباته خارج مدينة جدة ويقوم بتركي أنا وأبنائي وحيدة في المنزل أقوم حينها برعاية أبنائي والاهتمام بشؤون الأسرة حتى عودته، وعندما يعود يخبرني عن التعب الذي وجده وعانى منه أثناء الانتداب.. واستمر على هذا الحال شهورا عديدة وكانت صدمتي كبيرة عندما اكتشفت في حقيبة سفره فاتورة إقامته في أحد فنادق دولة خليجية تأكدت حينها من خيانة زوجي، لي وواجهته بما عندي وقدمت له فاتورة الفندق الذي كان يقطنه في سفره ولكنه تهرب في البداية، ثم اعترف لي بعد ذلك وقال لي إن لم يعجبك فأذهبي لبيت أهلك. وتتحدث فاطمة الحربي قائلة: تعودت من زوجي أن يتركنا ويسافر كل ستة أشهر إلى مدينة ثانية بحجة العمل الذي يستمر لأكثر من شهر.. ولم أكن أرفض فغير معقول أن يهمل عمله ويرفض السفر لأجلي، وكالعادة تركنا فترة كنت أقوم برعاية أبنائي الثلاثة ورغم التعب والإرهاق والمسؤولية التي أتحملها، وفي يوم جاء إلي أحد أبنائي وكان يعبث بحقيبة والده وأحضر إلي صورا لزوجي في أحد دول شرق آسيا.. تفآجات من هول ما رأيت والتي كشفت لي سر إتندابات زوجي المزعومة.. وعندما واجهته كان أن يطلقني لولا تدخل أهله. وتقول غدير محمد: تعود زوجي على السفر كل فترة بأعذار مختلفة كنت أصدقها وعند سفره كان لا يتصل علينا كثيرا وكنت أستغرب منه ذلك.. ولكن حدث مالم يكن في الحسبان فقد تعرض زوجي لحادث في تلك الدولة التي كان يتردد عليها بشكل دائم مع أحد أصدقائه وأصيب من خلالها بإصابات كبيرة وانفضح الأمر كله. ومن جهتها تعلق الأخصائية الإجتماعية في جامعة الملك عبدالعزيز هاشمية الحاج فتقول: إن ما يرتكبه مثل هؤلاء الأزواج بحق زوجاتهم غير مقبول دينيا ولا إجتماعيا. فكيف يفعل الرجل تلك الأمور مع زوجة ائتمنته على نفسها وأولادها وحياتهم معا؟ وكيف به أن يقع في تلك الأخطاء معهم وهي التي قد تنهي الحياة بينهم وتضيع الأسرة والأبناء، وهي حياة لم تبن في أيام وشهور بل سنوات عديدة في كثير من الأحيان، وهو ما يسبب النفور الأسري والتباعد بين أفرادها. وتضيف الحاج: إن على الزوج أن يدرك أنه تزوج ليعصم نفسه وزوجته من الأخطاء لا ليقع فيها، ويفعل ما يحلو له ويطيب.. فما الذي يمنعه من أخد زوجته وأولاده في سفره، وعلى الزوج أن يتقي الله في تلك الزوجة والأبناء لكي لا تنتهي تلك الحياة إلى الإنفصال أو إنهاء العلاقة بينهم، وهي المأساة التي يدفع الأبناء ثمنها طوال حياتهم .