اختلفت معايير الاهتمام بالجمال قديماً عنها في وقتنا الحاضر، فلم تتجاوز الاهتمام بالبشرة ونقائها والشعر وطوله، والجسم وقوامه، وكان الاعتماد فيه يرجع للطبيعة، أما في عصرنا الحاضر باتت وسائل التواصل المؤثر الفعال لوضع الجمال تحت مشرط الجراح التجميلي؛ ليكون قاب قوسين أو أدنى من الكمال، واختلفت المتطلبات التجميلية فباتت مطلباً حتى وإن لم يكن لها ضرورة. ومع انتشار حمى "الفاشينستا" وتقليد المشاهير تزايد الإقبال على عمليات التجميل التي حولت الكثير من النساء إلى نسخة كربونية، لا تكاد تجد اختلافاً بينهن، حيث تسابقن على مراكز وعيادات التجميل للحصول على تفاصيل الجمال نفسها، وتقاسيم الوجه ذاته، فصرن كالتوءم، متشابهات، وتجاوز الأمر ذلك ليصبح تجارة تروج لها حسناوات من خلف الكاميرات. دوافع نفسية في البداية اعتبر استشاري جراحة تجميل الوجه والأنف والعنق د. عبدالكريم رضا أنّ أسباب هوس الشابات والشباب بعمليات التجميل مختلفة، وتتمحور حول أهم دافع وهو العامل النفسي، حيث انتقادات الطفولة، وانتقاص لشكل وملامح الطفل "ليش خشمك كبير، أنت أذنك بارزة، أسنانك متقدمة"، والكثير من التعليقات التي تترك ندبات عميقة في نفسية الطفل، وتقوده للانعزال أحياناً كثيرة، بالإضافة إلى تأثير وسائل التواصل ونمو ظاهرة "الفاشينستا" وانعكاس ذلك بشكل سلبي على متابعيهم، ومحاولة تقليدهم ومحاكاتهم بطريقه عمياء، مبيّناً أنّ ذلك لا يعني عدم حاجة بعض الحالات إلى عمليات تجميلية لتصحيح التشوهات الخلقية لديهم. وأكّد د. عبدالكريم على ضرورة البحث عن خبرات الطبيب ومجال عمله وتخصصه الدقيق قبل اختياره، كما يجب البحث عن تفاصيل العملية ومضاعفاتها المحتملة، مشدداً على ضرورة أن يتحلى المريض بالواقعية عند قرار إجراء العملية، وعدم وضع توقعات أو خيال لا يمت للواقع بصلة. حلول بديلة ورأت اختصاصية التجميل هبة عبدالوهاب أنه قد تكون عمليات التجميل أو المعالجة التجميلية حلولاً لبعض المشكلات النفسية التي تعانيها المرأة، سواء أكان ذلك بسبب تقدم العمر أو أثر الإرهاق والجهد، وقد تكون هناك طرق تجميلية بسيطة لتحصل المرأة على مبتغاها دون اللجوء للعمليات التجميلية الجراحية كحقن الإبر (الفلير، البوتكس وغيرها)، مؤكدة ضرورة اختيار الأماكن المرخصة والابتعاد عن العروض والعيادات الوهمية، والتأكد من شهادات الأطباء العاملين في مجالات التجميل؛ تحسباً للوقوع في مصائد المزورين وأصحاب الشهادات الوهمية. جملي نفسك وأكّدت رانيا السليماني أنّ عمليات التجميل في بعض الحالات قد تكون ضرورية، ومن ذلك عظمه الأنف البارزة أو المحدبة، مستدركةً: "لكن البعض تمادى في عمل العمليات غير اللازمة؛ مما أدى إلى فقد هوية جمال السيدة وتشابهها مع الأخريات"، موضحةً: "الصالونات هي مراكز لإبراز حسن المرأة ومساعدتها على حفظ جمالها، فبإمكانها عمل جلسات للحفاظ على البشرة وبإمكانها إضافة رتوش تجميلية على وجهها، عن طريق المكياج الخفيف أو التزين بالرموش، ويمكنها الاهتمام بصحة شعرها، عن طريق عمل بعض العلاجات له، وهذا كله يمكن أن يغني عن عمليات التجميل الدائمة". وأضافت: "بإمكان الفتاة الاستغناء عن عمليات التجميل والصالونات معاً بإتقان استخدام المكياج وأدوات التزيين، ومن ذلك الكنتور، حيث يمكن للسيدة تصغير حجم الأنف من الجوانب، بتعميق المنطقة عن طريق الكنتور، كما يمكنها تصغير منطقه الذقن إذا كانت ممتلئة بعض الشيء، وهناك طرق عديدة للاستغناء عن بعض عمليات التجميل، ويمكن للسيدات تعلمها عن طريق الدورات التدريبية بدلاً من إنفاق الأموال على عمليات التجميل التي يعد ضررها أكبر من نفعها". نحت الجسم وأضافت علا زيد: "انتشرت عمليات التجميل مؤخراً، وانقسم الباحثون عن الجمال إلى قسمين: قسم يرغب في إصلاح عيوب، وآخر يرغب في التقليد، وساعد في ذلك كثرة عيادات وأطباء التجميل، ليزيد الإقبال من الرجال والنساء، وذلك لمضاعفة تفاصيل الجمال، خصوصاً حين أصبحت الأسعار أرخص من ذي قبل، بعد أن كانت عمليات التجميل سابقاً تقتصر على طبقة معينة، إلا أنه كما شملت فئات متعددة من البشر شملت أيضاً أشكالاً مختلفة، بعد أنّ كانت محصورة على شد الوجه والتحكم في حجم الأنف وإخفاء الندوب القديمة، فباتت هناك عمليات تتحكم بشكل الوجه، وعمليات إضافة ما لم يكن موجوداً في الوجه من ملامح، كالغمازات، وتكبير الخدود، وتجاوزت الوجه لتشمل كافة أنحاء الجسد، فهناك من تجري عمليات لنحت الجسم، وتصغير أو تكبير أعضائها، وتضاعف الأمر مع انتشار ظاهرة تقليد المشاهير. تحول إجراء العمليات التجميلية لحالة إدمان عند البعض لم تقتصر العمليات على النساء فقط