دفعت «فاشينستا» مواقع التواصل الاجتماعي سعوديات كثيرات إلى إجراء عمليات تجميل، إذ يطلب بعضهن أنفاً كأنف إحدى ال«فاشينستا»، فيما تطلب أخريات شفاهاً كشفاهها، ناهيك عن تطبيق نصائحهن للحصول على الجمال والتقاط ال«سيلفي» من داخل عيادات التجميل. ويؤكد استشاري الجلدية والتجميل في عيادات المدى الطبية بجدة الدكتور محمد أبو غوش أن «فاشينستا برامج التواصل الاجتماعي ساهمن الى حد كبير، في انتشار عمليات التجميل بين النساء والفتيات»، مؤكداً أن بعض المريضات يراجعن العيادة ويطلبن أنفاً مثل أنف إحدى الفاشينستا أو شفاهها. ولفت إلى «اندفاع كثيرات وراء إعلانات لكريمات للحصول على بشرة مثل بشرة الفاشينستا من دون الأخذ في الاعتبار ما يناسب كل بشرة». وحذر من «الانجراف وراء موجة التقليد»، ناصحاً كل سيدة وفتاة بأن «تستخدم ما يناسب بشرتها من كريمات وبوصفة من الطبيب المختص». وقال أبو غوش: «أصبح التجميل ضرورة، لكن على كل امرأة أن تفهم ما تحتاج إليه من تجميل لا أن تقلد المشاهير فحسب»، موضحاً أن «مقاييس الجمال تختلف من شخص إلى آخر، فما يراه الآخر جميلاً ليس بالضرورة أن أراه أناً جميلاً، وكذلك الأمر في ما يتعلق بعمليات التجميل فكل امرأة تختلف حاجتها للتجميل عن الأخرى». واعتبر البشرة الجميلة الخالية من العيوب من أهم مقاييس الجمال بالإجماع، خصوصاً أن البشرة انعكاس لداخل الإنسان. وعن المقاييس الأخرى للجمال قال: «جمال كيلوباترا هو المقياس الأساس للجمال عند الشعوب العربية، ويتمثل بالذقن الحادة والخدود المحددة والأنف المستقيم». من جهتها، أكدت اختصاصية التجميل والبشرة في المرجع الطبي بجدة الدكتورة هدى شميس أن «الفاشينستا والميك آب آرتيست ساهمتا في شكل كبير في زيادة الطلب على عمليات التجميل، لأن لديهما متابعين ومعجبين بأعداد كبيرة ويلاحظون الفرق في شكلهن كيف كان وكيف صار، والتغييرات التي تطرأ على لوك المشاهير كل سنة أو كل شهر». وأشارت شميس إلى أن تغيير المشاهير الدائم مظهرهم «يدفع النساء إلى الاهتمام في مظهرهن أيضاً، فحينما ترى النساء الفاشينستا كيف تغير مظهرها إلى الأجمل تريد أن تصبح مثلها في جمال البشرة والشعر والجسم والقوام». ولفتت اختصاصية التجميل والبشرة إلى أن للموضوع إيجابيات وسلبيات أيضاً، إذ أنه ساهم في زيادة اهتمام الناس عموماً في الصحة والوزن والشكل، أما السلبيات فجعل البعض يطلب الخضوع إلى جراحات غير ضرورية، مثل تعديل الأنف التي لها جوانب صحية أكثر منها تجميلية، أو أن تأتي المرأة إلى العيادة تحمل صورة وتريد شفاه أو أنف أو عيون أو خدود مثل صاحبة الصورة أو إحدى المشهورات وهذا يعتبر تجاوزاً لحدود المنطق. وقالت شميس: «في حال أتتني المريضة تحمل صورة وتريد أن تصبح مثلها؛ هنا أنصحها بأن تكون نفسها وذاتها بشخصيتها وكيانها، لا أن تتشبه في شخص آخر، والله خلق لكل إنسان مميزات وعيوب تكمل بعضها البعض، لتتكون الشخصية». وأكدت اختصاصية التجميل والبشرة أنها ليست ضد أن تجمل المرأة نفسها، وأن تعمل جراحات تجميل، ولكنها ضد أن تعرض المرأة نفسها إلى الخطر وتغير شكلها تماماً إلى حد أن تصبح مثل شخص آخر، لأنه من الأساس تغيير الشكل لا يجوز شرعاً في الدين، إضافة إلى أنه قد يعرض المرأة إلى مخاطر كثيرة، لأنه ليس من السهل ان يخضع الانسان الى عملية جراحية. بدوره، أكد المستشار التدريبي في التنمية البشرية الدكتور محمد الخالدي أن الإقبال زاد في الآونة الأخيرة على مراكز التجميل والعناية في البشرة بشكل كبير جداً، مشيراً إلى أنه من الناحية النفسية هناك عشرة في المئة من الأشخاص يقتدون في الشخص المشهور ويرونه قدوتهم في الحياة ويقلدونه ويحاولون اقتناء الأشياء التي يقتنيها بقدر المستطاع ويطبقون ويقتبسون العادات نفسها التي يطبقها المشهور الذي يتابعونه». ووضع الخالدي مسؤولية المتابعين وخصوصاً نسبة العشرة في المئة التي تقلدهم على عاتق المشاهير أنفسهم، لافتاً إلى أن «من عنده مليون متابع فلديه مئة الف شخص سيقلده، ومن لديه خمسمئة متابع فلديه 50 ألفاً يرونه قدوة لهم»، وعندما يذهب هذا الشخص المشهور إلى عيادة لتغيير مظهره فيعطي انطباع مباشر عند الأشخاص الذين يقتدون به إلى بذل قصارى جهودهم كي يقلدوا المشهور تقليداً أعمى. وأشار إلى أن الإعلانات ناشئة من منطلق تلك الفكرة، وهي ظاهرة سائدة الى حد كبير. وأضاف أن الغيرة التي تتولد عند الانثى التي تتابع المشهورة التي تعتبرها مراكز التجميل جزء من علامتها التجارية وجزء من المردود المادي لها، لأنه أصلاً جزء من عمل «فاشينستا» التسويق والإعلانات، وغالبية المراكز يجرون لها جراحات تجميل ورتوش مجاناً من باب التسويق، فيولد ذلك عند بعض النساء الغيرة من جمال «فاشينستا» وشكلها الخارجي، فتحاول أن تتحداها في الجمال ولا تقبل أن تكون أفضل وأجمل منها. ولفت إلى أن الغيرة «تصنع التحدي وبالتالي قد يؤدي بالمتابعة التي تتحدى فاشينستا بأخذ قروض حتى تجري جراحات التجميل وتضاهي فاشينستا، وتكون أفضل جمالاً من بعضهن»، مبيناً أن انتشار متابعة الرجال ل«فاشينستا» يولد تحدياً عند أنثى هذا الرجل فتحاول الزوجة أن تكون اجمل من الفاشينستا التي يُعد الاعتناء في مظهرها الخارجي مصدر رزقها، فتحاول اختصار الطريق إلى الجمال بجراحات التجميل. ولخص الخالدي الأسباب التي أدت إلى هذا التوجه لإجراء جراحات التجميل بأربعة أمور رئيسة «التقليد الأعمى والاقتداء والتسويق، لأن هناك كثيرون يهتمون في الفاشينستا، وحينما تسوق لأمر ما أو عيادة فسيتوافد عليها كثيرون، إضافة إلى الغيرة الشخصية، والتحدي، ومحاولة لفت انتباه الرجل الذي يتابع الفاشينستا، وخصوصاً حينما يكون زوج، وبالتالي تحاول المرأة أن تكون أفضل من الفاشينستا نفسها».