توافد آلاف المواطنين اللبنانيين إلى وسط بيروت السبت للمشاركة في تجمع حاشد، دعا إليه ناشطون في المجتمع المدني ضد الطبقة السياسية بمجملها التي يتهمونها "بالفساد" وبالعجز عن تأمين أدنى متطلبات الناس الحياتية. في ساحة الشهداء، وقف ناشطون يوزعون على الوافدين أعلاما لبنانية كتب عليها "طفح الكيل"، بينما ارتدى العديد من المتظاهرين والمنظمين قمصانا قطنية بيضاء كتب عليها "طلعت ريحتكم" وهو الشعار الأساسي الذي انطلقت منه الحملة منذ نهاية تموز/يوليو الماضي. وأفاد مراسلو ومصورو وكالة الأنباء الفرنسية أن القادمين إلى وسط العاصمة أتوا من مناطق مختلفة وهم ينتمون إلى طوائف متعددة، وهي ظاهرة نادرة في بلد يعاني من انقسامات سياسية وطائفية حادة. وسار بعضهم في مسيرات راجلة من نقاط عدة في العاصمة. وارتفعت من مكبرات للصوت أغان وأناشيد وطنية، بينها أغنية للفنانة باسكال صقر فيها "صوت الجوع لما الناس يجوعوا، أقوى كتير من صوت المدافع". بين وقت وآخر، يهتف المتظاهرون "ثورة، ثورة، ثورة". مطالب اللبنانيين قالت ديانا الحكيم (32 عاما) في منطقة الحمرا قرب مقر وزارة الداخلية حيث تجمع المئات قبل الانطلاق نحو ساحة الشهداء للمشاركة في التجمع الرئيسي المحدد الساعة السادسة (15,00 ت غ)، "جئت لأطالب بحقوقي. حقوقي الدنيا كمواطنة أن أحظى بالاستشفاء والكهرباء وببلد نظيف". وأضافت "لم انتخب مرة في حياتي، ولن انتخب إلا متى رأيت طقما سياسيا جديدا ونظيفا". وقال أحد منظمي التحرك، لوسيان أبو رجيلي، لوكالة الأنباء الفرنسية "نحن ضد الطبقة السياسية كلها. ليست تظاهرة حزبية. هي مطلبية لكل شعب لبنان، لكل الأحزاب". وبدأ حراك المجتمع المدني بعد أن غزت النفايات شوارع بيروت ومناطق أخرى في أزمة نتجت عن إقفال مطمر رئيسي للنفايات جنوب العاصمة وعن انتهاء عقد شركة "سوكلين" المكلفة جمع النفايات من دون التوصل إلى إبرام عقد جديد. وتأتي أزمة النفايات لتضاف إلى الأزمة السياسية الناجمة عن شغور في موقع رئاسة الجمهورية منذ أيار/مايو 2014. وفي ظل الانقسامات والتوترات الأمنية المتقطعة على خلفية النزاع في سوريا المجاورة، مدد مجلس النواب ولايته بقرار صدر عنه في تشرين الثاني/نوفمبر 2014 حتى حزيران/يونيو 2017، في خطوة عارضتها شريحة واسعة من اللبنانيين معتبرة إياها غير قانونية. وحظر المنظمون رفع أعلام غير العلم اللبناني في التظاهرة. وحمل المتظاهرون لافتات هاجمت المسؤولين واصفة إياهم ب"الزبالة"، في حين تنوعت المطالب من حل لازمة النفايات إلى المطالبة بتأمين الكهرباء والماء إلى إسقاط النظام الطائفي وانتخاب رئيس للجمهورية واستقالة المجلس النيابي، وصولا إلى حل لقانون الإيجارات… ويعاني لبنان من انقطاع في التيار الكهربائي مستمر منذ انتهاء الحرب الأهلية قبل 25 عاما، ومن بطالة وبطء في المعاملات الإدارية وديون عامة تبلغ حوالى سبعين مليار دولار.