لبى عدد محدود من المواطنين دعوة منظمات المجتمع المدني إلى التظاهر في مناطق لبنانية مختلفة ضد الطبقة السياسية وفسادها، في إطار تحرك مستمر منذ أسابيع نجح في حشد عشرات الآلاف في وسط بيروت الأسبوع الماضي. وحمل المتظاهرون من رجال ونساء وأطفال لافتات كتب عليها «نحن انتخبناهم نواباً وأصبحوا ذئاباً لا يشبعون»، وهتفوا «سارقون». وبدأ حراك المجتمع المدني في نهاية تموز (يوليو) الماضي، بعد أن غزت النفايات شوارع بيروت ومناطق أخرى، في أزمة نتجت من إقفال مطمر رئيس للنفايات جنوب العاصمة، وانتهاء عقد شركة مكلفة جمع النفايات من دون الوصول إلى إبرام عقد جديد. ومنذ ذلك الحين، يتم جمع النفايات على نحو متقطع وترمى في أماكن عشوائية من دون معالجة، وفي شروط تفتقر إلى أدنى معايير السلامة الصحية. ولم تتوصل الحكومة إلى حل للأزمة، بسبب انقسام السياسيين، وسط تقارير عن تمسك العديد منهم بالحصول على حصص وأرباح من أي عقود مستقبلية. وأضيفت أزمة النفايات إلى الأزمة السياسية الناجمة عن شغور موقع رئاسة الجمهورية منذ ايار (مايو) 2014، وعن توترات أمنية متقطعة على خلفية النزاع في سورية المجاورة، ما أعطى مجلس النواب ذريعة لتجديد ولايته للمرة الثانية في تشرين الثاني (نوفمبر) 2014 حتى حزيران (يونيو) 2017. وجمعت تظاهرة مركزية، نظمت في وسط بيروت بمبادرة من تجمع «طلعت ريحتكم» الذي نشأ أخيراً من ناشطين من طوائف عدة في 29 آب (أغسطس)، عشرات الآف المتظاهرين الذين دعوا إلى حل أزمة تكدس النفايات في الشوارع وإجراء انتخابات نيابية. وكانت التظاهرة الأكبر في تاريخ لبنان التي تحصل بمبادرة من المجتمع المدني ولدوافع اجتماعية، إذ اعتاد اللبنانيون المنقسمون بحدة حول السياسة والدين على النزول إلى الشارع بناء على توجيهات الزعماء السياسيين فقط. وشرح منظمون أن المتظاهرين في مدينة صور، حيث النفوذ لحركة «أمل» و«حزب الله»، طبعوا على لوحة كبيرة بيضاء أكفهم باللون الأحمر رمزاً للدم، تأكيداً على أنهم «لن يخرجوا من الشارع، حتى لو كلفهم الامر دمهم، حتى نيل حقوقهم». وحصلت تحركات مماثلة جمعت عشرات الأشخاص في بلدة مرجعيون في أقصى الجنوب وفي بلدة بعقلين في منطقة الشوف (وسط). وفي مواجهة الأزمة المستحكمة، دعا رئيس المجلس النيابي نبيه بري إلى حوار بين كل الأطراف السياسية في التاسع من أيلول (سبتمبر) الجاري في مقر البرلمان. وردت مجموعة «طلعت ريحتكم» بالدعوة إلى اعتصام حاشد قرب البرلمان للضغط على المتحاورين الذين تصنفهم جميعاً في إطار «الطبقة السياسية الفاسدة». وأصدرت المجموعة اليوم بياناً تلاه أحد أركانها لوسيان بو رجيلي في مؤتمر صحافي، رفضت فيه الحوار كونه يجري خارج الإطار الدستوري للمؤسسات، معتبرة أن «رئيس مجلس النواب الممدد له يضع كل هموم المواطنين جانباً».