تجمع عشرات آلاف المواطنين في وسط بيروت مساء اليوم (السبت) بناء على دعوة ناشطين في المجتمع المدني منددين بالطبقة السياسية بمجملها التي يتهمونها بالفساد وبالعجز عن تأمين ادنى متطلباتهم الحياتية. وتعتبر التظاهرة الأكبر في تاريخ لبنان التي تحصل بمبادرة من المجتمع المدني، اذ اعتاد اللبنانيون المنقسمون بحدة حول السياسة والدين على النزول في الشارع بناء على توجيهات الزعماء السياسيين. وعلى رغم أن السبب المباشر لانطلاق الحملة التي تحمل عنوان «طلعت ريحتكم» هو أزمة النفايات، إلا أن المتظاهرين حملوا معهم عشرات المطالب الحياتية المزمنة. ووقف ناشطون يوزعون على الوافدين أعلاماً لبنانية كتب عليها «طفح الكيل»، بينما ارتدى العديد من المتظاهرين والمنظمين قمصاناً قطنية بيضاء كتب عليها «طلعت ريحتكم» وهو الشعار الأساسي الذي انطلقت منه الحملة منذ نهاية تموز (يوليو) الماضي. وبدأ حراك المجتمع المدني بعدما غزت النفايات شوارع بيروت ومناطق أخرى في أزمة نتجت عن اقفال مطمر رئيس للنفايات جنوب العاصمة وعن انتهاء عقد شركة «سوكلين» المكلفة جمع النفايات من دون التوصل الى إبرام عقد جديد. ومنذ ذلك الحين، يتم جمع النفايات بشكل متقطع وترمى في أماكن عشوائية، مثل مساحة أرض ملاصقة لمرفأ بيروت وتحت الجسور وفي أراض مهجورة، من دون معالجة وفي شروط تفتقر الى ادنى معايير السلامة الصحية. ولم تتوصل الحكومة إلى حل للأزمة بسبب انقسام السياسيين، وسط تقارير عن تمسك العديد منهم بالحصول على حصص وأرباح من أي عقود مستقبلية. وأضيفت أزمة النفايات الى الأزمة السياسية الناجمة عن شغور في موقع رئاسة الجمهورية منذ ايار (مايو) 2014. وفي ظل الانقسامات والتوترات الأمنية المتقطعة على خلفية النزاع في سورية المجاورة، مدد مجلس النواب ولايته للمرة الثانية في تشرين الثاني (نوفمبر) 2014 حتى حزيران (يونيو) 2017، في خطوة عارضتها شريحة واسعة من اللبنانيين معتبرة اياها غير قانونية. ويعاني لبنان من انقطاع في التيار الكهربائي مستمر منذ انتهاء الحرب الأهلية قبل 25 عاماً، ومن بطالة وبطء في المعاملات الادارية وديون عامة تبلغ حوالى 70 بليون دولار. وكان المنظمون حضوا المواطنين على المشاركة في التجمع مركزين على أن الشعار الاول هو «كلن يعني كلن»، أي توجيه الانتقاد لكل الطبقة السياسية من دون استثناء لأي فريق أو حزب سياسي. وحظروا رفع أعلام غير العلم اللبناني في التظاهرة. وحمل المتظاهرون لافتات هاجمت المسؤولين واصفة اياهم ب «الزبالة»، في حين تنوعت المطالب من حل لازمة النفايات الى المطالبة بتامين الكهرباء والماء الى اسقاط النظام الطائفي وانتخاب رئيس للجمهورية واستقالة المجلس النيابي، وصولاً الى حل لقانون الايجارات. وأعطت منظمات المجتمع المدني الحكومة مهلة 72 ساعة للبدء بتنفيذ مطالها. واذا لم تتم الاستجابة، مساء الثلثاء المقبل ستتجه إلى «التصعيد». وغطت كل قنوات التلفزة على مختلف مرجعياتها السياسية، التحرك، بشكل مباشر. واتخذت تدابير أمنية مشددة تجنبا لتكرار أعمال شغب شهدها تجمعان دعي اليهما في نهاية الأسبوع الماضي، وانتشرت قوى الأمن والجيش في شوارع العاصمة خصوصاً في ساحة الشهداء ومحيطها. وشارك عشرات الفنانين في التحرك، في ظاهرة غير مألوفة في لبنان.