توافد آلاف المحتجين على ساحة بوسط بيروت أمس ملوحين بالأعلام اللبنانية ومرددين هتافات مناهضة للحكومة في مظاهرة ضد القادة السياسيين الذين يتهمونهم بالعجز والفساد. وكانت احتجاجات مماثلة قد جرت مطلع الأسبوع الماضي وشابتها أعمال عنف، ولوح رئيس الوزراء تمام سلام بالاستقالة في خطوة قد تؤجج الاضطرابات السياسية في بلد يعاني من الجمود السياسي ومن آثار الصراع في سوريا المجاورة. وسار المحتجون وبينهم أسر وأشخاص من جميع الأعمار وهم يعزفون الموسيقى ويرددون الأغاني في طريقهم إلى ساحة الشهداء المطلة على البحر. وأقامت قوات الأمن حواجز إضافية ووضعت أسلاكا شائكة. وحضر المتظاهرون إلى وسط العاصمة من مناطق مختلفة وهم ينتمون إلى طوائف متعددة، وهي ظاهرة نادرة في بلد يعاني من انقسامات سياسية وطائفية حادة. وسار بعضهم في مسيرات راجلة من نقاط عدة في العاصمة. وقالت ديانا الحكيم (32 عاما) في منطقة الحمرا قرب مقر وزارة الداخلية حيث تجمع مئات قبل الانطلاق نحو ساحة الشهداء للمشاركة في التجمع الرئيس «جئت لأطالب بحقوقي. حقوقي الدنيا كمواطنة أن أحظى بالاستشفاء والكهرباء وبلد نظيف». وأضافت «لم أنتخب مرة في حياتي، ولن أنتخب إلا متى رأيت طقما سياسيا جديدا ونظيفا». وقال أحد منظمي التحرك «نحن ضد الطبقة السياسية كلها. ليست تظاهرة حزبية. هي مطلبية لكل شعب لبنان، لكل الاحزاب». وبدأ حراك المجتمع المدني بعد ان غزت النفايات شوارع بيروت ومناطق أخرى في أزمة نتجت عن إقفال مطمر رئيس للنفايات جنوب العاصمة وعن انتهاء عقد شركة «سوكلين» المكلفة جمع النفايات من دون التوصل إلى إبرام عقد جديد. وتوقع أستاذ علوم الاقتصاد في الجامعة الأمريكية في بيروت جاد شعبان أن تكون تظاهرة أمس «أكبر تظاهرة من نوعها». وقال «أعتقد أن الحشد الشعبي الذي سنراه اليوم مختلف عن غيره. إنه غير مسيس. لم نر مثل هذا التحرك من قبل». وأضاف أن الحراك «يجمع كل الناس الذين قرفوا من السياسيين». وتابع شعبان «هذه الحكومة ساقطة، مجلس النواب غير شرعي. الحكومة التي شكلت على أساس أنها حكومة وحدة وطنية لم تقم بشيء». وتأتي أزمة النفايات لتضاف إلى الأزمة السياسية الناجمة عن شغور في موقع رئاسة الجمهورية منذ مايو 2014. وفي ظل الانقسامات والتوترات الأمنية المتقطعة على خلفية النزاع في سوريا المجاورة، مدد مجلس النواب ولايته بقرار صدر عنه في نوفمبر 2014 حتى يونيو 2017، في خطوة عارضتها شريحة واسعة من اللبنانيين معتبرة إياها غير قانونية. وحظر المنظمون رفع أعلام غير العلم اللبناني في التظاهرة. وحمل المتظاهرون لافتات هاجمت المسؤولين واصفة إياهم ب «الزبالة»، في حين تنوعت المطالب من حل لأزمة النفايات إلى المطالبة بتأمين الكهرباء والماء إلى أسقاط النظام الطائفي وانتخاب رئيس للجمهورية واستقالة المجلس النيابي، وصولا إلى حل لقانون الإيجارات… وارتفعت من مكبرات للصوت أغان وأناشيد وطنية، بينها أغنية للفنانة باسكال صقر فيها «صوت الجوع لما الناس يجوعوا، أقوى كتير من صوت المدافع».