أعلنت تركيا أمس، أن هجماتها الجوية والبرية المتواصلة منذ الخميس الماضي ضد تنظيم «داعش» في سورية وحزب العمال الكردستاني في العراق، قد «تغير التوازن في المنطقة». وقال ناطق تركي: «لا نريد أن نرى داعش على حدودنا، لكننا لن نرسل قوات برية». ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن مسؤولين أميركيين وأتراك قولهم، إن «أنقرةوواشنطن اتفقتا على تطهير شمال سورية من داعش، وعلى هيكلية لمناطق آمنة غير معلنة على الحدود التركية – السورية، في عمق 109 كيلومترات من حلب الى غرب الفرات، ووضعها تحت سيطرة المعارضة السورية، مع منحها حماية جوية من قوات التحالف التي تحارب داعش». في الوقت نفسه تبين أن الحملة التي يشنها الأمن التركي تستهدف مافيات تهريب الأجانب الى مناطق «داعش» في سورية والعراق من دون التعرض ل «الخلايا النائمة» للتنظيم. وأكد مسؤول حكومي رفض كشف اسمه، أن العمليات العسكرية الأخيرة «لا تستهدف أكراد سورية، وسنحقق في المعلومات حول إطلاق النار على مواقع ليست لداعش». لكن وزير الخارجية التركي مولود شاوش أوغلو ندد خلال زيارة للبرتغال بالمسلحين الأكراد الذين يحاربون «داعش» في سورية قائلاً: «ليس الكردستاني أفضل من داعش، فهو لا يحارب من أجل وحدة أراضي سورية أو ليعم السلام فيها بل يريد السيطرة على مناطق، وكلاهما يقاتل من أجل السلطة». وكانت أنقرة اتهمت أكراد سورية أخيراً بتنفيذ حملة «تطهير عرقي» في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، مبدية قلقها من إنشاء كيان كردي مستقل معادٍ لها على حدودها الجنوبية. وأشار شاوش أوغلو إلى أن «متمردي الكردستاني لم يوقفوا يوماً أعمالهم الإرهابية. لكن ذلك لا يعني نهاية عملية السلام»، التي كانت بدأت في خريف 2012 من دون أن تفضي إلى أي اتفاق. واعتبر شاوش أوغلو أن «المتمردين» الأكراد «اغتنموا الوضع في المنطقة مع بدء تركيا التصدي لداعش، وكثفوا هجماتهم ونشاطاتهم الإرهابية، ما حتم ضربنا أهدافاً لهم في شمال العراق». واتهم الوزير التركي حزب «الشعوب الديموقراطية» ذي الغالبية الكردية والذي فاز بنسبة 13 في المئة من الأصوات في الانتخابات الاشتراعية التي أجريت في 7 حزيران (يونيو) الماضي، بأنه «تابع للكردستاني». وتابع: «قد يكون حزب الشعوب الديموقراطية وسيطاً مهماً في عملية السلام، لكنه بدلاً من ذلك يدعو الأكراد الى التسلح والتظاهر ومخالفة النظام». ورد زعيم الحزب المعارض صلاح الدين دميرطاش، الذي ينتقد أيضاً استمرار السلطات في اعتقال عشرات من المشبوهين بالانتماء الى «الكردستاني» الى جانب مشبوهين من «داعش»، في إطار حملة ضد «إرهاب الداخل»، متهماً الرئيس رجب طيب أردوغان «بتشكيل دولة داخل دولة، حيث تخضع قوات مسلحة وعناصر استخباراتية وبيروقراطيون لأوامره، وافتعال حرب ضد الكردستاني لرفع أصوات حزب العدالة والتنمية الحاكم». وسأل حزب «الشعب الجمهوري»، أكبر أحزاب المعارضة في البرلمان: «طالما اعتقل أكثر من ألف مشبوه في الداخل فلماذا لم يتحرك الأمن ضدهم سابقاً»؟ أما الصحافي المتخصص في شؤون الأمن والإرهاب صايغي أوزترك، فنبّه إلى أن «معظم موقوفي داعش المزعومين رجال مافيا سهلوا دخول عناصر التنظيم من أوروبا إلى تركيا، فيما لم يعتقل أفراد ينتمون إلى التنظيم نفسه أو ناشطون في خلايا نائمة داخل البلاد». وشكك أوزترك في جدية عمليات الأمن ضد «داعش» داخل تركيا، مرجحاً تنفيذها للتغطية على عمليات توقيف لعناصر من الكردستاني»، علماً أن السلطات نشرت تحذيراً خطياً من «احتمال تنفيذ منظمات إرهابية تفجيرات تستهدف تجمعات بشرية ومحطات باصات أو المترو في إسطنبول، داعياً الى توخي الحيطة والحذر. وعشية عقد الحلف الأطلسي (ناتو) اجتماع في بروكسيل لبحث تصاعد التوتر بين أنقرة والمتمردين الأكراد وتنظيم «داعش»، صرح الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ بأن تركيا «تملك جيشاً قوياً، ولا تحتاج الى مساعدة عسكرية من الحلف». وكان الرئيس التركي اردوغان ناقش مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في اتصال هاتفي ليل الأحد الوضع في الشرق الأوسط، خصوصاً في سورياوالعراق، فضلاً عن تعزيز التعاون للتصدي ل «داعش».