مع مضي أيام على الحادثة المأسوية التي وقعت على طريق سراء – مريفق، وأدت إلى وفاة 12 طالبة جامعية، تتضح مدى المأساة التي أصابت أهالي مدينة الحليفة (210 كيلومترات جنوب مدينة حائل)، فالدموع لا تجف على «زهرات المدينة»، وعدد من النساء أصبن بصدمات نفسية أوصلتهن إلى المستشفيات. سارة مرزوق الرشيدي (22 عاماً) شقيقة فاطمة التي راحت ضحية حادثة «حافلة الموت» تكرر «فاطمة.. فاطمة.. جيبوا لي فاطمة»، ولا تزال ترفض النوم، وباءت محاولات والدها وزوجها وبقية أفراد أسرتها لتهدئتها بالفشل، فهي تعيش منذ 3 أيام على الماء فقط وترفض تناول الطعام، وباتوا يخشون ان يشكل ذلك خطورة على حياتها، خصوصاً أنها أنجبت طفلاً قبل أسبوعين فقط. وقال قريب لها يدعى فواز الرشيدي بحسب الحياة «إنها الآن لا تتكلم سوى بعبارة مؤثرة تنادي من خلالها شقيقتها المتوفاة وتطلب ممن حولها أن يأتوا بها إليها، وهي بين مصدقة ومكذبة لخبر رحيلها المرير مع زميلاتها»، مشيراً إلى أنها كانت ترافق شقيقتها وزميلاتها إلى الجامعة يومياً إلا أنها تقدمت بإجازة أمومة قبل نحو أسبوعين، وعلى رغم أنها ستنهي دراستها في تخصص اللغة الانكليزية بعد 6 أشهر فقط لكنها لن تواصل الدراسة بعد هذه الفاجعة. وأضاف أن فرحتها بمولودها الأول الذي أنجبته قبل 14 يوماً فقط من الحادثة لم تكتمل، خصوصاً أن شقيقتها فاطمة كانت قبل رحيلها في قمة فرحتها بالطفل ومتعلقة به وتحتضنه كلما عادت من الجامعة، مشيراً إلى أنها تواصلت مع شقيقتها عبر هاتفها النقال قبل الحادثة، وكأنها كانت تحس أن مكروهاً سيحدث وفوجئت بعد الساعة السابعة والنصف بأن هاتفها النقال كان مغلقاً طوال الوقت. ولفت إلى أن أسرة سارة نقلتها إلى المركز الصحي بعد أن أنهكها الحزن وانعكس ذلك سلباً على مولودها، لكن مسؤولي المركز ذوي الإمكانات الفقيرة حولوها على وجه السرعة إلى مستشفى الملك خالد العام في حائل على بعد 210 كيلومترات من مدينة الحليفة. وتابع: «ما زاد الوضع سوءاً ان والدة فاطمة أدخلت مستشفى الصحة النفسية بعد تردي حالها النفسية جراء الصدمة التي تعرضت لها عندما كانت في مستشفى حائل العام من أجل مراجعة إحدى العيادات، وفوجئت بوصول ابنتها مضرجة بدمائها إلى المستشفى عقب الحادثة المأسوية». منى ضحية الطريق... تتذكر لا تزال الطالبة الجامعية منى عوض الرشيدي تحتفظ بذكريات مؤلمة عن الحادثة التي تعرضت لها العام الماضي على طريق الحليفة – حائل، وحولت طموحها بالعمل معلمة بعد نيل الشهادة الجامعية إلى مأساةٍ حقيقية، إذ باتت مقعدة غير بعد إصابتها بإعاقة مستديمة. وقالت منى (19 عاماً) «كنت أدرس في السنة التحضيرية وكان لدي طموح بأن أتخصص في دراسة الطب لكن الحادثة الأليمة التي تعرضت لها مع شقيقي خلال توجهي إلى الجامعة لم تمهلني». وأشارت إلى أنها كانت لا تحبذ حافلة نقل الطالبات لأنها تخشى على نفسها من حوادث الطريق المميتة التي كانت تقع على الطريق باستمرار خصوصاً أن الطريق سيئ وضيق جداً، ولذلك كانت تذهب إلى الجامعة مع شقيقها طوال عام، لكن حادثة وقعت لهما على الطريق العام الماضي، فأصيب شقيقها بكسور ورضوض بينما تعرضت هي لشلل نصفي منعها من المشي». وأضافت والدموع تنهمر من عينيها: «ادعوا بالرحمة والمغفرة لزميلاتي اللاتي قضين في حادثة حافلة الموت ولا يمكن ان أنسى ذكرياتي الجميلة معهن أثناء التقائي بهن في الجامعة وفي المناسبات الاجتماعية في الحليفة، حيث كن يملكن طموحاً لنيل الشهادة الجامعية ثم العمل ومساعدة أسرهن لكن أحلامهن تبددت».