ترقى المصادفة التي حدثت لوالدة الطالبة فاطمة إلى درجة المستحيل، فهذه الأم التي كانت في مستشفى حائل العام من أجل مراجعة إحدى العيادات، فوجئت بوصول ابنتها مضرجة بدمائها إلى المستشفى عقب الحادثة المأسوية التي وقعت الأحد الماضي وراح ضحيتها 12 طالبة جامعية ومعلم. وما زاد من عمق المأساة أن الأم لم تتمكن من احتضان ابنتها على رغم توسلاتها للأطباء الذين اعتذروا بخطورة حالتها ونقلها إلى غرفة العمليات فوراً، ثم تواردت الأخبار عن وفاة الطالبة، ما أصاب والدتها بصدمة عصبية أدخلت على إثرها مستشفى الصحة النفسية. وقال شقيق الأم المكلومة زعل الرشيدي الذي فقد ابنته نجلاء جراء الحادثة أيضاً ل«الحياة»: «آخر مرة رأيت فيها شقيقتي وابنتها كان قبل الحادثة بيومين فقط، وحتى الآن لم أر أختي بسبب سوء حالها النفسية وإيداعها مستشفى الصحة النفسية نظراً لتعرضها لانهيار عصبي خصوصاً أنها كانت سبقت ابنتها إلى مدينة حائل قبل ليلة واحدة من الحادثة لمراجعة المستشفى، وفوجئت أثناء وجودها في المستشفى بقدوم ابنتها وهي في حال حرجة، قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة داخل غرفة العمليات»، لافتاً إلى أنها طلبت من الأطباء أن يمكنوها من مشاهدة ابنتها لاحتضانها وتقبيلها قبل إجراء العملية، لكنهم رفضوا لضيق الوقت وخطورة حالها الصحية. وحاول زعل الرشيدي (65 عاماً) أن يخفي حزنه وألمه على رحيل ابنته وهو والد نجلاء، فكان يرحب بالمعزين ويصر على خدمتهم بنفسه ومرافقتهم إلى الباب الخارجي على رغم أن قلبه يكاد يتفطر حزناً وحسرة على رحيل ابنته التي لم «يشبع» منها على حد وصفه، إذ لم يكن بمقدوره مشاهدتها سوى ساعة ونصف الساعة يومياً. وأضاف ل«الحياة»: «كانت نجلاء (20 عاماً) متفوقة في دراستها، وتمتلك طموحاً عالياً وترغب بعد دراستها للبكالوريوس أن تكمل دراستها للحصول على شهادات عليا، وكثيراً ما طلبت منها الانسحاب من دراستها في تخصص الفيزياء خوفاً عليها من الطريق، لكنها لم تكن تستجب لعدم رغبتها في البقاء من دون عمل، وتصر على مواصلة دراستها، خصوصاً أنها متفوقة». وتطرق إلى أن شقيقتها فهدة ( 22 عاماً) وهي متزوجة وليس لديها أطفال وتدرس في الفصل الأخير، كانت من المفترض أن ترافق شقيقتها كما اعتادت كل يوم، لكن برودة الجو وقبله القدر، حالا من دون ذلك، فنجت من الحادثة. وتابع: «هي الآن في حال نفسية يرثى لها لتأثرها بنبأ وفاة شقيقتها وزميلاتها، خصوصاً وأنها متعلقة بشدة بشقيقتها نجلاء، ومن المؤكد أنها لن تواصل دراستها الجامعية على رغم أنها أوشكت على الانتهاء منها». وأبدى استغرابه لعدم تأمين الجامعة وسائل نقل آمنة للطالبات، لافتاً إلى أنه يعرف الكثير من أولياء الأمور ممن منعوا بناتهم من مواصلة الدراسة في الجامعة خشية عليهم من حوادث الطرق، وآخرين بسبب تردي ظروفهم المادية. وأشار إلى أن أكثر من 100 حافلة من القرى الجنوبية لم تذهب أمس إلى الجامعة، متوقعاً أن يستمر الغياب أياماً عدة نظراً لتأثر الطالبات وخوفهن من تكرر المأساة.