أحيانا تشعر بغبن إذ تقرأ وتشاهد ردود فعل المؤسسات لدينا حول قضية فردية كالقضية الشهيرة «للمجاهر م.ع» ، فخلال أسبوع تم إغلاق القضية وإن بدا للبعض أن الحكم مبالغ فيه، إلا أن كل المؤسسات استنفرت أفرادها. فيما لا يتم الاستنفار في قضايا تهدد حياة سكان مدينة بأكملها، كالقضية التي نشرت في جريدة عكاظ الأربعاء الماضي، التي تتحدث عن اكتشاف موقع لذبح الدجاج المريض والمجهول المصدر وتوزيعه على أسواق جدة بحجم يصل إلى 3 آلاف دجاجة يوميا. بعبارة أدق: هناك قضية تتحدث عن احتمالية تسمم وقتل 3 آلاف إنسان في جدة يوميا، ألا يكفي هذا الرقم المخيف لأن تستنفر كل المؤسسات في جدة، على الأقل كما استنفرت في القضية الشخصية والتافهة نسبيا «للمجاهر م.ع» ، وخصوصا أننا أمام جريمة قتل جماعي لسكان جدة ؟. فهل ستستنفر المؤسسات المعنية وتسارع في طمأنة سكان جدة، بأنها قبضت على الرؤوس المدبرة لهذه الجريمة، وحاكمتهم، لا أن يقال لنا تم ترحيل تلك العمالة ؟. أقول: الرؤوس المدبرة. لأن هناك مواطنا أو أكثر، هم من أحضروا هذه العمالة، وهم من اشتروا تلك الشاحنات لتنقل السموم، وهم من استأجروا «الحوش» ليتم صنع السموم. حتى السوبرماركات والبقالات لابد من تغريمها أو إغلاقها، لأنهم تعاقدوا مع أشخاص مجهولين؛ لإحضار سلع مجهولة الهوية لتحقيق مزيد من الأرباح على حساب حياة سكان جدة.. خلاصة القول: ما أطالب به هنا ليس وكما يردد البعض «الضرب بيد من حديد» ، فعادة اليد الحديدية ردة فعل غاضبة ستهدأ بعد ترحيل العمالة الذين هم أداة الجريمة، فيما العقلانية والعدل سيجران كل الرؤوس المدبرة لهذه الجريمة الجماعية التي دبرها وشارك فيها مواطن أو أكثر ومحلات يهمها الربح على حساب حياة سكان جدة. فهل يحدث هذا، أم أن المؤسسات لا تستنفر إلا حين يقول ساذج «إنه قليل أدب» ؟.