قولوا للناس حسنا 5 البيانات الجلية لمتاهة الأخطاء الطبية(1) نعم أضحت قضية الأخطاء الطبية أقرب إلى المتاهه منها إلى المشكلة، فالمشكله أمر معضل يستدعي إزالة أسبابه و المتاهه أمر معضل لا يستدعي إزالة أسبابه، المشكله وضع مطلوب الخروج منه لأن الإنسان العادي العاقل لا يختار الدخول إليه، و المتاهه وضع مطلوب الإبقاء عليه لأن الإنسان العادي العاقل هو الذي يختار الولوج فيها. إننا نختار الدخول لمتاهه ثم نسميها مشكلة و هنا يبرز تساؤل هل نحن عقلاء؟؟؟؟. الواقع يؤكد أن معظم من أدلوا بدلائهم فيما يسمى بالأخطاء الطبية لا يرومون إزالة أسباب المشكله ولا يبغون حلا للمعضلة لأنهم لم ينقبوا تنقيبا جادا عن أسبابها،ولو أنهم راموا حلا للمعضلة لأعدوا له عدته ولكنهم كرهوا إخماد النار ورضوا بالجلوس في الظلال ينبزون من يطفؤنها بالألقاب. أغلب كتاب الصحف و المتصدرين إعلاميا للقضيه إن لم يكن كلهم في جميع وسائل إعلامنا في الداخل و الخارج مثلهم كمثل مشجعين الفريق العربي الوحيد في كأس العالم ،ترى أحدهم أمام شاشة كبيره خلف زجاجة عصير كبيرة و بجانب زبدية مكسرات يزعق ...ياخي ممر الكورة.شوووووووووووت، يا أعمى ماأنت شايف إللي عند الباب، زي عادته ضيع الفرصة، إيه الهبل ده......الخ، هؤلاء المتحمسين لو وضعت الكورة عند رجل أحدهم وقلت له شوتها و مررها بين عمودين إضائة في الشارع لما إستطاع وهو يوجه لاعب في مباراه أمام عشرات آلاف المتفرجين بدون عصير و مكسرات و الأهم أن عليه مسؤوليه تحقيق الفوز ليستمتع و يرضي سعاده المشجع ،اليس كذالك؟. الذين يعملون خارج الإطار الطبي لا يرون أمامهم إلا الأطباء ولا يريدون غير الإستمتاع بصحة جيدة و أحدهم لا يعرف الفرق بين البنادول و الباراسيتامول، وهم أيضا مثل جميع من شاهد عمل تمثيلي غير ممتع لا يلوم سوى الممثلين على الشاشه أو على خشبة المسرح على الرغم من علمهم بوجود مؤسسه كاملة خلف مايرونه كالمدرب و مجلس الإدارة و الممولين و.......الخ في حالة الكورة و المخرج و المنتج و كاتب النص و كاتب الحوار....الخ في حالة العمل التمثيلي. أريد أن أبين أمور مهمة يمكن إعتبارها خارطه لاغني عنها لكل شخص جاد يريد أن يتصدي لمعضلة ما يسمى بالأخطاء الطبيه على أساس أنها مشكله تستدعي الحل أو حتي كمتاهه يريد متعة الأثارة بتجاوزها هذة الأمور حقائق و المتغافل عن الحقائق سيكون كمن يتغافل أن القفز في اليم دون معرفة السباحة سيغرق مهما كان البحر جميلا و هادئا.الطب اليوم هو منظومةعمل مؤسسي، وليس طبيب يعالج مريض وهذا يعني أن العمل الطبي عمل فريق جماعي تكاملي وليس فرديا حصريا، وان المسؤوليات تكون تبعا للصلاحيات، و أن هناك تداخل كبير و متشابك بين عمل المنظومة الطبية مع عمل منظومات مؤسساتيه غير طبية. 1. الطب اليوم كمؤسسة يتكون من أنظمة ملزمة( سياسية، إدارية،إقتصادية) ، و منشآت تحتوى على معدات وهو ما يفتح الباب للتجارة و قوانين الربح المادي، وعاملين لكل منهم وظيفة محددة في اداء جزئية من العمل الطبي وهو المدخل لتحديد المسؤوليات و الواجبات. 2. إن القضايا الطبية المعاصرة (و الخطأ الطبي أحدها) لم تعد تقتصر على تصرفات فرديه بل هي في حقيقتها قضايا عامة لها إرتباط مباشر بقضايا أخرى كسن التنظيمات و إقرار الأنظمة ذات العلاقه بلأسرة و المجتمع بل و بأرباح أوخسائر لشركات تشغيل و تصنيع و تسويق في سوق يتعامل بمئات الملايين. 3. إن الخدمات الطبية يسيطر على جزء مهم منها نفس من يسيطر على زمام سوق التقنية الصناعية والمعلوماتية . 4. إننا كعالم اسلامي (فضلا عن كوننا في المملكة العربيه السعوديه) على الرغم من مساهماتنا الهامه في بناء العلوم الطبية إلا أننا لا نسيطر على مجرياتها الآنيه ولا على خططها المستقبلية. 5. أصبح امام العالم مالا حصر له من الأدله أن التقنيات الصناعية استخدمت لحصر رأس المال والثروة في يد فئة قليلة، تتاجر بأي شيء ومستعدة لبيع اي شيء و بأي وسيلة . 6. يوجد أمام العالم تجربة تاريخية مثبته أن الحضارة الإسلامية ابان عصور تمتع البشرية بظلالها الوارفه في عهود الخلافة كانت تتعامل مع البشرية بمسؤولية أخلاقية تنطلق من مبادئ تعطي الكرامة الإنسانية أولوية قبل أي مصالح قوميه أو مكاسب شخصية. ولو اراد اي أحد أن يغفل عن ايا من الحقائق السابقه فإن الحقيقة الأقوي والتي لن يسعه بحال التغاضي عنها هي أن (الطب اليوم هو منظومةعمل مؤسسي، وليس طبيب يعالج مريض وهذا يعني ان العمل الطبي عمل فريق جماعي تكاملي وليس فرديا حصريا وأن الطب اليوم كمؤسسة يتكون من أنظمة ملزمة، سياسية، إدارية،إقتصادية) .الحقائق السابقه بمثابة ما يجب علمه بالضرورة لكل من يريد أن يتطرق للقضية بالجدية التي تستحقها بعيدا عن الإثارات الصحفية و الحذلقات السفسطائية. وفي المرة القادمه سنقف وقفة مع المصطلحات و التي بعدها سننظر للواقع ب (birds eye view) وإلى لقاء قريب بلإذن الله. *عضو المجلس الإستشاري بصحيفة عناية الإلكترونية. *أستاذ و إستشاري جراحة الكبد والمرارة بكلية الطب والمستشفى الجامعي بجدة.