قولوا للناس حسنا 10 البيانات الجلية لمتاهة الأخطاء الطبية (6) ما سبق في(البيانات الجلية لمتاهة الأخطاء الطبية1-5) كان كفاية المقتصد و بداية المجتهد (راجع قولوا للناس حسنا 5-7) و لننتقل الآن لركن الوقت في قضية الأداء،لو أستنصحت من قبل أحد ما و طلب رأيي في بيئة التطبيب الإستثماري لتمثلت لهم هذا البيت الذي لا أعلم من قائله (ولعل قارئ يعلمنا ما جهلنا). إن الذين ترونهم إخوانكم *******يشفي غليل صدورهم أن تسقموا. العطشان يحتاج لماء عذب و يريده نظيفا و يرغب أن يكون في إناء و يحبه بارد و يتمناه مطيب مبخر. يعني لو كان أحدنا في عز الحر اللافح عطشان جدا و أمامه جدول ماء عذب في مزرعة و أحضر له شخص ما كأس نظيف لامع وزجاجة ماء بارد و مشبره (يعني ترى الندى عليها من برودتها) و معطر مبخر فأيهما سيختار طبعا الخيار الثاني إلا لو كان من عشاق البهدله، ماذا لو أعطي معلومة أن الماء في الخيار الثاني ماء بحر معقم خالي من الشوائب و الأتربه؟ الخيار الآن ليس بين ما يحتاج و ما يتمنى، بل بين الحياة البسيطة و الموت المترف..... اليس كذالك؟ لو أصر العطشان تخطي ما يحتاجه للبقاء حيا ليحصل على ما يتمناه بأي ثمن فإنه سيختار ماء البحر المعقم المبخر لينتحر و هو يحصل على ما تمناه وهذا يعني إنه طفشان من حياته و قرر الإنتحار، اليس كذالك. ولا مانع من تسميته ببطل الإصرار و شهيد أمانيه و عاشق الراحة و ....الخ. عندما تكون حاجة المجتمع أو الوطن بصورة أوسع هي خدمات ضرورية (ماء عذب) موجودة في منظومة تطبيب (جدول ماء عذب) يمكنها تلبية إحتياجاتة اللازمة ليبقي مجتمع متمدن (على قيد الحياة) حضاري (مرجعيته ولقد كرمنا بني آدم)، ويصر المجتمع أو المستثمرين بصورة أكثر تحديدا على سوق تطبيب يوفر ما يريد البعض (خدمة فندقية) ويرغبه البعض الآخر( التميز عن البقية) و يحبه الكثير (إعتباره vip) ويتمناة آخرين (V.vip)، هذا الإصرار ليس كمن يصر على عدم الشرب من الجدول و هو عطشان و يختار ماء البحر البارد المبخر فقط بل كمن يصر على أن يحضر له ماء بحر بارد يشربه ولو نصحه الناصحون أنه لا يستقيم مثل هذا. وعندما يصر المجتمع على فعل ما يريد (against medical advice) ثم يقع في مغبة خيارة فهل سينقذه عند ذالك جدول الماء العذب؟؟ الجواب لا طبعا،لأن مشكلته لم تعد مجرد حاجة جسمه للماء كما دل عليه العطش بل أمست مشكلته إخراج الملح من جسمه وهو بحاجة لماء مالح نسبيا يضخ في أوردته وليس ماء عذب يشربه، وضخ الماء المالح نسبيا في الأوردة عملية فنية غاية في التعقيد وهي مع ذالك دواء فقط وتحتاج لأمور أخرى لتؤتي ثمارها بينما شرب الماء العذب لايحتاج لأكثر من غرف الماء العذب من الجدول و ما يبغالوا فكاكة!!!!!! . وقس على مثل العطشان الجوعان و التعبان و الجاهل و المريض و ....الخ،عندما يقول اولوا الأحلام و النهى من الأطباء (أنظر قولوا للناس حسنا2) إن المجتمع بحاجة لجدول ماء أي لمنظومة تطبيب تستفيد من الماضي وتتعامل مع الراهن و تستشف المستقبل وتبدع في المجمل، يصر المجتمع و المستثمرين خصوصا على مستشفيات فخمة و خدمات فندقية و صبايا إستقبال على (صنجة عشرة) يعني يصر على سوق تطبيب و ينتظر قدوم الماء الملح المبخر تاركا مع سبق الإصرار ماء الجدول العذب، وتحدث المشاكل و يتذكر القوم التوعية الصحية ويقول الأطباء فات وقتها، الآن وقت التدخل السريع بمحلول ملحي و ممنوع الشرب الكثير وهذه عملية للإنقاذ ليتمكن المريض من شرب الماء العذب ليعيش ولكن من لا يحب الناصحين كيف سيستجيب لهم، وحال الأطباء كأنه يردد لقد أسمعت لو ناديت راشدا ولكن لا رشد لمن تنادي، وتعلوا هتافات الجماهير (إحنا مرضانين و الدكاترة بس هما المسؤولين) ويستجيب الإستثمار لهتاف الجماهير و يغير موجهوه الدكاترة ويجلبوا نوعيات أرخص من سوق تطبيب آخر ويبنوا مباني أجمل و يبدأوا بحملات توعوية وهي في حقيقتها دعايات تسويق مباشر للدواء بشرح أثره المباشر وطبعا دون مسؤلية عن آثارة الجانبية أو بتسويق الخدمات كالشفط و النفخ و ذالك ليستغني المجتمع عن الدكاترة و روشتاتهم و مقترحاتهم ،ونسي المجتمع أن مشكلته العطش ثم المرض و أمسي يظن أن المشكلة في الأطباء لأنهم لم يكتبوا الدواء الذي يتمنى أثره ولم يعطوه خدمات شفط و نفخ حسب المزاج. و هاهم المستثمرين يعطوا المجتمع أدوات الإستقلال عنهم وهنا تصرخ الجماهير( بالروح بالدم نفديك يا إستثمار) و ينتشوا بفرحة النصر على الدكاترة ولسان حالهم يقول ( مش عايزين تور يعالجنا هاتولنا دولار يبسطنا) وهكذا يهين المجتمع الطبيب و يقدس الدولار ونسي الجميع منظومة تطبيب تموت و سوق تطبيب يتضخم و أضحت القضية إستثمار في إستثمار و إيش عرف الأطباء بالإستثمار؟؟؟؟. ولأن الكذب حباله قصيرة والإستثمار نار و قودها الناس و الحاجة، وعندما يصرف الناس الدولار في الوناسة وهم في حال صحتهم و يحتاجوا للأطباء عندما تذهب الغفلة و تأتي الصحوة في كبر السن و المرض يكون الإستثمار ليس بحاجة للناس (لأنوا ماعندهم حاجه يمكن تلبيتها بعائد إستثماري) فيتركهم........ ويلجأ المجتمع للمستثمرين فيقول الإستثمار(ما أنا بمصرخكم) فيقول المجتمع للإستثمار (الم نربك فينا وليدا؟) فيقول لهم (ما كان لي عليكم من سلطان إنما دعوتكم فأستجبتم لي) فيقول الناس (إذا فعلت فعلتك و كنت من الظالمين) فيقول بيننا عقود و نصوص فيحتكم الناس للقانون فيجيبهم آسف لا أحمي المغفلين وتريد الجماهير أن تهتف ضد المستثمرين كما هتفت ضد الأطباء و تصفهم بالجشعين كما وصفت الدكتور بال (تور) فلا تقوى لأنها لا تقوى حتى على الكلام فقد أنهكها المرض، وتريد أن تبحث عن الإستثمار و المستثمرين فلا تجدهم ولكنها تسمع عن المدارس العالمية و....الخ فتقول يجب الا يقع أبنائنا في نفس غلطتنا ولازم نعلمهم حتى ما ينضحك عليهم زينا وخلع الإستثمار البالطو الأبيض و السماعه وأمسك بقلم و كتاب في إنتظار هتاف الجماهير (مايلزمناش فصول محو أمية عايزين مدارس عالمية). و المدارس العالميه يهمها العلوم المعملية و ليست العلوم الإنسانية و يتربى الجيل على حب الإستثمار... *عضو المجلس الإستشاري بصحيفة عناية الصحية الإلكترونية. *أستاذ و إستشاري جراحة الكبد والمرارة بكلية الطب والمستشفى الجامعي بجدة.