إن الهيئة لا ترضى بأي شكل من الأشكال، أن تمارس أي جهة حجب حرية التعبير، ومنع ممارسة النقد الموضوعي البنَّاء، وفق الأطر الصحافية المهنية المتعارف عليها». تخيَّل أن قائل هذه العبارة هو أمين هيئة الصحافيين السعوديين! وأعجبتني «بأي شكل من الإشكال».. ربما القصد الأشكال الهندسية المربع والمثلث والدائرة و«المُعَين» والأخير له شروط، أما الداعي للتصريح فهو شكوى تقدمت بها صحيفة «عكاظ» للهيئة ضد الخطوط السعودية، لأن الأخيرة أوقفت توزيعها على رحلاتها بعد نشر الأولى انتقادات لخدماتها وإدارتها. أظن أن عبارة «بأي شكل من الإشكال» قيلت في شهر رجب لذا فلا عجب، والهيئة أثبتت مرة أخرى أنها هيئة المؤسسات الصحافية لا الصحافيين، هذه أول مرة تتحدث فيها عن «حرية التعبير»، وكان الأَولى أن تنطق بالصدق، فتقول «حرية التوزيع». وعلى فكرة «الخطوط» مشترك يدفع ثمن الاشتراك، فمن حقها أن تفعل ما بدا لها – على رغم اعتراضي على الإجراء – لكن ما دخل هذا في «حرية التعبير»، هل نتلقف عبارات ونكررها؟ لقد عايشت أنواعاً من الضغوط على الصحف والكتَّاب من جهات حكومية وخاصة و«تحريرية»، وهذه أول مرة تنتفض فيها هيئة المؤسسات الصحافية «بأي شكل من الإشكال»، في حين أعطت «أشكل» لكثير من قضايا حرية التعبير الحقيقية. لنترك حرية التعبير لأهلها، لنكن موضوعيين بعض الشيء ولا نطرح عبارات من العيار الثقيل، هناك بون شاسع بين جماعة حرية التعبير وجماعة حرية التمكين والتعيين والتطنيش. يحتاج المحررون والمحررات العاملون في «الخدمات الإعلامية» وهو الاسم الحركي للإعلان التحريري، يحتاجون إلى بدل خطر، بعد الحادثة التي تعرضت لها محررة صحيفة «الرياض» أسمهان الغامدي، كانت أسمهان «تغطي» مهرجاناً ترفيهياً سياحياً فيه عروض لحيوانات مفترسة، فانطلقت الأسود من أقفاصها، وهجم واحد منها على المسكينة فأصيبت إصابات استدعت تدخلاً جراحياً، الحمد لله على السلامة، ربما هذا يحتِّم على المحررين العاملين في هذا المجال التفتيش عن وسائل السلامة وحسن الخدمات في هذه المواقع وإبراز السلبي والإيجابي على حد سواء، إلا إذا كان ذلك ليس «من حرية التعبير وممارسة النقد البنَّاء وفق الأطر الصحافية المتعارف عليها».
تراجعت إدارة «العاملات القادمات» في جوازات مطار الملك خالد خطوات إلى الوراء، عادت إلى العمل الورقي وظهرت كشوفات «الناجحين» ملصقة بدلاً من شاشات عطلت، وتم إيقاف الرقم الهاتفي الذي كان يرد آلياً على الباحثين عن معلومة، وتشير مصادر – لم يتسنَّ التأكد من دقتها – إلى أن مركز المعلومات قرر التطوير وأحضر أجهزة ونظاماً جديداً منذ مدة طويلة وتوقف عند هذا الحد. يظهر أن الأجهزة والأنظمة لدينا مثل «الرز البشاور» تحتاج لتعتيق.
خلال العقد الماضي ظهرت في سماء مجتمعنا الكثير من البالونات الملونة، وتحوَّل بعضها إلى مناطيد ضخمة قدرتها الوحيدة تكمن في الدعاية الذاتية ولا تحمل في طياتها سوى الفراغ، ومع ذلك الكل ينظر إليها ويبتسم.