في لقاء جمعنا نحوا من 15 طبيبا طرحنا للنقاش موضوع «مستقبل الرعاية الصحية في المملكة». وكان من أهم ما ناقشناه من مواضيع هو وضع ومستقبل مراكز الرعاية الصحية وعددها في بلادنا نحو 3 آلاف مركز صحي تقدم العلاج للإنسان بعد أن يصيبه المرض. كيف يمكن تحويلها إلى مراكز صحية تعنى بالإنسان قبل أن يمرض بوقايته من أسباب المرض، وتوفر له العلاج عندما يمرض، وتتابعه بعد أن يبرأ من مرضه بالتأهيل الصحي والاجتماعي. وتحويل مستشفياتنا إلى مستشفيات معززة للصحة تعنى بالإنسان قبل أن يمرض وتعالجه إذا ما مرض. قد يكون من أولى الأولويات للوصول إلى هذا المستوى إعادة النظر في أهداف وأساليب التعليم الطبي في كلياتنا ومعاهدنا الطبية. نحن في العالم العربي، وليس في بلادنا فقط، نهيئ الأطباء وبقية العاملين الصحيين أكثر ما نهيئهم لعلاج الإنسان بعد أن يمرض. أما قبل أن يمرض وكيف يمكن أن نقيه من أسباب المرض ودواعيه فلا نعطيه حقه الكافي من العناية. وكأن أحدنا يقول «أنا طبيب مهمتي أن أراك بعد أن تمرض أما قبل ذلك فهذا شأنك». هذه الصورة يجب أن تتغير. على أن يبدأ التغيير من كليات الطب والمعاهد الصحية يجب أن يعنى طلابها وخريجوها بدراسة جادة علمية وعملية عن: مدى تأثير الظروف البيئية من حول الإنسان على صحته، ومدى تأثير الجهل بأسباب ودواعي المرض عليه، ومدى تأثير سوء التغذية والسمنة وعدم الرياضة والتدخين وعدم تعرضه لقدر كافٍ من أشعة الشمس، وأسباب حوادث الطريق والبيت والعمل وطرق الوقاية منها... إلخ. وأن تتحول هذه المعرفة إلى ممارسة فعلية. أقول هذا من منطلق تجربتي الشخصية في تعليم الطب والرعاية الصحية لأكثر من 30 عاما، ومن منطلق عشرات المؤتمرات التي عقدتها منظمة الصحة العالمية، والتي نادت نتائجها بضرورة التنسيق بين التعليم الطبي والخدمات الصحية لرسم الطريق لواقع ومستقبل القوى البشرية العاملة في القطاع الصحي (أهم عناصر الرعاية الصحية)، وللإجابة على أسئلة عديدة: ماذا؟ ولماذا؟ ومن؟ ولمن؟ وكيف؟. بقلم د.زهير أحمد السباعي