في تقرير كتبه الدكتور- ويل أندرو مدير قسم برنامج الطب التكاملي بجامعة إريزونا بكلية الطب قال : كلما قربنا من القرن الواحد و العشرين فإن الطب يجد نفسه في مشكلة كبيرة في ظل الأزمة الاقتصادية. فالتضخم الذي لم يسبق له مثيل قد يبتلع ويغمر مراكز العناية بالصحة ويؤدي إلى تغيرات لإبعاد ونفور المرضى ويغزو عمل وقناعة الأطباء . لقد اصبحت مراكز الطب التقليدي باهظة التكاليف .وفي جميع دول العالم يسابق نظام التأمين الزمن. وعندها سوف تختفي المستشفيات الصغيرة والكبيرة وستجد مناطق كبيرة ان لديها مستشفى مركزيا واحدا فقط. وهو الوحيد القادر على توفير وتوفير الأجهزة الضرورية. إن مسئولية هذه الأزمة منطقية. فالشراكة والإتحاد بدأ يغزوان أقسام الطب بالولايات المتحدةالأمريكية . الإدارات الطبية تبذل محاولات جادة لتحقيق الربح من هذا النظام الطبي الحالي لدرجة أنه أدى لجعل حياة المرضى والأطباء بائسة. إحدى طرق الجذب في مجال الطب كثيرة ومنها الوعود بالاستقلالية . وهو المجال الذي يكون فيه الفرد قائد نفسه. فالقليل من الأطباء في الوقت الحاضر يستطيع أن ينجح في العمل بمفرده.الغالبية يعمل بنظام الشراكة. وذلك بتبادل المعلومات عن عدد المرضى الذين يتم فحصهم خلال ساعة. وأي العلاج الذي يستخدم. وكيف يعمل في هذه الولاية أو غيرها. والذي يؤدي إلى النجاح في الطب العلمي والحديث . فبعد النجاح في تقهقر الأمراض المعدية. والتي تعتبر الأمراض القاتلة والمميتة في القرن العشرين , بدأنا الآن نتعامل مع الأمراض المزمنة وهي الأكثر عناداً وتكلفة في العلاج . إن نجاح الطب ساهم باذن الله في زيادة الأعمار وبالتالي زيادة عدد االسكان والشعوب. مما يعني ان التكاليف الطبية سترتفع مع زيادة عدد أفراد مرضى الشيخوخة. وكبار السن. كما ان زيادة المواليد تساهم باستمرار في زيادة الأشخاص المسنين . فنحن حتى الآن لم نر أي جديد لحل هذه الأزمة. أسباب ارتفاع التكاليف ان السبب وراء زيادة تكاليف الطب التقليدي هو اعتماده الكلي على التكنولوجيا وهو مكلف بشكل خيالي. و إذا لم نغير هذا الاعتماد فلا يوجد أي أمل بخفض التكاليف. لقد اصبح للاقتصاد تأثير واضح على مستوى تقديم الخدمات الطبية وان المرضى بدأوا يتجهون للبحث عما يخفض تكلفة العلاج الباهظة وخفض الخيارات للتكنولوجيا للوقاية ومنع الأمراض وعلاج المرض .والمرضى في ذلك واضحون جداً في التعبير عن رغبتهم في استخدام العلاج الطبيعي والطب التكاملي والطب البديل وغيرها . يجب أن يكون من الواضح الآن أن هذا ليس بدعة أو موضة ولكنه إتجاه اجتماعي وحضاري عالمي. وله جذور عميقة وأهمية اقتصادية كبيرة . الأحصائيات والدراسة أوضحت أن حوالي 40 % من الأمريكان يستخدمون في الوقت الحاضر نوعا واحدا أو أكثر من أنواع الطب البديل. ومعظمهم لايخبرون أطباءهم التقليديين بل أن عدد الزائرين والمراجعين إلى ممارسي الطب البديل زاد على عدد الذين يزورون أطباء المجتمع أو العائلة . كما ان الأموال التي صرفت زادت مقارنة بتلك التي صرفت إلى أطباء العناية أو العائلة. والسبب واضح وهو أنهم يعتمدون على قوة التسويق . ماذا يريد المرضى ؟ المرضى يريدون تفويضا كبيرا في تفاعلات الطب ويريدون ان يشاركهم الأطباء آراءهم وأفكارهم عن الصحة والعلاج . ويرد المرضى ان يعطيهم الأطباء الوقت الكافي للجلوس معهم. ويساعدونهم في فهم معرفة طبيعة مشاكلهم الصحية و مرضهم. وليس فقط الترويج للأدوية والجراحة . * يريدون أيضاً من الأطباء الإدراك والاطلاع على تأثير الغذاء على الصحة. ولديهم القدرة على الإجابة بذكاء عن الأسئلة التي تذهل وتربك وتحير. بفضل ما يتوافر عندهم من المعلومات التي تكتب وتنشر عن تركيبات ومصنفات الغذاء. ووكالات العلاج الطبيعي في متاجر الغذاء الصحية. * يرغبون ان يكون لدى الأطباء القدرة على الاحساس بتفاعلات العقل والجسم .وان ينظر الاطباء للمرضى كعقل واحاسيس وروح وجسم وأعضاء في المجتمع. * ويريدون من الأطباء ألا يضحكوا أمامهم او يسخروا منهم إذا ما سألوهم عن الطب الصيني أو أحد أنواع الطب التكاملي . انها مطالب منطقية ومعقولة. ويوجد بعض الأطباء اليوم لديهم المقدرة على مواجهتها . ما المشكلة إذن ؟ المشكلة الكبرى هي أن مدارس الطب لا تدرس الأطباء بالطريقة التي تلبي متطلبات مراجعيهم أو الممارسين وبطريقة استفزازية. وهو ما يدفع الكثيرين ليدرسوا في مدارس ومراكز خارجها في الوقت الذي نجد أن المراكز الصحية تتدهور اقتصاديا. فالطب لايمكن ان يتجاهل اتجاه وتحرك السوق الذي يتحرك بسرعة وبكل تأكيد بعيداً عن النظام التقليدي . من الممكن أن يدرس المرضى والممارسون عن مراكز القوى والمؤشرات من أساسيات الطب بدون رفض أي من المنجزات الحقيقية .فالطب البديل هو خليط من الحكمة والمبالغة وبعضها خطير وغير مؤثر وليس مفيدا وغير معترف به أو مختبر . وفي نفس الوقت توجد على الجانب الآخر بعض أنواع الطب التقليدي غير مبرهنة وليست مختبرة وغير مؤثرة وباهظة التكاليف . والتحدي هنا هو ان نبحث عن كل الدلائل والشواهد عن النظام العلاجي ومحاولة استخلاص العلاجات والأفكار المفيدة والآمنة وغير المكلفة. وبالتالي يجب أن نحاول دمجها في نظام جديد وشامل للممارسة مع قاعدة قويه ونلبي طلبات المستهلكين . هذا النظام الجديد المصطلح المناسب له هو (الطب التكاملي) فهذا تعريف محايد ودقيق ومقبول في كل مقاييس وأنظمة الطب وشامل لأنه يقترح الاحتفاظ بالعلاجات والمتطلبات الرئيسية وينبغي الا يطلق عليه (الطب البديل) حتى لا يتكون مفهوم مغلوط قد تترتب عليه اضرار نحن في غنى عنها. مميزات الطب التكاملي * الطب التكاملي لا يهتم فقط بإعطاء الأطباء طريقة جديدة للعلاج كالأعشاب مثلا إضافة إلى الأدوية الكيميائية بل يساعد أيضاً على الانتقال إلى التوجيهات الأساسية للطب وهو العلاج والشفاء بدلا من علاج الأعراض. * يربط أسباب المشكلة بالعلاقة مع الطبيعة. * يقوي علاقة المريض مع الطبيب * التركيز على العقل والروح بالإضافة إلى الجسم . كل هذا يؤدي إلى طب أفضل بالإضافة إلى تكوين قناعة كبيرة لدى المرضى. فالمستشفيات تواجه الإفلاس ومنظمات المحافظة على الصحة تتنافس على التسويق بإغراء طلبات المستهلكين من خلال عرض الطب التكاملي الذي يسميه البعض الطب البديل . ولكن من أين يأتي الممارسون بالتجهيزات أو الطاقم والموظفين إذا لم تتول كليات الطب تدريبهم ؟. الحلول المناسبة (التدريب والتعليم) خلال السنوات الأربع الماضية عمل برنامج بالطب التكاملي في كلية الطب بجامعة إيرزونا بمدينة تيكسون وهدف البرنامج هو تدريب أطباء المستقبل . وبدأ بالسنة الثانية لأطباء الزمالة وتخرجت الدفعة الأولى في يونيو 1999 م . البرنامج توسع ليشمل الزمالة للممارسين والأطباء والمقيمين وطلاب الامتياز والتعليم الطبي المستمر . ويطبق في العيادات الخارجية لمركز الخدمات الصحية بأريزونا بقائمة انتظار لأكثر من 1000 مريض . بالإضافة أن لديهم برنامجا للأبحاث يشمل المعاهد المحلية للصحة بدعم من المركز المحلي للأبحاث ومنها العلاقة بين طب الأطفال والطب التكاملي. ولكن الغرض الأساسي من البرنامج بالطب التكاملي هو تطوير طرق ونماذج جديدة للتدريس تستخدم بمدارس الطب . فالرجال والنساء الذين اختيروا للتدريب بالبرنامج هم أطباء أكملوا برنامج تخصص العناية الصحية ولديهم الرغبة في أن يكونوا أكاديميين والهدف هو لتحضيرهم للالتحاق بمعاهد أكاديمية ومن ثم ينشئون برامج التدريب . فأطباؤنا حصلوا على خبرة تعليمية مثالية وبرنامج الزمالة وفر مختبرا حيا لتطوير البرنامج الدراسي والطرق لمدارس الطب بالمستقبل . في البداية حصلوا على تعليمات دقيقة في هذه المجالات مثل طب التغذية وطب الجسم والعقل وطب التكيف مع الحياة والطب الروحي والطب التقليدي وأضيفت مواد اخرى مثل فلسفة العلم و فن الطب و الطب العلاجي بالإضافة إلى معلومات في النظريات والممارسة ونقاط القوة والضعف في مجالات الطب البديل لهذا السبب فإن تسمية هذه التخصصات بالبديل خطأ جسيم . فهي يجب أن تكون المنظمة الأساسية لتدريب جميع الأطباء بالمستقبل .فالبرنامج الدراسي الذي طور لهذه التخصصات جاهز لإدماجه في كليات الطب والكليات الصحية في حالة طلبه من المشرفين . المتخصصون بالبرنامج يحصلون على التدريب في بعض التخصصات مثل العلاج الحركي الاستيوباثي والطب الصيني والطب التخيلي.والغرض هنا ليس أن يكونوا خبراء بأنواع الطب الآخرى ولكن لمعرفة مدى استفادة الطرق الأخرى وطريقة تحويل المريض . مثال ذالك : الطب الصيني يشمل التحكم بالغذاء والعلاج بالأعشاب والوخز بالإبر الصينية مما يجعله بالمقدمة لمعرفة كيف ومتى نقرر التحويل المناسب للمريض المناسب ؟. وأخيراً الأطباء يجب أن يتشجعوا لتطوير صحتهم خلال التدريب وذلك بالاهتمام بغذائهم وممارسة الرياضة لإزالة التوتر وبالتالي التأثير على عملهم بالإيجاب. ما هو واجب الطبيب؟ ان كلمة طبيب بالإنجليزية ترجمت من اللاتينية ومعناها المدرس. لذا يجب على الاطباء أن يدرسوا الناس كيف يتجنبون المرض ويمكنوهم من عمل ذلك بشكل مؤثر بتشجيع الصحة لمرضاهم .وإحدى الاتهامات القوية للنظام التدريسي الطبي الحالي هو جعله غير مقبول للناس وانهم لا يحصلون منه على حياة صحية مثالية . ردود الفعل المدير التنفيذي لهذا البرنامج د. ترسي فواديت لاحظ أن كل محاولة طبية تدخل بمدارس الطب تحرق بنهاية انتهاء البرنامج ، فهذا يجب أن يتغير . المشجع هو الاستجابة الكبيرة من الناس العاديين الذين سمعوا عن تطور الطب التكاملي هو (( هذا الوقت المناسب)). ولكن ما الأهداف من إدخال مثل هذه التغيرات في تدريب الأطباء ؟ الأطباء يجب أن يعرفوا ويدركوا أن الأزمات الاقتصادية تدفع وتحرك الطب إلى هذا الاتجاه بشكل لايقاوم لذا يجب أن نقهر كل التحديات . وكأحد أعضاء هيئة التدريس وتدريسي بكلية الطب لأكثر من عشرين سنة فليس لدي أي وهم أو تحفظ على التحديات في تغير النظام الطبي الحالي . فقبل عدة سنوات كنت ألقي محاضرة لمدة ساعة عن إدمان التدخين لطلاب السنة الأولى لأنني أعتقد أنه السبب الرئيسي لأمراض خطيرة يمكن منعها . فهذه الساعة تستحق أن تكون ضمن البرنامج الدراسي فقد احتجت لكثير من الوقت للحصول على موافقة لهذه المحاضرة لسبب بسيط. وهو لا يرغب أحد أن يتنازل عن ساعة.لكن بعدها احس أعضاء هيئة التدريس بكلية الطب بالفرحة بكمية المعلومات التي ألقيت في وقت بسيط. ولكن بالمقابل شعروا بالإضطراب والارتباك للحاجة لتحضير الطلاب لاختبار إمتحانات البورد المحلية. فإذا كان هناك صعوبة لاستغلال محاضرة لمدة ساعة لموضوع مهم إلى برنامج دراسي غير مرن ومزدحم فما هو الحال لإدخال دورة كاملة للطب الغذائي أو الجسم والعقل ؟ ليس هناك الكثير في هذه اللحظات والكثير من القراء ربما يقولون ولكن إذا بدأت الإمتحانات المحلية بإدراج أسئلة عن الغذاء وتداخل عن الغذاء والجسم والعقل والعلاج بالأعشاب فكيف يمكن الإجابة عنها إذا لم يتم تدريسها بالكليات.. لذا يجب على الخدمات الصحية والطبية أن تبدأ بسرعة بتدريس هذه المواد .هذه التغيرات تتطلب المبادرة من المسؤولين عن تدريس الطب وهناك أسباب لهذا الحماس والمبادرة . أولا: المؤتمر واللقاء أكد على ضرورة تدريس الطب التكاملي للدراسات العليا وكليات الطب وصرح لمدير المركز المحلي للطب التكاملي والبديل للعمل بها ليقلل عدم سعادة ورضاء بعض الأطباء . ويستطيع أن يطور بطريقة مدروسة وتخطيطية وعلم جيد وثابت وأخلاقيات المهنة بدون خطورة أو تهور . إن الفرد يستطيع أن يرى إسراف عيادات الطب الشمولي والتكاملي لعدم توافر الخطط المتوقعة مما يعطينا صورة بأن مدارس الطب لا تحضر الأطباء للدخول في هذا العالم الجديد . فتصميم نوع جديد في التعليم الطبي للألفية الجديدة من المتطلبات الضرورية جداً . ثانياً : عدد من المدارس بدأت بتدريس برامج في الطب التكاملي وأكدت على رغبتها بالمشاركة في المناقشات عن إعادة البرنامج الدراسي . قرارات وتوصيات في يوليو 1999 م اجتمع مجموعة من العمداء وممثليهم من المدارس المهتمين بالطب التكاملي بمعهد فيتزر بمدينة كالامازو بمدينة ميتشجان الامريكية ممثلين عن المدارس والجامعات التالية : جامعة ميرلاند وجامعة ماسشويت وجامعة منيسوتا) وخرجوا بالقرارات والتوصيات التالية: * جميعهم أكدوا في هذا الاجتماع التاريخي أن الطب التكاملي هو إتجاه الطب في المستقبل لأنه وببساطة لن يضع الأطباء الذين درسوا أو تدربوا على الطب التكاملي ما تعلموه في حقائبهم ولكن اهتمامهم بتحول الطب وبالتغيير يشمل إعادة علاقة الطب مع المريض وربط الطب بالعلاج والطبيعة والتوسع بالعلم . * المجموعة اكدت أهمية الطرق العلمية والحاجة في العلاج المعتمد على الحقائق . * كونت لجان متفرعة لدراسة المواد المتعلقة بالبرنامج الأكاديمي والبحث والممارسة السريرية. * التخطيط لعقد اجتماعات في المستقبل والمحاولات لإقناع المدارس والجامعات الأخرى للانخراط فيها .و سواء قبلتها أو لم تقبلها فهذه التغيرات ستغزو الطب بسبب الضغوط الاقتصادية وطلب المرضى. كلمة أخيرة ان الطب التكاملي يعرض الوعود القاطعة أو الحتمية بأنه سوف يكون في مقدمة الطب بالقريب العاجل وانه سيقلل من تكاليف العناية بالصحة. ويحسن صحة الإنسان ويعيد ثقة وقناعة المستهلك.