لايزال الطرح الإعلامي للقضايا الصحية في (بعض) وسائل الإعلام يمارس دوراً أقرب الي فرض (الوصاية) على مقدمي الخدمات الصحية بدلاً عن الشراكة والنقد البناء الذي يهدف الي تطوير الخدمات الصحية ، وهو مايعد استغلالاً لرغبة الجهات الصحية في ان تكون أكثر شفافية وتفاعل مع مايطرح في الإعلام بإعتباره الوسيلة الأقرب للمجتمع ويبدو أنها تتطلع بهذا النهج الي إظهار مدى تطور تقبلها للنقد وتصحيح الأخطاء ولكن هناك من يستغل ذلك. وأخص بالذكر مايطرح من حالات فردية لمرضى أو أشخاص والتي يتم إبرازها وكأنها أخطاء ممنهجة في الجهات المقدمة للخدمة ويتم الإسقاط عليها بشكل ينتقص من منظومة عمل كاملة. هل يعي أصحاب ذلك الطرح والذين يستقون المعلومات بشكل إنتقائي من طرف واحد أنهم أحد أسباب زيادة الضغط على الخدمات الصحية من خلال جذب الانتباه الي حالات فردية بعضها صائب ويجب علاجه من خلال النظام ذاته ولكن كثير منها يجانبه الصواب وهو ما يدفع مقدمي الخدمة لتجييش إمكانياتهم (لتسكيت) تلك الأصوات بأي طريقة حتى لا تثير رأياً عاماً يهدم ما تحاول بنائه من جسور الثقة مع المجتمع ، هذا العمل أيضاً قد يؤدي الي تأخر مصالح مرضى أخرين يعالجهم نفس الطبيب الذي يجب أن يوقف كل مافي يده ليرد على الصحافة. الأمر الآخر وهو الجانب التوعوي التي تتطلع له الجهات الصحية من تعاونها مع وسائل الإعلام مفقود وإن وجد فهو عشوائي ويدور في فلك القطاع الخاص والذي يسيطر على أكثر من صفحة صحية ، بالإضافة الي ضعف مستوى الطرح وتضارب المعلومات فيما يخص القضايا الكبيرة والحساسة مثل إنفلونزا الخنازير وهو ما تسبب في عدم ثقة المواطن بماتريده الصحة ويطرحه الإعلام. هل سيأتي اليوم الذي نرى فيه توجه إعلامي صحي واضح وداعم لصحة المواطن بدلا من الإنزلاق خلف ما يهدم جسور الثقة بين المواطن ومقدمي الخدمات الصحية ، أعتقد أننا بحاجة الي سن لائحة منظمة يتم تطبيقها على الجميع فيما يخص النشر للشؤون الصحية تجعل من الواجب مرور الخبر أو التقرير بإجراءات معينة للتأكد من المصداقية وعدم التلاعب بالرأي العام لتحقيق أهداف مهنية أو شخصية.
*رئيس تحرير صحيفة عناية الصحية هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته