قالت الأممالمتحدة إن نصف مليون ناج باكستاني فقط حصلوا على حصص الغذاء والماء النظيف، من أصل عشرين مليونا بينهم ستة ملايين بحاجة ماسة لهذه المساعدات بعد تعرض باكستان لأسوأ فيضانات في تاريخها، بينما فشلت الجهود الحكومية حتى الآن في الوصول لملايين المنكوبين بالقرى المعزولة، رغم إقرار الأممالمتحدة بنجاحها في توفير نصف الأموال الضرورية لعمليات الإغاثة الأولية. وقالت المنظمة الدولية إنها تمكنت من توفير هذه الأموال بعد أيام من الاتصالات مع المانحين والتحذيرات من مواجهة باكستان كارثة إنسانية متفاقمة، وفي حين تزداد المخاوف من انتشار الأوبئة الفتاكة بين ملايين المنكوبين، شهدت الأيام الأخيرة مصادمات بين منكوبين وممثلين للحكومة التي اتهموها بالتقصير بإيصال المساعدات إليهم. وكانت الأممالمتحدة قد أطلقت حملة لجمع 460 مليون دولار لمساعدة المنكوبين إثر الفيضانات التي عزلت آلاف القرى، وقتلت 1600 شخص وشردت ملايين آخرين. وأشار المتحدث باسم الأممالمتحدة ماوريتسو جوليانو إلى أن حجم المساحة المتأثرة بكارثة الفيضانات بباكستان تعادل مساحة النمسا وسويسرا وبلجيكا مجتمعة، وأضاف "هذا شيء مخيف". ومن جهته حاول سفير باكستان لدى الأممالمتحدة في جنيف ضامر أكرم طمأنة المانحين المحتملين بأن هذه الأموال سيتم الاستفادة منها و"لن تنتهي في اليد الخطأ"، مؤكداً أنه سيكون للأمم المتحدة دور كبير في كيفية الاستفادة من هذه الأموال. من جهة أخرى ورغم المحاولات التي تبذلها الحكومة لإيصال المساعدات لملايين المنكوبين بالقرى المعزولة، فإن الأيام الماضية شهدت تزايدا في الغضب المتنامي ضدها بعد أن اتهمها الكثير من المنكوبين بالتقصير بإيصال المساعدات إليهم. وتبذل السلطات جهوداً لمحاولة تغيير مجرى الأنهار في إقليم السند باتجاه الحقول وتحويلها عن المناطق المأهولة بالسكان، حيث تأمل أن تؤدي محاولاتها إلى تمكين عودة النقل بالسكك الحديدية لتموين المناطق المنكوبة بعدما انقطعت طرق المواصلات الرئيسية. واستخدمت قوات من البحرية الحوامات المائية لإيصال المساعدات إلى المنكوبين بالمناطق النائية، أو تلك التي حولتها السيول إلى جزر معزولة بعد تقطع الطرق السريعة وتهدم الجسور. وقد تظاهر مئات المواطنين من ضحايا الفيضانات بإقليمي السند والبنجاب احتجاجا على تأخر الحكومة في إيصال المساعدات إلى مناطقهم المنكوبة. وسد مئات المحتجين الذين كانوا يمسكون بالعصي طريقا رئيسيا بالحجارة خارج مدينة مظفر آباد بإقليم البنجاب الذي يعد من أكبر المناطق المتضررة، في محاولة لانتزاع مواد الإغاثة من الشاحنات، وأحرق متظاهرون الإطارات مرددين هتافات ضد الحكومة. كما اشتبك قرويون أمس مع قوات الشرطة في بعض مناطق إقليم السند جنوب البلاد، وهاجم نحو مائة شخص شاحنتي مساعدات في بلدة شكربور للحصول على مواد الإغاثة التي تحملها. في الأثناء اكتظت المستشفيات بالمرضى، وتنامت مخاوف من انتشار الأوبئة مثل الملاريا والكوليرا. ووصف ذو الفقار أحمد شيخ الطبيب بمستشفى عام في سوكور المدينة الرئيسية بإقليم السند الجنوبي، الوضع بأنه تحت السيطرة، قبل أن يستدرك قائلا "لكن من الصعب الحفاظ على ذلك نظرا للظروف الصحية". وتأتي تصريحات الطبيب في الوقت الذي ينتشر فيه الذباب في أركان المستشفى، وتتناثر الحشرات الميتة على أرضياته. وقد حذرت الأممالمتحدة من احتمال إصابة نحو 3.5 ملايين طفل بأمراض فتاكة تحملها المياه الملوثة والحشرات، في أزمة أضرت بحياة أكثر من عشر سكان باكستان البالغ عددهم 170 مليون نسمة. وكانت المنظمة الدولية قد أعلنت قبل أيام قليلة عن ظهور أولى حالات الإصابة بالكوليرا. من جهة أخرى حذر المتحدث باسم منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة علي خان من احتمال أن تواجه باكستان نقصا في الطعام "إذا فات المزارعين موسم نثر البذور والمقرر أن يبدأ الشهر المقبل".