توقع خبراء الارصاد في باكستان توقفا قصيرا للامطار التي فجرت أسوأ فيضانات تتعرض لها البلاد منذ عقود لكن وكالات الاغاثة حذرت من بطء وصول المساعدات لملايين يعيشون بلا مأوى وبلا طعام ومياه شرب نظيفة. وتراجع منسوب المياه في نهر الاندوس الذي يروي سهول باكستان في اقليم البنجاب الاكثر سكانا والاكثر تضررا من الفيضانات لكن الفيضانات ستستمر على شدتها في المناطق التي تحطمت فيها الحواجز. وفي اقليم السند من المتوقع ان تشتد الفيضانات. وأحاق بالبلاد الكثير من الاضرار بالفعل وحث الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الجهات المانحة الأجنبية على الإسراع بتقديم المساعدات لباكستان وحذر من حجم الدمار بعد الفيضانات التي تسببت في الإضرار بأكثر من عشر السكان الذين يبلغ عددهم 170 مليون نسمة. وقال قمر الزمان تشودري المدير العام لهيئة الارصاد "في البنجاب تراجع مستوى مياه النهر وخلال الاربعة او الخمسة أيام القادمة.. ستسقط أمطار متفرقة لكنها لن تحدث فيضانات. "لكن في المناطق التي تكسرت فيها الحواجز ستستمر المياه في التدفق على مناطق السهول". وغمرت مياه الفيضانات مئات القرى في باكستان في منطقة تبلغ مساحتها مساحة إيطاليا تقريبا كما قطعت الطرق السريعة الى نصفين واضطر الاف السكان المشردين الى اقامة خيام على جانب الطرق. وفاضت أنهار رئيسية بسبب الأمطار الموسمية الغزيرة مما أدى إلى غرق أودية جبلية وسهول خصبة في باكستان مما أسفر عن مقتل ما يصل إلى 1600 شخص وتشريد نحو مليونين آخرين. وتصاعد الغضب العام مما فاقم من مخاطر عدم الاستقرار السياسي والتأثير سلبا على الاقتصاد وزاد ذلك من الضغوط على حكومة غير محبوبة تواجه أيضا تمردا من جانب متشددين. قرويون باكستانيون تقطعت بهم السبل في طريقهم لأماكن آمنة من الفيضانات في خان غارة قرب مولتان وقالت نيفا خان مديرة أوكسفام في باكستان "السرعة التي يتفاقم بها الموقف مخيفة. "هناك مجتمعات بأكملها في حاجة الى مياه نقية ومراحيض وامدادات صحية لكن الموارد المتاحة حاليا تغطي فقط جزءا ضئيلا من المطلوب". وقالت الأممالمتحدة إن ستة ملايين ما زالوا في حاجة إلى الغذاء والمأوى والمياه والدواء. وتقول الأممالمتحدة إن الربع فقط من المبلغ الذي تحتاج إليه البلاد لأعمال الإغاثة المبدئية وهو 459 مليون دولار وصل للبلاد. وتناقض هذا بشدة مع ما قدمته الولاياتالمتحدة من مساعدات عسكرية لحليفتها الاقليمية لمحاربة المتشددين والتي بلغت العام الماضي مليار دولار. وقال بان لدى وصوله إلى باكستان "أنا هنا... لأبدي تعاطفي وتضامن الأممالمتحدة مع شعب وحكومة باكستان في وقت المحنة". ومضى يقول "أنا أيضا هنا لأحث المجتمع الدولي على الإسراع من مساعداته إلى باكستان". واتسم توصيل المساعدات الحكومية والأجنبية إلى المناطق المتضررة بالبطء وحذرت الأممالمتحدة من موجة ثانية من الوفيات بين المرضى والجوعى ما لم تصل المساعدات. وأعلنت الأممالمتحدة عن ظهور أول حالة إصابة بالكوليرا وسط مخاوف من انتشار المرض بينما يبيت الناجون في مخيمات مؤقتة واقية من الماء. وقال ماوريسيو جيليانو المتحدث باسم الاممالمتحدة "كعاملين في مجال الاغاثة الانسانية نحن على أعلى درجات التأهب لان علينا ان نكون مستعدين لاي نوع من التطورات. لا نعرف الى اين تتجه (المياه) ومن المتوقع حتما حدوث مزيد من الفيضانات". ووجهت اتهامات للحكومة الباكستانية بسبب بطء استجابتها للتعامل مع الأزمة واعتمد الضحايا في الغالب على الجيش أكبر القوى في باكستان وعلى هيئات الإغاثة الأجنبية للحصول على المساعدة. من روبرت بيرسل ومن جهة أخرى، تشير المؤشرات إلى زيادة معدلات الجريمة بعد أسبوعين من الفيضانات التي اجتاحت البلاد وتأثر بها ما يقرب من 14 مليون شخص. ويعود المزارع الباكستاني تاج محمد بأسرته إلى قريته التي أغرقتها الفيضانات على الرغم من خطر ارتفاع منسوب المياه فهو يريد أن يحمي ما تبقى له من ممتلكات خوفا عليه هذه المرة من اللصوص لا الفيضانات. وقال محمد بينما تسلق هو ومجموعة من أقاربه من بينهم مجموعة من الأطفال الصغار عربة يجرها جرار زراعي "هناك قطعة أرض جافة وانا سآخذ اسرتي إلى هناك". ويحمل الجرار الأسرة عبر طريق غمرته مياه الفيضانات في إقليم السند الجنوبي إلى قريتهم. وقال محمد الذي كان يقيم مع اسرته في مخيم مع آلاف آخرين من ضحايا الفيضانات على جانب أحد الطرق بالقرب من بلدة سوكور الجنوبية منذ بداية الفيضانات "إذا لم يكن لنا أحد هناك فسوف يأتي اللصوص.. الأمر يتعلق فقط بسلامة ماشيتنا وممتلكاتنا". ونقل كثير من سكان القرى قبل أن يرحلوا عنها مخزوناتهم من الطعام وممتلكات أخرى إلى أسطح منازلهم على أمل أن يكون لديهم ما يرجعون إليه. لكن بعضا منهم على الأقل لن يجد شيئا عندما يعود. وقال المزارع محمد هاشم ان بيته تعرض للنهب بعد أن رحل هو وأسرته بحثا عن الأمان على أراض مرتفعة. وقال هاشم "لم نستطع أن نحمل معنا كل شيء لنتركه على جانب الطريق لذا فقد نجونا بأسرتنا لكننا عندما عدنا كان كل ما نملكه اختفى ولم يبق أي شيء. "لقد جاءوا في قوارب ومعهم بنادق وأخذوا كل شيء. كل الطعام وكل الحبوب". وأضاف "الشرطة موجودة على الطريق فقط. لا تذهب إلى القرى. لا يمكنها المساعدة". وهز رجال يقفون بجوراه رؤوسهم بالموافقة وقال أحدهم "اللصوص في كل مكان. لا يشعر أحد بالأمان".