من حق المرأة أن تشترط عدم الزواج عليها عند كتابة عقد نكاحها ، هذا الشرط أجازه بعض العلماء ، فيما قننه آخرون بشروط ، الأمر الذي أثار جدلاً واسعاً بين رجال المملكة العربية السعودية والذي اعتبره كثير منهم "تحريم لما أحل الله عليهم ". بعض العلماء يرون أن أي شرط في عقد الزواج يتنافي مع حكمة الزواج أو مع أي نص شرعي أو مع أمر مجمع عليه يكون الأمر باطلاً وذلك لحديث رسول الله " المسلمون عند شروطهم إلا شرط أحل حراماً أو حرم حلالاً" . هذا التوجه الجديد تسبب في تذمر كثير من الرجال لحرمانهم من رخصة حلال ، ورصد تقرير برنامج صباح "الخير ياعرب" على فضائية " إم . بي . سي " بعض ردود الأفعال الرافضة لذلك الشرط ، والتى جاء فى مجملها بعض العبارات للشباب السعودي منها : "من الممكن أن أقبل هذا الشرط بشكل مؤقت ، ولكن من الممكن أن أعدل عنه فيما بعد بالاتفاق مع زوجتي". بينما تري أحد السعوديات أن هذا الأمر يضمن حماية كبيرة لحقوق الزوجة السعودية قائلة : " من حق المرأة أن تملي الشروط على زوجها ، وإذا خالف هذا الشرط وتزوج من أخرى يكون لها كل الحق فى فسخ العقد " ، بينما يتساءل آخر بانفعال شديد "بأي شرع وبأي دين يوضع هذا الشرط؟" ، وآخر يفترض "ماذا أفعل إذا لم تنجب الزوجة هل سأجلس وحيداً وأحرم من الأبناء؟ بينما حلل لي الشرع الزواج بأربعة" . أما النساء فهن السواد الأعظم الآتي أبدين فرحة منقطعة النظير بهذا التوجه حيث يرين فيه تعزيز لمكانة المرأة وقيمتها ، بينما يري آخرون أنه مؤشر لارتفاع معدل العوانس والمطلقات لاسيما وأن الشريحة الكبري من الرجال يرفضون ذلك. وهناك اختلاف بين العلماء فيما يتعلق بشروط النكاح ، وعن حق المرأة على الاعتراض على زواج زوجها بأخرى بعقد النكاح يقول الدكتور أحمد المعبي عضو لجنة المحكمين فى وزارة العدل السعودية : هذا الشرط مختلف فيه بين الفقهاء ولكن الصواب أن هذا الشرط شرط صحيح وملزم لقول الرسول صلي الله عليه وسلم "خير ما يجب به الوفاء من الشروط ما استحللتم به الفروج" وهذا ينص على أنه من الشروط الواجب نفاذها على الزوج ، لأن الزوجة اشترطت ألا يتزوج ، وفى حالة عدم الوفاء بهذا الشرط والإخلال به ، فمن حقها أن ترفع الأمر إلى القاضي الذي يقوم بدوره بفسخ هذا العقد وذلك تبعاً لمذهب الحنابلة والمالكية". ويضيف د.المعبي : وهناك حديث آخر يقول صلي الله عليه وسلم "المسلمون على شروطهم إلا شرطاً حرم حلالاً أو أحل حراماً " وهذا الشرط لم يحرم حلالاً ولكنه ضيق سلطة الرجل ، والدليل على ذلك عندما تزوجت امرأة واشترطت علي زوجها ألا يسافر بها خارج بلدها . وبعد خمس سنوات لم يلتزم الرجل بالشرط وأراد أن يسافر بها ، رفعت الأمر إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فنفذ طلبها وفسخ عقدها ، وكان ذلك فى وجود عدداً كبيراً من الصحابة الذين وافقوا على ذلك ومنهن العبادلة والأئمة الكبار ، وهذا ما يعنى أنه إجماع في هذه القضية ، كما نص الإمام ابن قدامة فى "المغني" أيضاً على ذلك . ويؤكد د. المعبي أن المرأة يمكنها وضع أي شرط فى العقد مثلاً : أن لا يتزوج الزوج عليها أو أن تبقي فى بيت أهلها فلا تخرج منه ، أو أن تواصل تعليمها أو تربي أطفالها من رجل آخر .. وغيرها من الشروط التى أقرها الفقهاء ، وفي حالة وضع أحد الشروط وعدم التزام الزوج بها من حقها أن تطالب بفسخ العقد . ويرفض د. المعبي مايقوله البعض بأن هذا الشرط حرم حلالاً ، مشيراً إلى أنه مجرد تقنين فى حدود ضيقة ،والمسألة فيها خلاف بين الفقهاء ولكن المعمول به فى المحاكم ، هو أن فى حالة رفع الزوجة الأمر إلى القاضي سوف ينظر لها ويفسخ العقد كما أنه من الممكن أن يكون خلعاً ، بدون أن يأخذ الزوج شيئاً لأنه لم يف بما التزم ووعد به . والله سبحانه وتعالي يقول "وأخذن منكم ميثاقاً غليظاً " ، والزواج ميثاق غليظ يجب الوفاء والتقيد به ، وعندما ذهبت امرأة للإمام ابن تيمية وعبرت له عن رغبتها فى وضع شرط على خطيبها بعدم الزواج فأجاب : أن هذا الشرط جائز وإذا تزوج عليها فمن حقها أن ترفع أمرها للقاضي (الفتاوي المجلد الخامس) ، كما أيد هذا الكلام تلميذه ابن القيم. وولفت د.المعبي الانتباه إلى أن فى حال شعور المرأة بأن زوجها سيتزوج عليها "بدون شرط مسبق فى صلب العقد بذلك" ، من الممكن تطلب منه أثناء الزواج بالتعهد لها بعدم الزواج ، وهنا يجب عليه أن يفي بالعهد فضلاً وإن لم يكن شرطاً لأن فالمسلمون على شروطهم .