أصدر قاض فيدرالي أمريكي حكما بأن على الحكومة الأمريكية أن تنشر صورا، تظهر الانتهاكات التي وقعت بحق معتقلين لدى الجيش الأمريكي في كل من العراق وأفغانستان. ومنح القاضي ألفين هيلرشتاين بمحكمة منهاتن وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) ستين يوما، كمهلة للطعن في ذلك الحكم. ويعد هذا الحكم انتصارا لاتحاد الحريات المدنية الأمريكي، الذي رفع دعاوى قضائية تطالب بنشر تلك الصور عام 2004. وقال الاتحاد إن نشر الصور سيفتح المجال أمام الرأي العام الأمريكي لمحاسبة الحكومة. لكن البنتاغون ترى إن نشر تلك الصور ربما يتسبب في هجمات ضد المصالح الأمريكية، على الرغم من أن الحكم أمر بنشر الصور بطريقة تخفى هوية الأشخاص فيها. وقال المقدم مايلز كاغينز المتحدث باسم البنتاغون إن وزراته ستدرس الحكم، وستتخذ مزيدا من الإجراءات القضائية، في إشارة للطعن على الحكم. وقال الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية إن الصور "مهمة جدا من أجل نقاش وطني لمسائلة الحكومة، على انتهاكاتها بحق المعتقلين". ويعود النزاع القضائي حول تلك الصور إلى السنوات الأولى من الحرب على العراق وأفغانستان، حيث تسببت صورا عن تعذيب الجيش الأمريكي لمعتقلين في سجن أبوغريب في العراق في حالة من الغضب الشعبي، بعد نشرها عامي 2004 و2006. وأشار الاتحاد، في دعوى قضائية أقامها عام 2004، إلى أن صور سجن أبوغريب أمثلة مهمة، للسجلات التي تحتاجها المنظمة بشأن معاملة المعتقلين. ومن غير الواضح كم عدد الصور الأخرى المتاحة. وتقول الحكومة إن لديها 29 صورة أخرى، من سبعة مراكز اعتقال على الأقل في كل من العراق وأفغانستان، لكن يعتقد أنها ربما لديها مئات وربما آلاف الصور. وقال القاضي هيلرشتاين، في حكم أصدره في اغسطس/ آب الماضي، إن بعض الصور التي رأها "غير ضارة إلى حد ما، بينما تحتاج صور أخرى إلى مزيد من الفحص الجاد". وأشار القاضي في حكمه الأخير إلى أن الصور التي سيتم نشرها يجب أن تعالج، بحيث تخفي هوية الأشخاص الذين يظهرون فيها، وذلك بغرض حمايتهم. وكانت بعض الصور، التي التقطت من جانب جنود أمريكيين، جزء من تحقيقات جنائية حول الانتهاكات المزعومة. وكانت إيلينا كاغان، التي كانت تشغل منصب المدعي العام الأمريكي حينها، قد كتبت في شكوى إلى المحكمة العليا ضمن القضية، إن بعض الصور تظهر "جنودا يوجهون مسدسات أو بنادق نحو رؤوس معتقلين، تمت تغطية رؤوسهم وتكبيل أيديهم بالقيود". لكن القضية أخذت وقتا طويلا أمام القضاء والكونغرس الأمريكي. وطالما قالت الحكومة الأمريكية إن نشر تلك الصور قد يتسبب في شن هجمات ضد القوات الأمريكية وموظفي الحكومة بالخارج. ويقول المسؤولون إن هذا الخطر لم يتناقص مع تقليص دور الجيش الأمريكي في العراق وأفغانستان. وقال الأدميرال سينكلير هاريس، نائب مدير العمليات بهيئة الأركان الأمريكية المشتركة، في شهادة أمام المحكمة في ديسمبر/ كانون الأول الماضي "إن الخطر المرتبط بنشر تلك الصور يتزايد الآن"، في ظل ظهور تنظيم الدولة الإسلامية. وأضاف هاريس أن تنظيم الدولة "سيستخدم تلك الصور لتشجيع المزيد من مؤيديه وأنصاره لمهاجمة القوات والموظفين الحكوميين الأمريكيين". وفي ظل سير الدعوى القضائية أصدر الكونغرس الأمريكي قانونا، يسمح للحكومة بالاحتفاظ بسرية الصور، إذا تيقنت وزارة الدفاع أن نشرها سيعرض المواطنين أو الجنود أو موظفي الحكومة للخطر. وبالفعل، احتفظ وزراء الدفاع الأمريكيون منذ ذلك الحين بسرية الصور، لكن القاضي هيلرشتاين يقول إن الحكومة ليست واضحة بدرجة كافية.