قبل خمسة عقود من الزمن رسم الأمير مقرن بن عبدالعزيز ولي العهد السعودي طريقه نحو خدمة الوطن عندما التحق بالقوات الجوية الملكية السعودية، وظل يعمل فيها 12 عامًا، تنقل بعدها في تسع مهام ومناصب حكومية حددت طريقه نحو ولاية العهد. يتصف الأمير مقرن بأنه يعمل بصمت دون ادعاء أو محاولات ظهور، ولديه إيمان راسخ وعميق بأن الأعمال تتحدث عن نفسها، وبهذه الخصائص والصفات والتعاملات العملية، والتعاطي مع الإدارة عرف الوطن مقرن بن عبدالعزيز منذ أن بدأ حياته العملية ضابطا في القوات الجوية، مروراً بكل المراحل التي تبوأ فيها مسؤوليات قيادية، شارك خلالها في صناعة القرارات فهو رجل دولة ويملك خبرة كبيرة في مجال العمل الحكومي وكان قريبا من صناع القرار، فقد كان ضلعاً مهما من أضلاع القيادة الحاكمة. وجاء تعيين الأمير مقرن بن عبدالعزيز وليا للعهد ونائبا لرئيس مجلس الوزراء؛ ليكون داعماً للحكم وليؤكد أن السعودية تتكئ على قادة حقيقيين يقفون على أساس صلب بني على أساس من الخبرة الطويلة، ولتعطي درساً في الحكمة والروية. وعرف عن الأمير مقرن ثقافته الواسعة، حيث يملك مكتبة هائلة وضخمة بلغات مختلفة ومواضيع متعددة، كما أنه يعشق الزراعة ومارسها، إضافة لعشقه الطيران وعلم الفلك وكل ما يتعلق بالإدارة الإلكترونية وأتمتة الأعمال، ويملك معرفة واسعة بالدول واللغات العالمية فهو في الأصل ضابط في القوات الجوية أكمل دراسته في هذا المجال في بريطانيا. ويقول المقربون من ولي العهد إن احترام الوقت مهم في عرف الأمير مقرن الذي تمرّس في الثكنات العسكرية، وكان أحد أبرز صقور الجو، وقد عرف عنه الجدية والانضباط والصرامة طوال خدمته العسكرية، إلى جانب ما يتمتع به من سمو الخلق وشهامة العربي الأصيل في كل أفعاله وأقواله. ولي العهد من صناع التنمية والتطوير تلقى الأمير مقرن بن عبدالعزيز تعليمه الأوَّلي في معهد العاصمة النموذجي، وتخرج منه عام 1964 وأكمل دراسته في علوم الطيران في معهد كورنويل في المملكة المتحدة وتخرج فيه عام 1968 .. تسع محطات عملية مر بها الأمير مقرن بن عبدالعزيز، بدءاً من عمله "طيارا" في القوات الملكية الجوية السعودية، ثم نائبا للسرب السابع ونائبا لقائد العمليات الجوية في القوات الجوية الملكية السعودية، وأميراً لمنطقتي حائلوالمدينةالمنورة، ورئيساً للاستخبارات العامة ومستشارا ومبعوثاً خاصاً لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله- يرحمه الله- ونائبا ثانيا لرئيس مجلس الوزراء ثم وليا لولي العهد، جعلته يكتسب الكثير من الصفات القيادية والإدارية الجيدة، إضافةً للعلم والمعرفة والخبرة؛ حيث تدرج الأمير مقرن بن عبدالعزيز في عديد من المواقع فهو المواطن الذي لم يكف عن خدمة بلده منذ تخرجه في معهد العاصمة النموذجي عام 1967. الملك عبد الله وبرفقته الأمير مقرن. وحظي بثقة الملك عبدالله- يرحمه الله- حاكما ورئيسا ومستشارا، ونائبا ثانيا لرئيس مجلس الوزراء ثم وليا لولي العهد والمبعوث الخاص للملك للراحل عبدالله، فهو الأمير الذي أفنى خمسة عقود من عمره في خدمة الوطن وهو من صناع التنمية والتطوير ويتمتع بخبرات جمعت بين العسكرية والمدنية، جعلت منه استثنائيا في جميع المواقع والميادين التي كلف بالعمل فيها. مقرن من نائب ثان إلى ولي للعهد تلقى الأمير مقرن بن عبدالعزيز آل سعود البيعة، وليًّا للعهد، بعد مبايعة الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ملكًا جديدًا للمملكة، خلفًا للملك الراحل عبدالله بن عبد العزيز، وكان الأمير مقرن بن عبدالعزير أول فرد من العائلة الحاكمة يشغل منصب ولي ولي العهد الذي استُحدث لأول مرة بموجب قرار ملكي أصدره الملك عبدالله في نهاية مارس 2014 حيث عين في الأول من شباط (فبراير) 2013 نائبًا ثانيًا لرئيس مجلس الوزراء، وهو المنصب الثاني من حيث الأهمية بعد الملك وولي العهد في ذلك الوقت. الأمير مقرن قيادي ماهر يعد ولي العهد الجديد قياديا ماهرا في نهجه متميزا في عطائه، واتضح ذلك من خلال عمله لسنوات عدة في إدارة الدولة ليتمكن من كسب خبرات متنوعة أهلته إلى تقلد مناصب متعددة. شارك الأمير مقرن بن عبدالعزيز منذ أكثر من نصف قرن في خدمة الدولة وأسهم في عمليات التنمية نحو 20 عاما، فهو رجل دولة يتمتع بتاريخ طويل من العمل في خدمة الوطن والمواطنين، حيث تولى مسؤوليات متنوعة الاهتمامات بدءا من مهامه العسكرية مرورا بمهام الحكم المحلي لمنطقتي حائلوالمدينةالمنورة ثم توليه مسؤوليات أمنية وسياسية من خلال رئاسته للاستخبارات العامة وموقعه كمستشار ومبعوث شخصي لخادم الحرمين الشريفين- يرحمه الله- حيث نجح في إدارة ملفات خارجية مهمة لما عرف عنه من خبرة طويلة، وتمرس في أداء العمل في كل المواقع التي عمل فيها، فهو مشهود له بالكفاءة وقائد في المواقف، واتسمت حياته بالأمانة والصدق والإخلاص والبذل، اكتسب حب المواطن واحترامه لقربه من همومه وتطلعاته كاسرا حاجز الروتين في العمل. الأمير مقرن بعد غسيل الكعبة. «الاقتصادية» ولي العهد يقبل رأس المفتي. ويتحدث المقربون من الأمير مقرن بن عبدالعزيز ولي العهد أنه يهتم بفريق عمله وكان يحاول الاندماج معهم لكسر حاجز الروتين، ومن صفاته تفويض الصلاحيات والمهمات مع متابعتها، ويهتم كثيرا بالتطوير والتدريب وحضوره شخصياً لكثير من النداوات، وبذلك حقق الكثير لتطوير الشباب السعودي. واسع الاطلاع والثقافة يصعب مناقشة الأمير مقرن بن عبدالعزيز في أي موضوع لأنه يملك الكثير من الاطلاع والمعلومات حول كل شيء، ويعرف عنه ميوله لعلوم الفلك والقراءة والثقافة، إضافةً إلى اهتماماته باستخدامات التقنية، والحكومة الإلكترونية وتطبيقاتها، فالمناصب القيادية والحساسة التي تولاها الأمير مقرن، لم تقف حاجزاً أمام اهتماماته الثقافية، التي تخالطها شخصيته الاجتماعية، حيث لا يتغيب الأمير مقرن عن أي مناسبة يدعى لها، فيما يبرز حضوره الثقافي بشكل جلي في المجالس والمنتديات التي يترأس عدداً كبيراً منها، ويتجلى ذلك الحضور في مشاركاته ومناقشاته، التي يقف خلفها مخزون ثقافي عال يتمتع به الأمير مقرن، ويدل عليه امتلاكه مكتبة ضخمة من الكتب، ودوائر المعرفة التي يزيد عددها على عشرة آلاف عنوان. رجل بسيط قريب من الناس الأمير مقرن، كما يؤكد عارفوه، يتسم بدماثة الخلق، كما أنه صاحب عقلية منفتحة ويتحدث عدة لغات.. رجل بسيط في مظهره وعفويته، ويقترب منه الناس بسهولة جداً واسع الإدراك منظم ودقيق في مواعيده منفتح تماماً على الرأي الآخر، شخص لديه رؤية مستقبلية. ونشأت علاقة وطيدة بين الأمير مقرن وأبناء حائل وأهالي المدينةالمنورة، حيث كان الأمير مقرن ملامساً لكل أمورهم الحياتية، وحاضراً بينهم في أنشطتهم الاجتماعية وحتى بعد انتقاله إلى مهام عملية أخرى خارج المنطقتين لا يزال التواصل معهم مستمرا، كسب حب الآخرين من خلال الاحتكاك مع كثير من الناس وحل مشاكلهم وهمومهم وتلبية مطالبهم بكل حكمة وحنكة ومشاركته لإخوانه المواطنين أفراحهم وأتراحهم، والسعي لفعل الخير من خلال البذل والعطاء ليكتسب محبتهم الكبيرة، فضلا عن تواضعه الجم ولغة الخطاب التي ينتهجها مقرونة بالابتسامة الحاضرة على الوجه. تطوير منظومة جهاز الاستخبارات العامة ولي العهد والأمير فيصل بن سلمان. الأمير مقرن ينصت باهتمام في إحدى المناسبات المحلية. بعد أن تعرف على تفاصيل عمل جهاز الاستخبارات العامة وجد أنه لزاماً علّيه إيضاح الصورة الإيجابية لهذا الجهاز للمواطن السعودي، متيقنا أنه يجب ألا يخشى من هذا الجهاز، بل يجب أن يفتخر به. وبعد أن تم اختياره من قبل الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز ليخلف الأمير نواف بن عبدالعزيز، في إدارة أحد أهم الأجهزة الأمنية في المملكة في عام 2007 شهد جهاز الاستخبارات السعودية نقلة نوعية، تمثلت في الانفتاح على المجتمع بشكل أوسع، والريادة في التحديث والتطوير، وفق رؤية سديدة حملها فكر الأمير مقرن بن عبدالعزيز، حيث عقد المؤتمر الأول لتقنية المعلومات والأمن الوطني، وهو الأول من نوعه الذي يعقده جهاز الاستخبارات العامة حيث أكد الأمير مقرن في ذلك الوقت أن الاستخبارات السعودية تعمل على خدمة الأمن وحماية المواطن في الداخل والخارج، وتحرص على سلامته، فأمن المواطن والوطن جزء لا يتجزأ من مهمتها، بل هي مهمتها الرئيسة. سياسيا يحمل ملف الوفاق السعودي - الخليجي في أواخر شهر رمضان الماضي كان الأمير مقرن في زيارات خارجية بدأت بدول مجلس التعاون الخليجية بحث من خلالها آفاق التعاون السعودي الخليجي، والتقى خلالها زعماء وقادة المجلس ناقلا لهم رؤية المملكة من الأحداث والتطورات التى تعيشها المنطقة، وحسم معهم أهمية التعاون والتكاتف لمواجهة الأخطار التي تحيط بدول المجلس. وشكلت زيارات وحضور ولي العهد الجديد احتراماً دولياً وجعل وجوده في عواصم صنع القرار حول العالم أهمية مكّنته من لقاء قادة تلك الدول يقيناً منهم بأهمية الشخصية والمنصب والتجربة والرؤية البعيدة المدى لقادة تلك الدول، لما يمكن أن يقود في بناء علاقات وتواصل مع شخص وموقع الأمير مقرن في البعد الاستراتيجي. سيرة حافلة بالعطاء المتابع لسيرة الأمير مقرن بن عبدالعزيز يلحظ أنها حافلة بالعطاء زاخرة بالإنجازات من خلال جميع المناصب الإدارية التي تولى مهامها، وأثبت عبرها أنه رجل دولة من طراز خاص، يتميز بالحرص التام على أداء ما يوكل إليه من مسؤوليات بصورة متوافقة مع متطلبات الوطن وتوجهات القيادة التي ترتكز في أساسها على رعاية مصالح هذه البلاد وتحقيق تطلعات شعبها، إلى جانب ما يتمتع به الأمير مقرن من حنكة ودراية مكنته من التعامل بروية مع الأحداث والمستجدات التي شهدتها الساحة السياسية الدولية والإقليمية التي تعد المملكة أهم الدول المؤثرة فيها؛ هذا فضلاً عما يتمتع به من صفات سياسية وثقافية واجتماعية. السعوديون يبايعون الأمير مقرن وليا للعهد ولي العهد خلال احتفالات الجنادرية العام الماضي. جاء أمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الذي استند فيه على البند (ثانياً) من الأمر الملكي رقم أ / 86 وتاريخ 26 / 5 / 1435ه، والذي ينص على أن يبايع الأمير مقرن بن عبدالعزيز آل سعود ولياً للعهد في حال خلو ولاية العهد، حيث تلقى الأمير مقرن بن عبدالعزيز البيعة على ذلك. ووجد القرار أصداء واسعة وتأييدا وترحيباً وتعبيراً عن الثقة الكبيرة بهذا الأمر الملكي. يأتي ذلك بما ينطوي عليه الأمر الملكي من حكمة وبعد نظر وبصيرة ثاقبة، والأمر الآخر الشخصية المميزة للأمير مقرن المؤتمن على ثوابت المملكة وسياساتها الرشيدة وتوجهاتها التي جعلتها في مرتبة القيادة عربياً وإسلامياً ودولياً، كما أن له المكانة والاحترام الكبيرين اللذين يحظى بهما الأمير مقرن في الداخل السعودي وخارجه بالنظر إلى ما يملكه من صفات ومواقف وتاريخ حافل بالإنجازات في كل مكان أو موقع تولى فيه مسؤولية وفي كل عمل أو مهمة كلف بها. ويحمل الأمر الكريم الصادر عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان في طياته بعد النظر ورؤية لمستقبل البلاد ورسالة للعالم بأن السعودية تعيش استقراراً داخلياً ونمواً اقتصادياً مدروساً وتوازناً سياسياً وتنموياً. ولي العهد يدشن أحد المشاريع.