سارع العاهل السعودي الجديد الملك سلمان يوم الجمعة إلى الإعلان عن بقاء وزير النفط المخضرم علي النعيمي في منصبه في رسالة تهدف لطمأنة سوق الطاقة القلقة والتي تدرك الدور الكبير للنعيمي في منظمة البلدان المصدرة للبترول أوبك. وتوفي الملك عبد الله يوم الجمعة وتولى أخوه سلمان الملك بعده. وتعهد الملك الجديد في أول كلمة له إلى الأمة بالحفاظ على منهج أسلافه. والنعيمي البالغ من العمر 79 عاما شخصية رائدة في السوق على مدى عقدين من الزمن ونجح في نوفمبر تشرين الثاني في إقناع أوبك بعدم خفض الانتاج برغم الانخفاض الحاد في أسعار النفط بهدف الحفاظ على حصة المنظمة بالسوق. ويقول محللون إن من المستبعد أن تتغير تلك السياسة في عهد الملك سلمان. وقال ياسر الجندي من مادلي جلوبال ادفايزرز "ما يحدث الآن هو سياسة مملكة وليس سياسة الملك." واضاف "ستواصل المملكة تحديد سياستها بناء على اعتبارات اقتصادية فقط وليس اعتبارات سياسية. سلاح النفط انتهى منذ فترة طويلة." ومع بقاء النعيمي في موقعه في الوقت الراهن قال محللون إن التركيز الآن ينصب على إلى متى سيبقى نظرا لأن رحيله قد يؤثر على السياسة السعودية وعلى منظمة أوبك وعلى أسعار النفط بوجه عام. وقال صمويل سيزوك من وكالة الطاقة السويدية "من المرجح إلى حد بعيد أن يبقى النعيمي في الأجل القصير .. حتى لا يبدو الأمر كما لو أن الملك الجديد يستعد لتغيير في السياسة ... كان هناك حديث عن أنه سيترك المنصب في السنة القادمة أو نحو ذلك ... في الحقيقة .. قد يؤدي هذا إلى تأجيل تقاعده قليلا." وقال أوليفر جاكوب من بتروماتريكس للاستشارات "أعتقد أنه سيكون من الصعب تغيير وزراء في الوضع الحالي. إذا كان النعيمي سيرحل أعتقد أنه سيفضل الرحيل بعد عودة قدر من النظام إلى أوبك." وسيكون خليفة النعيمي خامس وزير للبترول فقط في تاريخ السعودية. وأسلافه هم عبد الله الطريقي (1960-1962) وأحمد زكي يماني (1962-1986) وهشام ناظر (1986-1995). ويقول محللون إن من بين أبرز المرشحين لخلافة النعيمي خالد الفالح الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو الحكومية العملاقة والأمير عبد العزيز بن سلمان نائب وزير البترول. ورقي النعيمي إلى أعلى منصب نفطي في المملكة في عام 1995 بعد أن كان قد بدأ العمل في أرامكو كساع في مكتب في الثانية عشر من عمره وصعد إلى أن أصبح الرئيس التنفيذي لها. والنعيمي أحد أكبر المسؤولين من خارج الأسرة المالكة في السعودية ويعرف بإدارته لسياسات أوبك بدهاء. وتعامل النعيمي مع أكثر من موجة انهيار لأسعار النفط إحداها هبوط الأسعار بأكثر من 100 دولار للبرميل في النصف الثاني من عام 2008. وقاد الوزير السعودي أوبك في ذلك الوقت لتنفيذ أكبر خفض للامدادات على الإطلاق. لكن شبح الإخفاق في محاولة منع الانخفاض الحاد في أسعار النفط من خلال تقليص الانتاج بنحو ثلاثة أرباعه في الثمانينات جعل السعودية عازمة على عدم تكرار نفس الخطأ. وتشمل السياسة النفطية للمملكة الحفاظ على طاقة انتاج فائضة للمساعدة في استقرار أسعار الخام وعدم التدخل في السوق لأسباب سياسية. ورغم ذلك يتمتع النعيمي بنفوذ كبير في تلك القرارات وأتيح له مجال واسع لتفسير وتطبيق السياسة بالشكل الذي يعتقد أنه الأمثل. ولا يوجد ما يضمن أن يتمتع خليفته بنفس الامتيازات سواء في المملكة أو في أوبك أو ما إذا كان سيتبع نفس الاستراتيجة الخاصة بالسوق. وتقول الرياض وحلفاؤها أعضاء أوبك من دول الخليج إنه قد حان الوقت للمنتجين الآخرين مثل روسيا أو منتجي النفط الصخري الأمريكيين أن يخفضوا الانتاج وإنه لم يعد ممكنا أن تخفض أوبك الانتاج - مقلصة حصتها بالسوق - من أجل تجنيبهم التباطؤ. ويحتج الحلفاء بأن انخفاض أسعار النفط سيحفز الطلب ويبطئ انتاج الحقول مرتفعة التكلفة دون أن تضطر أوبك لخفض الانتاج.