نفى المفكر الإسلامي الدكتور محمد عمارة، ما ذكرته وكالة "رويترز" منسوبا إلى الإمام محمد عبده منذ أكثر من مائة عام حول اعتبار حجاب المرأة مجرد "عادة" نتجت عن الاختلاط بأمم أخرى، واصفا هذا الكلام بأنه محض كذب وافتراء على الرجل. وقال في تصريح لموقع "المصريون" إن الإمام محمد عبده لم يقل أبدا هذا الكلام المنسوب إليه من أنه شكك في فرضية الحجاب، بل أثبته في كل كتبه ومؤلفاته كما اثبت فرضيته بالكتاب والسنة، أما بخصوص النقاب فكان يناقشه في إطار ما اجتمعت عليه آراء علماء الأمة بأنه قد يكون من باب العادات القديمة التي نتجت من الاختلاط بأمم أخرى. وأضاف أن رأى الإمام محمد عبده في الحجاب واضح كوضوح الشمس ولا يستطيع أي إنسان أن يثبت أن الرجل قال مثل هذه التخاريف التي تشكك في ما أوجبه الإسلام فيما يخص الحجاب، أما كلامه عن النقاب فله وجهة نظره وقد يختلف معه بعض العلماء. وأشار إلى أن بعض وسائل الإعلام صاحبة الفكر العلماني تفسر أقوال العلماء الكبار في مثل هذه المسائل بما يخدم توجهاتها وأفكارها العلمانية التي تريد النيل من الإسلام وعقائده. جاء ذلك تعليقا على تقرير بثته وكالة "رويترز" نسبت فيه إلى الإمام محمد عبده القول قوله عن الحجاب بأنه "مجرد "عادة" نتجت عن الاختلاط بأمم أخرى"، وإن آية غض البصر تتوجه إلى الرجال والنساء وإن المرأة "ليست بأولى من الرجل بتغطية وجهها". بدوره اتفق الدكتور محمد المختار المهدي رئيس الجمعية الشرعية مع كلام الدكتور عمارة، مؤكدا أن الطريقة التي عرضت بها وسائل الإعلام لكلام الإمام محمد عبده عن الحجاب والنقاب تحتوي على لغط وتلفيق، حيث قال إنها أوهمت القارئ من خلال كلامه عن النقاب بأنه قد يكون عادة ظهرت من خلال الاختلاط بالأمم بأن هذا يخص الحجاب أيضا، وهذا كذب وافتراء على الرجل. وأشار الدكتور المهدي إلى أن الحجاب أية قرآنية، وليس عادة كما نُسب للإمام محمد عبده كذبا وافتراء، ولا خلاف حول هذا الموضوع لأن علماء المسلمين اتفقوا من خلال الاستدلال بالقرآن والسنة إلى فرضيته، كما أن الدعوة إلى سفور المرأة عن وجهها دعوة باطلة ومنكرة شرعا وعقلا ومناهضة للدين الإسلامي ومعادية له، والمسلم مدعو إلى كل ما من شأنه أن يزيد في حسناته ويقلل من سيئاته سرا وجهرا في كل أقواله وأفعاله وأن يبتعد عن وسائل الفتنة ومزاولة أسبابها وغاياتها. ووصف عضو مجمع البحوث الإسلامية هذا الكلام بالمجوجية والكلام الفارغ، موضحا أن المنسوب للإمام محمد عبده لم يناقش ما أجمعت عليه الأمة من خلال القرآن والسنة، فهناك نصوص قطعية وتعبدية لا يجوز النقاش فيها، ومن آيات الحجاب قوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} فهذه الآية نص واضح في وجوب تحجب النساء عن الرجال وتسترهن منهم، وقد أوضح الله سبحانه في هذه الآية الحكمة في ذلك وهي أن التحجب أطهر لقلوب الرجال والنساء وأبعد عن الفاحشة وأسبابها. وأوضح أن هذه الآية عامة لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهن من المؤمنات، حيث قال القرطبي رحمه الله: "ويدخل في هذه الآية جميع النساء بالمعنى، وبما تضمنته أصول الشريعة من أن المرأة كلها عورة بدنها وصوتها فلا يجوز كشف ذلك إلا لحاجة كالشهادة عليها أو داء يكون ببدنها إلى غير ذلك من الآيات الدالة على وجوب الحجاب".