«الغيرة» من أحد أهم أسباب الشك عند المرأة، حيث يراها البعض غريزة مثل الامومة، تأتي من باب الخوف وحب الزوج وفي هذه الحالة تكون طبيعية، وأحيانا تتحول فيما بعد إلى شك في كثير من الأمور، أو تكون مصاحبة له، وقد تتجاوز الغيرة والشك الحد الطبيعي حتى تصبح من منغصات الحياة الزوجية. ووفقا لتقرير "المدينة"، تتحدث دكتورة التربية الاجتماعية شيخة العودة بشكل مفصل عن «شك الزوجة» فتقول: أسباب هذه الشكوك وأغلب ما يجعل الزوجة تضع زوجها في موضع شك يكون بسببه وبسبب بعض تصرفاته المثيرة لشك زوجته، وقد يكون بعض هذه الشكوك ناتجا عن ضغوط حياتية أو تكون بسبب أمراض واضطرابات نفسية تحتاج للاستشارة النفسية، فالزوجة تخاف على كينونة واستدامة بيتها والمحافظة على زوجها، وتجعل من مهامها إذا رأت ما يثير غيرتها وشكها مراقبة زوجها في كثير من أموره واكثر ما تشك به خوفها من ارتباطه بأخرى أو خيانته لها. آداب نبوية ----------- وتشير العودة إلى أن هناك نوعان من شك المرأة، نوع سوي ونوع غير سوي، والنوع السوي هو الغيرة وهي شيء جبلي فطري وتكون محمودة اذا كانت في حدود الاعتدال: سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عائشة يوما: «أغرت؟ فتعجبت وقالت: ومالي أن لا يغار مثلي على مثلك». وقد تتجاوز الغيرة حد الاعتدال فتتحول لتصبح شكا مرضيا غير سوي مصحوب باتهامات. فعن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: «من الغيرة ما يحبه الله، ومنها ما يبغضه الله، فأما التي يحبها الله فالغيرة في الريبة، وأما التي يبغضها الله فالغيرة في غير ريبة. وهذا الشيء الذي نحذر منه وصول الشك إلى درجة الاتهام بالتصرفات والسلوكيات والمقاصد، مما يؤدي إلى انعدام الراحة النفسية في المنزل وانهيار العلاقة الزوجية، وهناك أضرار تعود من شك الزوجة على الزوجة نفسها كأن تسوء نفسيتها وعدم شعورها بالاستقرار وتسرب القلق إلى ذاتها مما يؤدي بها إلى ضغط نفسي وعصبي وكثرة الشكوى، وظهور الهواجس والوساوس التي لا أساس لها من الصحة، بالإضافة للاندفاع والتهور والتسرع في اتخاذ القرارات الخاطئة، وقد تتسبب في نزع روح المودة والمحبة بينها وبين زوجها وقد تؤدي بزوجها فعلا للخيانة الزوجية ثم تقع في عذاب الضمير نتيجة تأثر الحياة الزوجية بالشك ووقوع الانفصال والطلاق وتشتت الأسرة. وعليها أن تتفكر بل تفكر في قول الله تعالى: «يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاء إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ». مخاطر الشك ----------- وتنصح الدكتورة شيخة المرأة بالثقة بزوجها والسيطرة على شكوكها وتقول: أهم نقطة تجعلها في راحة نفسية وثقة تامة أن زوجها أختارها من بين النساء الكثر حولها، وعليها لكي تصلح حياتها ككل أن تصلح ما بينها وبين ربها ثم عليها أن تزيد في ثقافتها بالاطلاع والقراءة، ثم الانشغال بما يعود عليها وعلى أسرتها بالنفع، وأن لا تتأثر بما تسمع من صديقاتها أو زميلاتها من قصص الخيانات الزوجية وما إلى ذلك، وأن تقتنع بخطر الشك وكثرة مفاسده وأنه لا فائدة منه ولا يغير شيئا في الواقع بل يجعل العلاقة متوترة بين الزوجين وتنتهي بالانفصال غالبا وشتات الأسرة، ولتجعل هذه المقولة حكمة لها «من يزرع بذور الشك يجني ثمار الشوك». أما في حال تاكدت الزوجة من شكوكها بخيانة زوجها أنصحها قبل اتباع آثار المشاعر المجروحة أولًا باللجوء أولًا لله واصلاح ما بينها وما بين ربها حتى يصلح لها الله زوجها وخلقه، ولتعلم الزوجة أن صبرها على ما يقع من زوجها من أخطاء طاعة لله ومن يكن مع الله يكن معه فلتكثر الصدقة والدعاء والاستغفار، وعدم افشاء ونقل هذه المشكلة للآخرين وأن تجعلها ضمن حدود بيتها، مع مراعاتها عدم مواجهته لأنه قد ينكر أو يعترف فلا فائدة في كل الأحوال، فأن أنكر زاد الشك اكثر ولم تستفد شيئا، وأن أعترف ستصدم وكيف سيكون الحل بعدئذ؟ ولتضع في اعتبارها أن هذه قد تكون نزوة عابرة وتنتهي فلا تؤكد عليها، وفي الأوقات الهادئة بينها وبين زوجها تلمح بقصة أو عظة أو عبرة يستقي منها خطر ما يقوم به من أخطاء تجاه حياته الزوجية. كما على الزوجة ان تضع في اعتبارها أن لا تؤثر شكوكها بزوجها على أبنائها ولا على حياتهم بأي شكل، وأن لا تناقش زوجها في بعض تصرفاته أو ما تشك به أمام أطفالها أو على مسامعهم نهائيا. حكمة وهدوء ------------- وتوجهه العودة نصحها للزوج أيضًا في كيفية احتواء شك الزوجة وقالت: على الزوج أن يظهر لزوجته حبه، وعليه أن يكون شخصا واضحا شفافا، ولا يثير شكوكها بتصرفاته وغموضه وتأخره في الخارج، وأن كان الشك فادحا متكررا ويخشى أن يهدم أركان الأسرة على الزوج أن يصحب زوجته في رحلة هادئة ثم يوجهها بحب وبلغة المودة وبدون عنف، ويذكرها بكل شيء جميل في حياتهما، ويذكرها بقوله تعالى «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ»، ثم يضعان حلولا مشتركة لهذه المشكلة ويسمح لها بالبوح عن مكنونات هذه المشكلة ويتقبلها ويتفهمها ثم يبدأن بغرس الثقة من جديد. وأخيرًا حذرت الدكتورة شيخة الزوجة بعدم ترك بيتها وتقول: يجب على الزوجة أن تتحلي بالحكمة والهدوء في احتواء المواقف وألا تهجر الزوجة بيتها وزوجها لمجرد ظن أو شك، ويجب أن تحافظ على مستوى ايجابي من الثقة بينها وبين زوجها، وترك له مساحة من الحرية الشخصية التي لا تتناقض مع روح المسؤولية الأسرية كرب أسرة ولتعرف أن شكها لن يغير في الأمر شيئا سواء كان شكها وهما أو في محله، كل ما يدره عليها الشك هو التعب والارهاق النفسي لا غير، وان كانت نيتها في الشك اصلاح الأمر فالشك ليس هو الطريق الأصوب لذلك.