فجر الإعلامي والباحث الدكتور صالح بن ناصر الحمادي مفاجأة عندما قال أن هناك شبه اتفاق بين أغلب المؤرخين على إن بداية الحياة البشرية لا ترتبط بآدم عليه السلام وبالتالي فهو ليس أبو البشرية بل أبو الانسان بتركيبته وتكوينه الحالي منذ هبوطه على هذا الكوكب إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. وقال الحمادي في محاضرته في نادي ابها الادبي عن(المجتمع العسيري في العهد السعودي) أمس الثلاثاء أن آدم أبو الانسان وليس أبو البشرية والخلاف قائم حول أسبقية أدم من البشر بعد هبوطه للأرض ويذهب كبار المؤرخين إلى إن أدم أتى بعد سلالات بشرية، ومنهم ابن الأثير و الطبري.... والمقريزي الذى أنشأ مدرسة التاريخ ... وهيرودوت واللاهوتي الشهير كلارك ... وركز على هذه الجدلية المؤرخ المصري الجبرتى وهو من أصل حبشي ، بل حتى زغلول النجار دخل في جدلية واسعة النطاق مع عبد الصبور شاهين وبالتالي الأغلبية يشيرون إلى نشأة الحياة البشرية على كوكب الأرض قبل آدم عليه السلام بملايين السنين وأن الصراعات بين الجن والانس للسيطرة على كوكب الأرض كانت عنيفة واستمرت حقبة من الزمن وبعض المعارك كانت بقيادة " عزازيل " الذي أصبح فيما بعد الشيطان الرجيم لرفضه السجود لأدم عليه السلام. وشدد المحاضر على أن هذه أمور جدلية ولن نتعمق في علم الأنثروبولوجيا، فالقرآن الكريم حدد وظائف الانسان في الارض ، وهذا يكفي., مضيفا أن آدم هبط لكوكب الأرض فكانت بداية جديدة للإنسان بخصاصه الحالية وأول ذريته هابيل وقابيل وبعد ذلك ظهر النبي نوح والذي كان له أربعة أبناء، الذي يجب أن ننطلق منه في هذا السرد والتتبع التاريخي كلام صفوة البشر محمد صلى الله عليه وسلم الذي يشير إلى إن للنبي نوح عليه السلام أربعة أبناء من الذكور هم: ( يافث – سام – حام – كنعان ) وهذا الأخير هو الذي لجأ إلى الجبل ليعصمه من الماء فكان من المغرقين أما الثلاثة الباقون فإن كل من على وجه هذه الأرض اليوم من سائر أجناس بني آدم ينسبون إلى أولاد نوح الثلاثة الباقين ( سام وحام ويافث ( وهذا كلام موثق تاريخيا عن طريق صفوة البشر محمد صلى الله عليه وسلم وكان الإمام مالك يأخذ تلاميذه ويذهب بهم ومن ضمنهم الشافعي لقبر الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ويقول لهم كلٌ يؤخذ من كلامه ويرد عليه إلا صاحب هذا القبر الذي لا ينطق عن الهوى. وروى الإمام أحمد أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( سام أبو العرب وحام أبو الحبش ويافث أبو الروم ). وقد روي عن عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثاً مثله جاء فيه: ( والمراد بالروم هنا الروم الأول وهم اليونان المنتسبون إلى رومي بن لبطي بن يونان ابن يافث بن نوح وذكر القلقشندي في نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب أنه وقع الاتفاق بين النسابين والمؤرخين أن جميع الأمم الموجودة بعد نوح عليه السلام دون من كان معه في السفينة، وعليه يحمل قوله تعالى: { ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ..}الإسراء3 وقوله تعالى: { وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمْ الْبَاقِينَ }الصافات77 .... ومن ذرية نوح ظهرت أمام منهم أربعة ملكوا الدنيا من مشرقها إلى مغربها . وتعاقب على البشرية امم سادت ثم بادت من ضمنها أشهر وأغنى دولة شهدها التاريخ البشري دولة " سبأ" كما ورد في القران الكريم. وبعد سقوط هذه الدولة انتشروا في أرجاء المعمورة واستقر بعضهم في مكة " جرهم" وفي يثرب الأوس والخزرج ... في بلاد قحطان مذحج " هامة العرب " وفي بلاد شهران خثعم... وفي بلاد عسير الأزد قبل البعثة المحمدية تكونت دولة ذات شأن عظيم في بلاد عسير عاصمتها " جرش وقد دخلت بلاد عسير في الدين الإسلامي بدون جهاد عن طريق التجار بين مكةوعسير عدا العاصمة " جرش" التي شهدت حصار جيش صُرد بن عبد الله والمعركة الشهيرة حول جبل " شكر" وقد ذهبت الوفود من بلاد عسير إلى المدينةالمنورة لمقابلة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وأشهر هذه الوفود وفد صرد بن عبد الله الذي أمره على بلاد عسير وكلفه بمواجهة الكفار مما يليهم .... ووفد سويد أبن الحارث حيث دار بينهم وبين الرسول صلى الله عليه وسلم حديثا شيقا يعد وثيقة تاريخية فقد سألهم صلى الله عليه وسلم عن حقيقة ايمانهم فقالو ورثنا خمس عشرة خصلة خمس منها أمرتنا بها رسلك أن نؤمن بها وخمس أمرتنا أن نعمل بها وخمس تخلقنا بها عن آبائنا وأجدادنا فنحن عليها الآن إلا أن تكره منها شيئا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " وما الخمس التي أمرتكم بها رسلي أن تؤمنوا بها " ؟ قلنا : أمرتنا أن نؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت . قال " وما الخمس التي أمرتكم أن تعملوا بها " ؟ قلنا : أمرتنا أن نشهد ألا إله إلا الله وأنك محمد رسول الله ونقيم الصلاة ونؤتي الزكاة ونصوم رمضان ونحج البيت الحرام من استطاع إليه سبيلا فقال " وما الخمس التي تخلقتم بها في الجاهلية ؟ " قالوا : الشكر عند الرخاء والصبر عند البلاء والرضى بمر القضاء والصدق في مواطن اللقاء وترك الشماتة بالأعداء . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " حكماء علماء كادوا من فقههم أن يكونوا أنبياء " ثم قال وأنا أزيدكم خمسا إن كنتم كما تقولون فلا تجمعوا ما لا تأكلون ولا تبنوا ما لا تسكنون ولا تنافسوا في شيء أنتم عنه غدا زائلون واتقوا الله الذي إليه ترجعون وعليه تعرضون وارغبوا فيما عليه تقدمون وفيه تخلدون فانصرف القوم من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وحفظوا وصيته وعملوا بها . وحول منطقة عسير في العهد السعودي قال الحمادي : الذين يعرفون مناطق البلاد قبل الحكم السعودي بما فيها منطقة عسير يعلمون تماما كيف كانت الأوضاع ويعرفون كيف أصبحت منذ وحدها الملك عبد العزيز – رحمه الله – حتى وقتنا الحاضر .... نعم الأمن والاستقرار الذي تنعم به بلادنا لا يعادلها أي شيء ومحللي السياسة وخبراء التحليل الاجتماعي يرون حجم السلام النفسي والاجتماعي الذي يميز حياة السعوديين والفوارق وضاحة للعيان بين أمن واستقرار داخلي وفوضى واضطراب في دول أخرى ، وقد تحقق ذلك لبلادنا بالتركيز على تطبيق شريعة الله والعدل والحكمة في المواقف الصعبة، وهذه المميزات في الحياة العامة التي تحياها المملكة العربية السعودية ، ويتمتع بها المواطن والمقيم والوافد إليها بفضل الله تعالى ، فالمحافظة على القيم الإسلامية ، وتطبيق شريعة الله وترسيخها ونشرها ، والدفاع عن الدين والوطن ، والمحافظة علي الأمن والاستقرار الاجتماعي للبلاد كلها دعامة التنمية في المملكة ومنبع الاستقرار فيها لن اتطرق إلى الجانب التاريخي في منطقة عسير كأحداث، فقد أشبع هذا الجانب أكاديميون كثر، وإنما سنتطرق للجانب الاجتماعي كتوثيق تاريخي للأجيال المقبلة، ولا بأس من جرد تاريخي مختصر. قبل حوالي مائة عام، وبالتحديد في شهر ذي القعدة عام 1328ه (1908م) عمت الفوضى منطقة عسير، وتزامن ذلك مع ثورة 1908م على السلطان عبد الحميد من قبل جمعية الاتحاد والترقي، وزادت الأوضاع سوءاً مع الحرب العالمية الأولى، ورحيل الأتراك المفاجئ، فانتشر الخوف والفقر والفتن، وانعدام الأمن، والاستقرار وهما مقومات الحياة البشرية في كل مكان وكل زمان ، حتى دخول منطقة عسير تحت حكم الدولة السعودية الثالثة، فكانت مرحلة التغيير للأفضل عند انضمام منطقة عسير إلى ركب الوحدة المباركة تحت الحكم السعودي عام 1338ه – 1918م، وكانت منطقة عسير سعيدة بهذا الاستقرار مع الدولة السعودية الجديدة التي تعتمد تطبيق الشريعة الإسلامية منهج عمل وحياة، وقد زادت الوحدة الوطنية ترسيخاً وثباتاً مع مَقدَم الملك فيصل بن عبدالعزيز قائداً للقوات السعودية في عام 1340ه – 1920م، حيث مُهدت الأوضاع، وقام بإصلاحات عدة، وشهدت المنطقة بعد ذلك استقراراً وتطوراً في كل المجالات . ثم بدأت بعد ذلك مرحلة الأمير خالد الفيصل، وهي حقبة مهمة، حيث تحولت جماليات عسير الطبيعية إلى استراتيجية اقتصادية سياحية ثرية، وتحولت عسير إلى منطقة حضارية بكل المقاييس، ثم بدأت مرحلة صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن خالد. أول أمير من آل سعود ليس الأمير خالد الفيصل، كما يعتقد بعضهم، بل إن أول أمير لمنطقة عسير من الأسرة السعودية الحاكمة هو الأمير فهد بن سعد، وكان من المقرر أن يباشر في منطقة عسير عام 1391ه، ولم يتم ذلك لظروف نجهلها، فصدر قرارٌ ملكي بتعيينه أميراً لحائل، وتعيين الأمير خالد الفيصل أميراً لمنطقة عسير عام 1391ه/ 1971م، وهنا نورد قائمة حكام عسير في العهد السعودي: وقال الحمادي عن كتابه فرسان من عسير هذا الكتاب ركز على الجوانب التاريخية الاجتماعية؛ لأن التاريخ الاجتماعي محصور في محاولات قليلة جداً، ولعل في هذا الكتاب الذي أقدّمه للقارئ الكريم جزءاً من الرصد التاريخي الاجتماعي لمنطقة عسير، كما أعترف في هذا الرصد التاريخي الاجتماعي أن هناك قصوراً في رصد كل ما يتعلق (بفرسان من عسير)؛ لشح المعلومات، وقصور في رصد تاريخ أسر مهمة للغاية؛ لضعف التجاوب من بعض الأسر التي لها تاريخ يستحق التوقف عنده، ونأمل أن يكون هناك رصد آخر توثيقي اجتماعي لمنطقة عسير في السنوات المقبلة بإذن الله. وقال المحاضر: لعل من أهم دوافعي لتأليف هذا الكتاب حرصي على حفظ الأنساب والأعلام لأهمية ذلك للأجيال المقبلة .... ولأن علم النسب علم أصيل شريف جليل القدر رفيع المنزلة ،.... يقول الرسول عليه الصلاة و السلام : ( تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم ) ولو لم يكن في علم النسب منفعة لما اشتغل به الصحابة و التابعون وأكابر العلماء ، رضي الله عنهم أجمعين ..