حين تكرّر على أحدهم (كلمة بريئة) بصيغة التهمة أو الشتيمة سيتبناها بعد فترة على أنها كذلك.. وهذا بالضبط ما تفعله المنظمات اليهودية التي أصبحت تكرر كلمة (لاسامي) على معارضيها حتى تحولت الى شتيمة وتهمة كبيرة.. ولكن الحقيقة هي أنه من البدهي جداً أن لايكون ثلثا العالم من الساميين .. ومن الطبيعي جدا أن لا يشكل اليهود أنفسهم سوى جزء صغير جدا من الثلث المتبقي.. فثلثا العالم (حسب مرويات التوراة نفسها) ينتسبون الى حام ويافث ولدي نوح عليه السلام ، في حين ينتسب العرب واليهود الى الابن الأكبر سام (وحسب علمي هناك ابن رابع لنوح يدعى يام أو كنعان ولكنه غرق مع أمه التي رفضت ركوب السفينة)!! وهذا يعني أنه من المغالطة (من وجهة نظر دينية وتاريخية) اتهام العرب بالسامية كونهم يشكلون أصلًا الجزء الأكبر من سلالة سام.. كما من الخطأ اتهام أي شخصية أفريقية مثل نيلسون مانديلا باللاسامية لأنه (على أي حال) ينتسب الى حام الابن الثاني لنوح عليه السلام.. أما أصغر الأبناء (على أغلب الروايات) فيدعى يافث الذي يعد أبا القوميات الشمالية والأوروبية ؛ وبالتالي من الطبيعي أن لا ينتسب أي مسؤول تركي أو أوروبي الى الساميين... (ويختصر كل هذه التقسيمات قول الرسول صلى الله عليه وسلم : سام أبو العرب ويافث أبو الروم وحام أبو الحبش)!! .. وفي الحقيقة ؛ هذه المقدمة التاريخية (التي تعتمد على التفسير الديني وماجاء في كتب اليهود أنفسهم) ضرورية لتوضيح حجم المغالطة الكبيرة التي يفبركها صهاينة اليوم عن "اللاسامية".. ففي نهاية كل عام تصدر المنظمات الصهيونية في أمريكا قائمة سوداء بأهم الشخصيات المعادية للسامية.. والمقصود هنا ليس المعادين للعرب (الذرية الأكبر لسام) بل المعادين لليهود (الذرية الأصغر) وتحديدا الصهاينة (الحركة السياسية التي لا تمثل كافة اليهود).. ومن فرط تكرار كلمة "لاسامي".. ومن فرط شهرة واستمرارية هذه القائمة؛ تحولت "اللاسامية" الى تهمة مرعبة (توازي الشيوعية والنازية) يمكنها تشويه سمعة أي سياسي أو مسؤول في الغرب!! ... والغريب أن الاتهام باللاسامية قد لا يتطلب أكثر من تصريح بسيط أو رأي محايد لحقيقة مجردة؛ فلو راجعنا مثلا قائمة اللاساميين في عام 2010 (وهي آخر قائمة ظهرت حتى الآن) لوجدنا على قمتها صحفية يهودية تجاوزت التسعين عاماً تدعى هيلين توماس ضمت لقائمة الساميين المعادين لليهود (وطردت من البيت الأبيض حيث كانت تعمل في وظيفة كبيرة الصحفيين) لمجرد أنها قالت لحاخام من نيويورك وأثناء وقوفهما لتناول الشاي: "فليذهب اليهود إلى الجحيم، لماذا لا يخرجون من فلسطين".. أما المرتبة الثانية فكانت من نصيب المخرج السينمائي أوليفر ستون الذي لم يتحدث عن اليهود إطلاقا ولكنه قال عن هتلر "كان كبش فداء في التاريخ".. أما المرتبة الثالثة فاحتلها زعيم ماليزيا العظيم مهاتير محمد الذي قال علنا في قمة آسيا:" كان اليهود مشكلة أوروبا، وبعد المجزرة النازية أصبحوا مشكلة للعالم". وفي المرتبة الرابعة أتى المتوكل طه وكيل وزارة الإعلام الفلسطينية الذي قال جملة (عادية جدا) يرددها المؤرخون كثيرا: "ليس لليهود أية صلات تاريخية بجبل الهيكل والحائط الغربي، فليست هناك دلائل أثرية على أن هناك هيكلًا بني في عهد سليمان" !!! ... وبعد هؤلاء يأتي أكثر من 15 اسما لصحفيين وسياسيين وفنانين وأكاديميين قال نصفهم الحقيقة، في حين تورط نصفهم الآخر بقول مالم يرق للمنظمات الصهيونية واللوبي اليهودي في الغرب! ... أضف لهذا أن زعماء مشهورين مثل تشرشل وديغول ونيكسون وإيزنهاور وجورج واشنطن - ناهيك عن هتلر وموسوليني وستالين - يحتلون مرتبة دائمة ومخضرمة في قائمة "اللاساميين" المعادين لليهود بسبب إيمانهم بوجود مؤامرة يهودية للسيطرة على العالم!! ... وقبل مائة عام من ظهور قائمة الرعب هذه قال الفيلسوف الألماني نيتشه: "ستكون محرقة اليهود واحدة من أعظم المآسي التي سيشعلها الصهاينة في القرن الواحد والعشرين"... أقول قولي هذا وأنا أول الساميين !