هي تجربة فريدة في فرنسا، وإن كانت ليست الأولى، ونعني التجربة التي أقدمت عليها الشابة الفرنسية سيندي لي لدخول غمار الانتخابات الرئاسية المقبلة في فرنسا. ووفقا لتقرير لموقع إيلاف اختارت سيندي لي أن تقتحم الساحة السياسية على طريقتها الخاصة، مفضلة وضع جسدها عاريا في مقدمة خطواتها نحو قصر الإليزيه. هل هو مجرد "لعب عيال" كما يقول المصريون؟ أم المسألة جدية ولهذه المرشحة المحتملة نية في تغيير وضع معين انطلاقا من وجهة نظرها رفقة نشطاء حزبها الذي أطلقت عليه حزب المتعة؟ الشقراء العارية ! الإطلاع على برنامجها الانتخابي لسباق الإليزيه يفيد أن هذه المرأة الشقراء لها أفكار تبحث من خلالها على تقديم رؤية أخرى حول مستقبل فرنسا. فهذه المحترفة لرقص "الستربتيز" جاءت بمقترحات للناخب الفرنسي تخص الأزمة الاقتصادية مثلا، و ذلك "بفرض ضرائب على المعاملات المالية، وخلق نوع جديد من وكالات التصنيف"، والشيء الفريد فيها هو "تخصيص قاعات للاسترخاء لمهنيي المال والبنوك". يلاحظ في برنامجها عموما، أنها تركز على الفرد وراحته الجسدية والنفسية، فهي تود الاهتمام بالإنسان الفرنسي بمصاحبة الأجيال الصاعدة من الفرنسيين، بدءا من المراهقة للوصول إلى أجيال "خالية من العقد النفسية" عند الكبر، بحسب تطلعاتها. ترغب "الشقراء العارية" كذلك في "تحرير الدعارة" "خدمة" لمتعة ناخبيها، وذلك بتقنينها من خلال "تأسيس مدونة اجتماعية لبائعات الهوى مع إجبارهن على المراقبة الطبية على رأس كل ثلاثة أشهر وتأديتهن للضرائب، بناء على ما يجنينه من أرباح. حتى موضوع الهجرة كان له نصيبه من برنامجها الانتخابي، إذ دعت إلى تحديد ما تسميه "كوتا" للمهاجرين الذين يصلون لفرنسا سنويا، طبقا لما تعتبره "حاجيات فرنسا"، مع خلق "ميثاق للمهاجر يتضمن التزامات وواجبات، من إتقان اللغة، الالتزام بالعلمانية على التراب الفرنسي، وغير ذلك. التحدي باستعمال البرقع في مقابل هذه السيدة التي تعرض جسدها عاريا للترويج لحملتها الانتخابية، توجد سيدة منقبة من أصل مغربي تدعى كنزة دريدار، تعتزم دخول تجربة الانتخابات الرئاسية هي بدورها، إلا أن عقبة التوقيعات قد تحول دون ذلك، لأن المرشحتين المحتملتين لسباق الإليزيه سيكون عليهما جمع 500 توقيع من منتخبي الشعب الفرنسي للمشاركة في الانتخابات. كنزة دريدار: فرنسية من أصل مغربيّ أعلنت ترشحها للانتخابات الرئاسية.. خطوتها حظيت بإهتمام الصحافة الفرنسية اختارت دريدار تنظيم ندوة صحافية في وقت سابق في مدينة "مو" الفرنسية لإعلان نيتها الترشيح للرئاسيات المقبلة، وهي مدينة يرأس عمدتها فرانسوا كوبي الأمين العام للحزب الحاكم، الاتحاد من أجل حركة شعبية، والذي كان وراء قانون منع ارتداء البرقع في الأماكن العمومية بما فيها الشارع. تم تفسير هذه الخطوة التي أقدمت عليها كنزة دريدار حسب بعض المراقبين على أنها رسالة تحدٍ منها وممن يدعمونها إلى نائب هذه المدينة، وقالت دريدار في تصريح لها بهذه المناسبة إن "الحرية في الشارع مقدسة"، كما كانت المنقبة الوحيدة التي استمعت إليها اللجنة النيابية التي حضرت لقانون منع ارتداء البرقع. تركز دريدار في مقترحاتها لدخول غمار الانتخابات بشكل أساسي، كما جاء في أول ندوة صحافية لها، على المرأة، وذلك بمنحها المزيد من المكتسبات في علاقتها بالرجل وعلى مستويات متعددة، سياسية، اجتماعية وغيرها، وهي تحاول بذلك أن تعطي فكرة أخرى عن المرأة الفرنسية المسلمة التي اختارت أن تتحرك تحت "خيمة متحركة"، كما يصفها البعض. قضايا شخصية تعتبر سوده راد، المسؤولة عن العلاقات الدولية في منظمة "أوزي لوفيمينيزم" (تجرّوا على الحركة النسوية) أن المرشحتين "لا تمثلان النساء الفرنسيات وإنما تمثلان أقلية". وتضيف الناشطة النسوية ل(إيلاف): لا أدري كيف سيمكن لهما أن تترشحا مادام كلتاهما خارج القانون بحكم أن البرقع يمنع ارتداؤه في فرنسا والتعري محظور كذلك". ترى الناشطة راد أن "المرشحتين تسعيان للاستفزاز أكثر من الدفاع عن مشروع سياسي معين، إذ لا تدافعان إلا عن قضاياهما الخاصة التي تعنيهما بالأساس". من عادة المدافعين عن قضايا المرأة في فرنسا أنهم لا يدعمون مرشحا بعينه، تفيد سوده راد، وإنما "يحاولون إقناع الناخبين بقضاياهن لأجل طرحها على مرشحيهم". و ترى الناشطات في الحركة النسائية الفرنسية، بحسب راد أن دعم أي مرشح سوف لن ينظر إليه بعين الرضى، فنحن نحرص على استقلاليتنا، فيما يمكن أن نقيم البرامج السياسية للمرشحين لنقول إن كانت هذه البرنامج تتضمن ما يخدم القضايا النسائية أم لا". لا يمكن المقارنة بين المرشحتين برأي الباحث والإعلامي هشام حصحاص، ودليله على ذلك "هو طريقة تناول كل مرشحة منهما في وسائل الإعلام الفرنسية. الترشيح الأول للسيدة المنقبة له خلفيات دينية وعقدية ويثير مخاوف الفرنسيين من تقدم الإسلام المتشدد، أما الترشيح الثاني فليس هو الأول من نوعه، ولا يأخذ مأخذ الجد بل فقط للهزل والضحك لا غير"، على حدّ تعبيره. يعتبر حصحاص أن "هذه السيدة المنقبة التي أرادت إسماع صوتها بهذه الطريقة الاستفزازية، تتصرف بالعاطفة وليس بعقلانية.. استفزت ليس فقط الناخب الفرنسي بل الناخب والمواطن العربي والمسلم في فرنسا أيضا". يبرر ذلك بكون "الفرنسيين من أصول عربية يعانون الإقصاء و التهميش ويعيشون في "غيتوهات" في الضواحي...أما النقاب فلا يوجد ضمن أولوياتهم التي تتلخص في إيجاد فرص عمل والاندماج، كما يطالبون بالكرامة واعتبارهم كمواطنين فرنسيين لهم كامل الحقوق". يشير ضيفنا كذلك إلى أن "هذه السيدة ليست خريجة أي معهد أو مؤسسة أو جامعة تنتج النخب التي تحكم فرنسا، بل إن مستواها التعليمي والثقافي جد محدود، يكفي مشاهدتها على وسائل الإعلام كيف تتكلم وكيف يتم استغلالها من طرف بعض المنابر الإعلامية اليمينية لصب المزيد من الزيت على النار". ويتابع في السياق نفسه: "ترشيحها يعد بمثابة هدية كبيرة خصوصا لليمين المتطرف الذي يبني دائما برامجه الانتخابية حول الهجرة والمهاجرين وخطر الإسلام على فرنسا كدولة علمانية ذات أصول مسيحية". ويعتقد الباحث والإعلامي هشام حصحاص أن "هذه السيدة تلعب بالنار ولن تكتوي بها فقط لوحدها بل كل العرب والمسلمين خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة، وهذا النوع من التصرفات يزيد من العنصرية والاسلاموفوبيا في فرنسا، و يرفع من أسهم اليمين واليمين المتطرف"، بحسب رأيه. كما يرى أنه "كان بإمكان هذه السيدة إسماع صوتها بطرق أخرى وليس بهذه الطريقة، وذلك بالانخراط، مثلا، في جمعيات أو حتى أحزاب متعاطفة مع قضايا المسلمين في فرنسا".