خرج الرئيس اليمني علي عبد الله صالح من العناية الفائقة في أحد مستشفيات الرياض أمس بعد "نجاح" عملية جراحية خضع لها وفقاً لصنعاء، في حين يشدد الشبان معارضتهم لعودته الى سدة الحكم، معلنين أنهم بصدد تشكيل مجلس رئاسي خلال يومين. وقالت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية إن صالح الذي أصيب في هجوم استهدف أحد مباني القصر الرئاسي في صنعاء، غادر غرفة العناية المركزة بعد "نجاح" عملية جراحية "الى جناحه الملكي" في مستشفى عسكري في الرياض، مشيرة إلى أن "الألعاب النارية والأعيرة المضيئة غطت سماء العاصمة صنعاء والمحافظات اليمنية ابتهاجاً بنجاح العملية الجراحية وخروجه". وقالت مصادر طبية إن ما لا يقل عن ثمانين شخصاً أصيبوا بجروح طفيفة في صنعاء جراء إطلاق النار. في المقابل، قال أحد الناطقين باسم "ثورة الشباب" في صنعاء وسيم القرشي لوكالة "فرانس برس" إن صالح (69 عاماً) الذي يحكم اليمن منذ 33 عاماً "انتهت فترة رئاسته وعلى الكل أن يعمل لئلا يعود الى البلد إلا كمواطن عادي". وأضاف ان الشبان المعتصمين في ساحة التغيير قرب جامعة صنعاء منذ أواخر شباط (فبراير) الماضي "سيواصلون الضغوط على نائب الرئيس عبد ربه منصور هادي عبر الاعتصام والتظاهر حتى يوافق على تشكيل مجلس رئاسي انتقالي". اللجنة التحضيرية لمجلس "شباب الثورة الشعبية" أعلنت أنها بصدد تشكيل مجلس رئاسي خلال يومين اثر مغادرة الرئيس صالح وأركان حكمه للعلاج في السعودية. وقالت اللجنة في بيان صحافي أمس إن "الحادث الذي أصيب فيه الرئيس المخلوع وأركان حكمه والذين قاموا على إثره بمغادرة البلاد، يثبت عجزهم عن مزاولة سيطرتهم على الأوضاع". وأوضح بيان الثوار أنه "إزاء كل ذلك سوف تتشاور اللجنة مع كل القوى الوطنية والسياسية والاجتماعية في الداخل والخارج من أجل تشكيل مجلس رئاسي مؤقت يتولى إدارة البلاد خلال الفترة الانتقالية". وشرع نائب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي في تسيير دفة الحكم في اليمن حسب المادة 15 من الدستور، في وقت ما زالت القوات العسكرية الضاربة بيد نجل الرئيس اليمني احمد علي صالح وأقرباء الرئيس. وطالبت اللجنة أيضاً بتشكيل مجلس وطني انتقالي وحكومة تكنوقراط، وإنجاز الحوار الوطني، ووضع دستور جديد والاستفتاء عليه وإجراء الانتخابات اللازمة للانتقال بالبلاد إلى الشرعية الدستورية. في غضون ذلك، أفاد شهود عيان أن اثنين من المسلحين يقومان بحماية المتظاهرين في تعز (جنوب غرب البلاد)، لقيا مصرعهما في كمين مسلح لجنود موالين للنظام في سوق بير باشا على المدخل الغربي لتعز، أولى المدن التي انتفضت ضد صالح. وأضاف الشهود أن المسلحين ينتميان الى ميليشيا تطلق عليها تسمية "نسور الثورة" تتولى حماية المتظاهرين الذين يطالبون برحيل الرئيس صالح، مشيرين إلى اصابة اثنين آخرين من المسلحين في تبادل لإطلاق النار أدى أيضاً الى إصابة عدد من الجنود. وفي جنوب اليمن، قتل ثلاثة عشر شخصاً على الأقل منهم "عشرة من عناصر القاعدة" وثلاثة جنود، في معارك جديدة حول زنجبار كبرى مدن محافظة أبين معقل الشبكة المتطرفة. ونقلت "فرانس برس" عن ضابط في الجيش اليمني طلب عدم الكشف عن اسمه أن "اشتباكات عنيفة اندلعت من جديد في المساء" أول من أمس، في ضواحي زنجبار "وقتل خلالها ثلاثة جنود من الفرقة المدرعة 119 وأصيب أربعة آخرون بجروح". وأضاف "تفيد معلوماتنا، أن عشرة على الأقل من عناصر القاعدة قد قتلوا وأن آخرين اصيبوا". وأوضح الضابط أن "الجيش أحرز تقدماً" في زحفه نحو زنجبار التي يسيطر عليها منذ 29 أيار (مايو) الماضي متطرفون مسلحون قالت السلطات إنهم عناصر من القاعدة. وخلص الضابط الى القول "نحاصر المدينة من كل الجوانب(...) ويمكن أن نشن الهجوم الحاسم في الساعات المقبلة". وفي سياق متصل، ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن الولاياتالمتحدة صعدت في الأسابيع الأخيرة غاراتها الجوية في اليمن بطائرات من دون طيار ومقاتلات ضد مسلحين يُعتقد أنهم من تنظيم من "القاعدة" في جنوب البلاد، وذلك بهدف منعهم من السيطرة على الأرض مستفيدين من الفراغ السياسي الحالي. وكان رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية مايكل مولن أكد في مؤتمر صحافي في القاهرة أول من أمس أن الفوضى في اليمن تجعل تنظيم القاعدة "أخطر". وقال مولن إن تنظيم "القاعدة" في اليمن "خطر للغاية ويزداد خطورة مع الفوضى الراهنة"، مشيراً الى أن "تصاعد الفوضى والعنف في اليمن ليس سيئاً لليمن فقط بل للمنطقة والعالم". سياسياً، قالت وزير الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أمس إن عدم الاستقرار في اليمن لن يساعد على إجراء أي تغييرات ديموقراطية، مؤكدة التزام الولاياتالمتحدة بدعم عملية الإصلاحات في اليمن والعمل مع أصدقائها في المنطقة لما من شأنه تحديد أفضل الطرق في هذا الاتجاه. وأضافت كلينتون في مؤتمر صحافي بأن لدى الجمهورية اليمنية دستور قوي وما هو مطلوب حدوثه يجب أن يتم وفقاً لهذا الدستور. وقالت: "هذا ما كنا نطالب به وسنواصل المطالبة به"، مشيرة إلى أنه لو تم تنفيذ الدستور فإن اليمن ستتحرك في الاتجاه الصحيح. وقال الوزير البريطاني اليستر بيرت أمس إن غياب صالح للعلاج يفسح في المجال للدفع من أجل انتقال السلطة في هذه الدولة المضطربة. وقال وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الاوسط وجنوب آسيا على هامش اجتماع لجنة الاتصال الدولية بشأن ليبيا في أبوظبي "نحن نعرف أن الرئيس أصيب بجروح بالغة في الانفجار. وهذه الإصابات ستبقيه في المستشفى بعض الوقت"، وأضاف "نحن نشعر بأن هذا يوفر فرصة لنجاح المبادرة التي وضعها مجلس التعاون الخليجي.. ونأمل أن يتم اغتنام الوقت للقيام بذلك". هذا ودعت روسيا أمس دول منطقة الشرق الأوسط إلى تقديم دعم إضافي إلى اليمن من أجل دعم الاستقرار فيه. ونقلت وكالة "نوفوستي" الروسية للأنباء عن الناطق باسم وزارة الخارجية الروسية ألكسندر لوكاشيفيتش قوله "إن تقديم دعم إضافي إلى اليمن وتحديداً من دول المنطقة سيعزز إيجاد حل للأزمة الداخلية ويضع أسس المصالحة الوطنية"، مؤكداً أن "روسيا ستستمر في المشاركة في الجهود الرامية إلى تهدئة الوضع في اليمن في القريب العاجل وذلك من خلال المحادثات التي تجمع بين جميع أطراف الصراع في اليمن". من جهة أخرى، أشار لوكاشيفيتش إلى أن بلاده ربما تتخذ إجراءات إضافية لضمان سلامة رعاياها في اليمن الذي وصل إلى شفا السقوط في حرب أهلية، موضحاً أن ذلك يعتمد على ما يظهره الوضع في البلاد. ودعت الصين كافة الأطراف اليمنية العمل على عودة الاستقرار والوصول إلى حلول للأزمة المتفاقمة في البلاد عبر الحوار وإيجاد حلول سياسية سلمية. وقال الناطق باسم الخارجية الصينية هونغ لي خلال المؤتمر الصحافي الدوري أمس في مقر الخارجية الصينية إن "الصين تأمل أن تلتزم جميع الأطراف المتنازعة بهدوء الأعصاب تجنباً لتفاقم الأوضاع أكثر مما هي عليه".