ياسر بن عبدالله النفيسة مال الاقتصادية - السعودية قبل ما يقارب 20 سنة كان المليون ريال في وسطنا الرياضي مبلغا عالي للغاية بل قد يوصف الشخص الداعم (عضو الشرف) الذي يضخ مثل هذا المبلغ بالساذج او السفيه,,, ولكن بعد تطبيق نظام الاحتراف (الغير مدروس) بدأ حجم الضخ والانفاق المالي في الرياضة اكثر مما سبق وبشكل قفزات تدريجية,,, فمن عقد اللاعب محمد الدعيع الى مرزوق العتيبي فياسر القحطاني ..وبعد هذا تعددت الامثلة وزاد حجم الانفاق حتى بات المليون المنفق على لاعب دلالة قوية بان اللاعب ليس مميزا وغير مفيد!!! العجيب أن العلاقة الطردية بين الزمن وحجم المبالغ المنفقة في الرياضة وتحديدا على استقطاب المحترفين لم يوازيه بحسب رؤية الكثير من النقاد الرياضيين تزايد طردي في المستوى الفني وظلوا يدعمون احاديثهم بالنتائج الدولية للمنتخب والاندية السعودية التي ظلت تتقهقر سنة بعد سنة رغم ان المبالغ المستثمرة ترتفع سنة عن سنة (مما يعني ان نوع من الهدر المالي وقع فعلا). وقد رافق تزايد الانفاق المالي في الاندية الرياضية تزايد حجم الاموال المنفقة من الشركات الراغبة في الاعلان و التسويق في هذا المجال، فعلى مستوى العالم هناك تزايد ولدينا كان الامر متوازيا ايضا. وبهذا باتت موارد الاندية افضل بكثير من اعوام سابقة حين كانت فقط محصورة على اعانة رعاية الشباب وتبرعات اعضاء الشرف واعلانات القمصان بشكل متواضع ,,اليوم لم تتغير الموارد لكن عقود رعاية الدوري والنقل التلفزيوني لوحدها باتت تزود الاندية بموارد جيدة بخلاف عقود الاستثمار التي تبرمها الاندية بنفسها للاعلان داخل النادي وعلى القمصان وافتتاح المتاجر والشراكات الاستيراتيجية. ومن خلال هذا المفهوم كان لابد ان نعي ان العقود التي هي بعشرات الملايين هي اليوم تثقل الاندية شهريا نظير توزيعها في شكل رواتب (حقوق اللاعب) او اقساط مجدولة (حقوق الاندية التي تم شراء عقد اللاعب منها). فكما أن هناك كما اشرنا سابقا عوائد مرتفعه (لكن غير مستقرة) من جانب التسويق هناك نفقات متضخمة. وهنا لابد ان نقول انها متضخمة فاليوم المبالغ المنفقة ليست مبنية على معادلة التكلفة والمنفعة بشكل عادل وصادق بل هي في احيان غالبة على اساس العشوائية الادارية. فاليوم لدينا مداخيل ماليه للاندية تحتاج الى رقابة حتى لا تحدث اي عمليات هدر لحقوق تلك الكيانات (التي يفترض ان تكون كيانا اعتباريا مستقلا). فالاندية منشآت عامة يفترض بها الاستقلالية المالية. واعترافنا بكونها كيانات مستقلة يتطلب حجم شفافية ورقابة هامة على تلك الموارد الضخمة الداخلة والخارجة من تلك الاندية فالغرض بالنهاية افادة المجتمع بفتح فرص وظيفية للشباب ( فاللاعب اليوم موظف وليس هاوي,,فرواتبه مصدر دخل قد يكون وحيد لاسرته ) وتعزيز الموقف الرياضي للبلد ككل في المحافل الرياضية (فالرياضة مسوق فعال للدول حضاريا وثقافيا). الاداري داخل الاندية يجب ان لا يلام كثيرا فهو ايضا احد مصادر الدخل للنادي لكن حماية له اولا ولغيره من المتبرعين وحفظا للمال يجب أن تقر أنظمة التقرير المالي الشفاف المراجع. اشكالية التقرير المالي اليوم بالاندية ليست في انه يُبحث عنه فقط وقت عقد الجمعيات العمومية بل ان هذه البيانات المالية تعلن وكأنها بلا اهمية تذكر فالجميع مهتم بمن سيأتي ومن ذهب من اشخاص متناسين هذا العامل الهام الذي برايي قد يكون هو الكابوس القادم للرياضة السعودية ان تواصلت الضبابية (قد نصل لمرحلة لا يوجد احد يقبل بادارة الاندية). فمثلا ازمة نادي الاتحاد الاخيرة التي كشفت عن ملابسات خطيرة متمثلة في تهم باختلاسات وعمليات هدر مالي كلفت النادي الكثير والكثير من الالتزامات التي دعت نهاية الى فتح تحقيقات مع اطراف عدة داخل النادي. ومثال نادي الاتحاد ليس الوحيد فكل مرة نسمع ان نادي معين سواء هلال او شباب او اهلي او نصر امامه ازمة ديون تقارب 75 مليون او 80 مليون او غيره من الارقام الضخمة (التي ليس واضحا مدى وجودها وصحتها في ظل نفي الاداري السابق وتأكيدات الاداري الجديد). الاشكالية في كثير من الاندية ان الموارد الداخلة المتمثله في اعانات الرعاية وحقوق النقل التلفزيوني والحقوق التسويقية الاخرى اما ان تكون ناقصة او ان تكون غير منتظمة الاستلام او ان تكون ذات اهمية نسبية ضئيلة في مقابل النفقات الضخمة. وهذه الالتزامات تزداد تضخما في ظل الشروط الجزائية العالية المتحملة نظير الاقالات والاستبعادات والاختيارات الادارية الغير ناجحة. الحل بدايته لابد و أن تكون من الاقرار بأهمية الشفافية المالية داخل الاندية. فالقصة المعتادة ادارة ترحل وتاتي من بعدها ادارة تتذمر من حجم الالتزامات العالية لن تنتهي باستمرار الضبابية. فيجب ان يكون الرجال الداعمين (اعضاء الجمعية العمومية) والمتبرعين على علم بطريقة انفاق الاموال التي يدعمون بها وايضا الاداري الحالي والمحتمل يكون على علم بحجم الداخل والخارج. كما ان ذمم الادارات يجب ان تحمل بما تستحق ولن يكون ذلك دون شفافية, فالنادي الذي يقبل بالعشوائية الادارية عليه ان يتحمل الخلل المالي ويواجهه بذاته لا ان تتحمل الجهات المسئولة تبعات قبوله بالعبث المالي. ولن تكون الجمعيات العمومية فاعلة ما دامت بلا تأثير ومسلوبة الارادة والقدرة والصلاحية (وقد يكون ايجاد مراجع داخلي تابع للرعاية المالك الفعلي للنادي ضروريا). الشفافية تحفظ اموال النادي من التعامل الغير جيد وتحمي الاداري الداعم من التجني الظالم وتدفع المتبرع الى الطمأنينة حال التبرع وتعزز فرص دخول الشركات في مجال التسويق الرياضي بشكل أعلى وتزج بحجم أعلى من رجال الاعمال من يريدون تحجيم المخاطر لانهم يستثمرون لا يقامرون.. ضخامة حجم الالتزامات قد لا يكون مهلكا للمؤسسة بشكل مباشر لكنه قد يكون الموت البطيء مادام حجم السيولة ضبابي وغير مستقر. ولان جزء كبير من الديون ناتج عن عقود استقطاب عالية جدا او شروط جزائية جرارة علينا دوما ان نتساءل عن حجم السيولة (وتحديدا التدفقات النقدية الداخلة) في هذا النادي وذاك وهل ستصمد الاندية في مقابلة تلك الازمات او اننا سنستمر في التعامل مع المشهد بشكل بارد حتى حالة الطوارئ فتتدخل الحكومة ممثلة في رعاية الشباب لتردم ما يمكن ردمة او ترقع ما يمكن رقعته (لكن قد نأتي يوما ما الى حالة يكون فيها "الشق اكبر من الرقعة") فالازمات لابد ان تدرس وترجع الى مسبباتها فليس معقولا ان يمر الفساد المالي ان وجد دون محاسبة ولا الهدر المالي ان وجد دون حلول لتخفيضه وتقليل اثاره. نهاية: الحالة المالية لدى الاندية الرياضية لدينا بحاجة الى اهتمام بالغ وخصوصا ونحن نعيش على احلام الخصخصة,,, فاندية تدار بالعشوائية ومنافسات بلا قوانين واضحة وانظمة صامدة واندية بلا مرجعية نظامية واضحة وغياب للشفافية والافصاح الامثل كلها دلائل على حجم الغموض المالي في القطاع الرياضي,,, وليس لصالح اي جهة غياب هذه الشفافية فبدلا من أن أتكلف جهد ووقت التحقيقات واموال الدمدمة وقت الكارثة علي أن أبحث بدءا عن حلول لايقاف الكارثة قبل وقوعها. أكاديمي متخصص في المحاسبة [email protected]