الاقتصادية - السعودية تابعت مقطعا لوزير العمل الأسبق الدكتور غازي القصيبي رحمه الله. تحدث الوزير في المقطع عن أسباب عزوف الشباب عن العمل في القطاع الخاص السعودي. كان حديثه شفافا وواقعيا لكنه لم يكن ليجد أذنا صاغية ما لم تتوافر وسائل لإلزام القطاع الخاص بتطبيقه، وهو أمر يثير الحيرة لدى من يراقبون وضع السوق. السوق التي يبحث فيها عدد لا يقل عن مليوني مواطن عن وظائف، وتستقطب أكثر من ثمانية ملايين أجنبي، السوق التي تعاني العجز في كل التخصصات ومع ذلك يستمر المواطن في البحث والمطالبة والتدريب، ليحصل على وظيفة دون فائدة. هذه السوق تسيطر فيها شركات تعتمد توطين الوظائف مثل أرامكو وسابك والاتصالات والكهرباء والمصارف، ومع ذلك تحقق أرباحا سنوية. شكاوى التجار ورجال الأعمال من السعودي لا تعدو أن تكون محاولات للتخلص من المسؤولية الأخلاقية التي تأتي مع وجود هذه الفرصة التاريخية للاستفادة من السوق وتحقيق الأرباح بالشكل الذي جعل السعوديين يتصدرون قوائم الأغنى في العالم العربي، وعدد غير قليل منهم يتصدر القوائم العالمية اللهم لا حسد. لكن الأمر الذي يستحق التساؤل هو: كيف يمكن أن تسهم رؤوس الأموال السعودية في الدفع بعجلة التنمية البشرية في الوطن؟ هذه المسؤولية ليست ترفا إنما رد لجميل الوطن. تمكنت مؤسسة النقد من تحقيق إنجاز كبير بدفعها المصارف لتحقيق مستويات سعودة عالية، بالرغم من أن القطاع ليس بالجاذب لو قورن بقطاعات أخرى. إذا، لدينا تجربة يمكن أن نبني عليها وتعتمدها الجهات المسؤولة عن وضع الأنظمة واللوائح، والجهات الأخرى المانحة للقروض والتراخيص، مع أهمية تعديل بعض المواد لتوائم القطاع المستهدف. أما أن يقول محللون إن عدد السعوديين قليل أو أنهم لا يلتزمون بالعمل أو أنهم كثيرو التنقل، فذلك أمر فيه نظر. عدد السعوديين الباحثين عن العمل غير قليل، لكنهم يضطرون لقبول وظائف الحكومة لسبب مهم وهو الاستقرار والدخل المعقول الذي يمكن أن ينافس القطاع الخاص في إغراء الشباب عن طريقه. أعرف شبابا يعملون في وظيفتين، وآخرين لو وجدوا الفرصة والمغريات، فلن يتراجعوا عن العمل في القطاع الخاص. هذا يجعلنا نطالب بتطوير منظومة الإدارة في الشركات لتصبح أكثر كفاءة وأقدر على التحفيز وأحرص على المصلحة العامة.