الاقتصادية - السعودية هيئة السوق المالية لا تعتزم حاليا اتخاذ إجراءات إضافية للتأكد من صحة القوائم المالية للشركات المدرجة في سوق الأسهم السعودية، رغم مسؤولية الهيئة عن القوائم المالية للشركات المدرجة. ورغم تكرر حدوث أخطاء في القوائم المالية لعدة شركات، فإن الهيئة تطالب جميع الشركات بأن تكون قوائمها المالية حسب معايير معتمدة ومراجعة من محاسب قانوني، لأن كثرة الشركات المدرجة في السوق لا تمكِّن الهيئة من مراجعة القوائم المالية لكل شركة. ولكن لو كان هناك ما يدعو إلى الشك مثل وجود خلل فيها واشتبهت الهيئة في ذلك، فإنها تبدأ التحقيق وتتخذ في ذلك القرار المناسب. إن قوائم الشركات التي تصل إلى هيئة السوق يجب أن تكون مدققة من مراجع خارجي حسب الإجراءات المعتمدة من هيئة المحاسبين، ثم تعلن الشركة قوائمها المالية. ويلاحظ أن الشركات بدأت تتجه إلى عدم الإعلان عن خسائر في قوائمها المالية، حيث تعتمد الهيئة على بيانات المحاسب الداخلي للشركة وبناء على تلك البيانات تتم المصادقة وتعتمد الميزانية والقوائم المالية، رغم أن توالي عدم إعلان الشركات المدرجة قوائمها المالية وتكرر حدوث أخطاء فيها يرفع التخوف لدى المتداولين من مدى دقة القوائم المعلنة. إن تضخيم الأرباح في القوائم المالية يهدف إلى الحصول على تمويل أو تسهيلات مالية، فالجهات المانحة مثل المصارف تشترط معدلا معينا لدوران السيولة والأرباح في قوائم الدخل، وقد اقترح بعض المختصين حلا لضمان عدم تكرار أخطاء القوائم المالية، عدم السماح للمؤسسين ببيع أسهمهم إلا بعد عشر سنوات من التأسيس، حيث إنه بهذه الطريقة نضمن أن الشركة ستحافظ على رأسمال التأسيس نفسه، في حين اقترح البعض فرض وديعة كبيرة على مكاتب المحاسبة في مؤسسة النقد يخصم منها في حال التلاعب، لضمان حقوق المتعاملين. إن القوائم المالية ليست أرقاما تمثل الحقيقة للجمهور، خصوصا أولئك الشركاء في الشركات المساهمة، وهو دور لا يمكن أن يقوم به سوى من هو مرخص له بإعداد التقارير المحاسبية، وستحدد وزارة التجارة لكل مكتب محاسبي عدد الشركات التي سيتولى مراجعة حساباتها سنويا، وستتم معاقبة من يتجاوز العدد المحدد له بالإنذار والإيقاف أو الشطب لرخصته النظامية، ولذا فإن شطب المخالف من سجل المحاسبين القانونيين، ونشر القرار الصادر بعقوبة الإيقاف يؤديان إلى ضبط الأعمال المحاسبية بالشكل السليم الذي يخدم تطور أعمال الشركات والسوق المالية في المملكة على حد سواء، بل يجب أن ترقى العقوبات إلى مستوى الخطر والضرر الناتج من التلاعب بالأرقام، واعتبارها جريمة كبيرة موجبة للتوقيف. ولا تقل أهمية مسألة تعويض المتضررين متى أثبتوا الخطأ المهني للمحاسب، وتبع ذلك ضرر مادي نتيجة مخالفة المحاسب للأصول المحاسبية والمهنية، وليس مستغربا أن يتوجه بعض المحاسبين لفكرة التأمين على أخطائهم المهنية، ومن المستبعد أن تقبل شركات التأمين الأخطاء العمدية والتواطؤ والتضليل كفعل يمكن التأمين عليه؛ لأنه تأمين على فعل غير مشروع؛ أي جريمة معاقب عليها بالحق العام، وللمتضرر حق خاص أيضا، قد يكون محلا لدعوى تعويض مستقلة. وسيكون الاختصاص القضائي بنظر جرائم ومخالفات المحاسبين القانونيين محل تغيير في الجهة القضائية التي تصدر أحكاما بالعقوبات، فالدوائر الجزائية في ديوان المظالم ستنتقل إلى المحاكم الجزائية، ومن ثم فإن اختصاص ديوان المظالم سينقضي، وتتحول سلطة الاختصاص القضائي إلى المحاكم المتخصصة التي تعمل تحت مظلة المجلس الأعلى للقضاء وبإشراف من وزارة العدل، ومن الضروري الالتزام بمعايير الرقابة النوعية الصادرة من الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين، وهي من مسؤوليات المحاسب القانوني؛ لأنها تنطبق على جميع مكاتب المحاسبة، بغض النظر عن شكلها القانوني أو حجمها أو عدد ملاكها.