يشير آخر تقرير إحصائي سنوي لسوق الأسهم السعودية، إلى أن إجمالي صافي أرباح الشركات المدرجة في السوق وصل إلى نحو 99.3 مليار ريال في عام 2013. واحتلت أرباح قطاعي البتروكيماويات والمصارف صدارة قائمة صافي أرباح القطاعات في السوق، حيث حقق القطاع الأول صافي أرباح وصل إلى نحو 32.7 مليار ريال، بينما بلغ صافي أرباح القطاع الثاني نحو 29.7 مليار ريال. وشكلت أرباح قطاعي البتروكيماويات والمصارف مجتمعة نحو 63 في المائة من إجمالي صافي أرباح الشركات المدرجة، وإذا أضيفت أرباح قطاع الاتصالات إلى أرباح قطاعي البتروكيماويات والمصارف، فإن أرباح هذه القطاعات ستشكل نحو ثلاثة أرباع أرباح السوق. وجاءت شركة سابك على رأس قائمة الشركات المدرجة في الأرباح الصافية، حيث شكلت نحو ربع إجمالي صافي أرباح الشركات المدرجة في السوق، ثم جاء مصرف الراجحي بحصة أرباح تتجاوز 7 في المائة من إجمالي صافي أرباح الشركات المساهمة. وتوفر هيئة سوق المال بيانات مالية منشورة عن الشركات المدرجة في السوق المالية، بما في ذلك المتعلقة بصافي الأرباح، وهو أمر جيد ومطلوب. ويحتاج المستثمرون إلى البيانات المالية لاتخاذ قرارات الاستثمار في السوق، حيث تتصدر قدرة الشركات على تحقيق الأرباح أهمية البيانات المالية لدى المستثمرين. وتشير بيانات صافي الأرباح السنوية إلى نشاط قوي وفاعل للسوق المالية في الاقتصاد الوطني، حيث تمثل هذه الأرباح جزءا جيداً من الناتج المحلي للقطاع الخاص وصل إلى نحو 9.7 في المائة من إجمالي الناتج المحلي للقطاع الخاص في عام 2013. وأعتقد أن كثيرا من المواطنين والمسؤولين يتوقون إلى رفع هذه النسبة إلى أضعاف عدة، حيث تعد الشركات المدرجة في السوق الأكثر تنظيماً وشفافيةً وقدرةً على جذب الاستثمار والنمو من الشركات الأخرى. ويعد رفع مساهمة الشركات المدرجة في الناتج المحلي، إحدى أنجع وسائل توظيف مدخرات الأفراد بجميع شرائحهم الاقتصادية المحلية والأجنبية، ما يساعد على رفع معدلات نمو الاقتصاد الوطني وخفض معدلات البطالة الوطنية. وعلى الرغم من الأرباح الهائلة التي حققتها الشركات العامة المدرجة في سوق الأسهم إلا أن بيانات التقارير المالية المفصلة عن الشركات المدرجة لا تتضمن إلا معلومات شحيحة عن الأجور وكلف العمالة في هذه الشركات، ناهيك عن غياب أي ذكر لعدد العمالة في هذه الشركات أو نسب السعودة. ولا تتوافر عن الأجور والعمالة إلا بيانات محدودة عن إجماليات الأجور وما في حكمها عن تكاليف اليد العاملة في بيانات المصارف، أما باقي الشركات فلا توفر أي بيانات عن أجور العمالة بما في ذلك الشركات العملاقة مثل سابك وباقي الشركات البتروكيماوية وشركات الأسمنت وشركات الاتصالات. ولا توفر هيئة سوق المال والبيانات المالية الصادرة عنها، أي معلومات إجمالية عن حجم العمالة في الشركات المدرجة، ولا عن إجمالي الأجور على المستويات الإجمالية أو القطاعية. وتشير بيانات تكاليف العمالة في المصارف، وهي البيانات الوحيدة المتوافرة عن تكاليف العمالة، إلى أن مستويات الأجور تراوح بين 20 و25 في المائة من صافي أرباح المصارف الكبيرة، وترتفع هذه النسبة بعض الشيء في المصارف الصغيرة، لكن ليس لأنها تدفع أجورا أكبر، لكن لأنها تحقق أرباحا منخفضة. وتميل طبيعة أرباح الصناعة المصرفية لمصلحة المصارف الكبيرة ورؤوس الأموال الكبيرة. ولا ترد في بيانات الصناعات البتروكيماوية أي معلومات عن إجمالي الأجور التي تشكل مستويات منخفضة من إجمالي تكاليف هذه الشركات بسبب طبيعة هذه الشركات التي تعتمد على الكثافة الرأسمالية، ولهذا فليس من المتوقع أن تشكل الأجور أهمية كبيرة بالنسبة لهذه الشركات التي توظف أعدادا صغيرة من العمالة، على الرغم من تحقيقها أرباحا ضخمة وحصولها على دعم كبير في أسعار اللقيم يفوق الأجور التي تدفعها لعمالتها. ويجري السياق نفسه على صناعات الأسمنت التي تستفيد كثيراً من دعم الوقود لكنها تدفع أجورا منخفضة، بسبب اعتمادها على الاستثمار الرأسمالي وعلى الوقود المدعوم في عملياتها الإنتاجية. وعلى العموم ليس من المتوقع أن يكون إجمالي الأجور في الشركات المساهمة كبيراً عند مقارنته بمستويات أرباح الشركات، بسبب تركز معظم الأرباح في قطاعات تعتمد على الكثافة الرأسمالية ومدخلات الوقود أو اللقيم المدعوم. ولهذا فمن الممكن إعادة النظر في مستويات الدعم التي تضخم كثيراً من أرباح شركات أو قطاعات معينة لا توظف إلا أعدادا قليلة من العمالة، وإعادة توجيهها نحو الشركات المولدة لعدد أكبر من الوظائف أو التي تدفع أجورا أعلى للعمالة الوطنية. نقلا عن الاقتصادية