المدينة - السعودية (1) نعيش في منطقة مشغولة بالأسئلة التاريخية، ولم - ولن - تجد الإجابة المتفق عليها.. كل طرف لديه إجاباته النهائية التي لا تقبل الشك ولا المراجعة. يعيشون لحظة الفتنة الكبرى.. ويواصلون طرح الأسئلة: - من الذي قتل عثمان؟ - كيف استولى معاوية على السلطة؟ - متى وكيف تشكّل الخوارج؟ - كيف قتل الحسين؟ يعيشون التفاصيل بمشاعر اللحظة ذاتها.. لا يريدون تجاوز أحداث عقد من الزمن مضى عليه 1400 سنة. تحوّل الصراع السياسي لانتزاع السلطة إلى عقيدة ودين وطقوس يعاد إنتاجها لتظل جزءاً من ذاكرة الأتباع، حتى يعيشوا اللحظة بكامل حزنها وغضبها ومأساتها. منطقة مشغولة بالأسئلة التاريخية.. إلى الدرجة التي جعلتها تنسى أسئلة المستقبل! (2) قلت سابقاً: التاريخ ليس رفاهية، أو حكاية مسلية يرويها جد لأحفاده. التاريخ: مرآة صنعها «الأمس» ليرى فيها «اليوم» وجهه «غداً».. إذا نظر إليها بشكل جيّد. كي نعرف: إلى أين نحن ذاهبون؟.. علينا أن نعرف: من أين أتينا؟ من لا يقرأ التاريخ، لا يرى المستقبل! لكن، لا تظل قابعاً داخل صندوق «التاريخ» لأنك لحظتها لن تعيش يومك ولن ترى مستقبلك. (3) هذا الاحتراب الطائفي في كافة الجهات.. هذه المليشيات والتنظيمات التي تجاوز عددها عدد الدول.. هذا القتل المجاني، والذي يتم أحياناً بسبب اسمك الذي يكشف هويتك المذهبية! انظروا لصورة المنطقة، كبِّروها بمجهر عقولكم.. ستشاهدون الكثير من الدخان والدماء والحقد والقتل المجاني.. سترون الصورة الأكثر رعباً. لا بد من مقاومة هذا المشهد المرعب بخطاب مختلف عن هذه الخطابات المتشنجة.. وإلا، فإن الشيطان نفسه - بكامل شرِّه - لن يتخيّل إلى أين نحن ذاهبون!! (4) إيران بخطابها وسياساتها المذهبية تسللت عبر هذا «التاريخ» المتوتر لتبني «مستقبلها» الأكثر توتراً ! أيها المذهبيون: لا تبيعوا «جغرافيا» بلدانكم الثابتة، من أجل «تاريخ» متحرك.. اختطفه سياسي انتهازي وكتبه كما يشتهي. أيها السياسي: أعد لي إحساسي بالمواطنة، وانتمائي ل «وطن» لأنسى بقية الهويات الخطرة، وقصص التاريخ المكتوبة بالدم. [email protected]