مكة أون لاين - السعودية انتقل إلى رحمة الله الثلاثاء الماضي، داعية السلام الزاهد شيخ شمل قبائل المكارمة، مرجع الطائفة الإسماعيلية الأعلى الشيخ عبدالله المكرمي. وقد كان لرحيله بالغ الأثر في نفوس أهل المنطقة وغيرهم من أبناء الوطن وهم كُثر، حيث عرف عنه حبه لفعل الخير وسعيه للم الشمل ونشر ثقافة التسامح بين فئات المجتمع، هذا علاوة على ما يجمع عليه الناس حول عمله الدؤوب الذي لا ينثني لتذويب الخلافات المذهبية التي من شأنها أن تنشر الشقاق والتباعد بين الناس، حيث لا يرى في الفرقة خيرا بقدر ما يرى الخير كل الخير في تلاحم أبناء الوطن جميعا، وتعايشهم على أسس متينة من التسامح والوفاء؛ لهذا سعى على الدوام وبكل عزم لتبيين فضل التسامح والقبول وعمل ما في وسعه لتجسيد هذا المبدأ على الأرض. ومن الحقيقة أن الناس داخل المنطقة وخارجها أدركوا أهمية ما يسعى إليه، وقدروا بالتالي سمو مراده المنتهي إلى وحدة أبناء الوطن وتعاضدهم لخدمة الدين الإسلامي والمحافظة على صورته الجميلة من التشويهات ومعانيه النبيلة من الاختراقات المتشنجة. كل هذا مضافا إلى ما يبذله من جهود مخلصة لخدمة الوطن والقيادة الرشيدة وتبيان فضلها في استتباب الأمن ونشر العدالة والحضارة، هذه الأعمال لا شك زادت من حجم مكانته واحترامه لدى العقلاء ولا أدل على ذلك أكثر من هيبة مراسم العزاء - الهيبة المجللة بالحزن المعلن على رحيله. في عموم القول الفقيد، فرض نفسه على الجميع بتواضعه وحبه للسلام. ويبقى المتفق عليه أنه، رحمه الله، كان خير من يمثل اللين والعطف والورع دون تكلف، وكثيرا ما يحث الناس على التواصل، ومن مناقبه المشهود عليها أنه كان منحازا إلى جانب الضعيف والمحتاج وأن يده لهذه الفئة ممدودة بعيدا عن الأضواء. تُجمّل التقوى ومخافة الله حياة الداعية الإسماعيلي وتزيدها مساعيه الخيرة لخدمة الإسلام تألقا، يدعمه حبه الكبير للوطن وأهله دون تمييز، مع إخلاصه الثابت لولاة الأمر بشجاعة لا يُختلف عليها، علاوة على حسن الخلق وكريم الطباع. من ناحية أخرى ستبقى ذكراه خالدة تحركها جهوده الإنسانية بقيادة مواقفه الطيبة المعهودة لتسوية الخلافات بين عامة الناس، وحرصه على النظام ودعوته لاحترامه والتقيد به كوسيلة لنشر السكينة وحفظ الحقوق. اليوم وبعد حوالي تسع سنوات حافلة بالعطاء الإنساني والوطني، يودع المرجع الأعلى للطائفة الإسماعيلية الحياة، وقد عهد بالمرجعية إلى الشيخ أحمد الجمالي يساعده الشيخ أحمد بن حاسن المكرمي، وهما من ذات المدرسة يشكلان الامتداد الحقيقي لإنسانية الراحل وسعة علمه، ويحملان مناقبه الطيبة. آخر دعوانا أن يتغمد الله الفقيد بواسع رحمته، وأن يمد الخلف المبارك بكل التوفيق والسداد لخدمة الدين والوطن، وإنا لله وإنا إليه راجعون.