الاقتصادية - السعودية لو كنتَ من آلاف السعوديين الذين يفكرون في إنشاء مشروعهم الخاص، فالأمر اليوم لا يحتاج سوى إلى جوال ذكي في حدود 2000 ريال وتطبيقات "أغلبها مجانا" وموهبتك الجميلة! من عشر سنوات فقط كان هذا ضربا من الخيال، لكن اليوم هو حقيقة وواقع تحول إلى أرقام مذهلة. وفقا لتقرير على موقع الجزيرة. نت عام 2014 "لا أعلم مدى دقته لكني أركز هنا على الفكرة" فإن حجم التعاملات في التجارة الإلكترونية في السعودية قارب مليارا و100 مليون ريال سعودي شهريا (293 مليون دولار). وبحسبة بسيطة لو فرضنا أن هناك ألف مشروع جديد فقط، وكان هذا المبلغ موزعا بالتساوي، فإن نصيب المشروع الواحد يقارب مليون ريال في الشهر الواحد، وتكلفة تمويله ميسورة وإن كانت مع الأسف طرق التمويل التقليدية بعيدة عن الاستفادة من هذه الشراكات الواعدة. ويقول التقرير "يعزو اقتصاديون سعوديون ذلك النمو الكبير إلى توافر طرق الدفع المناسبة وتحسن وسائل الشحن، والتغير الكبير في ثقافة التجارة الإلكترونية لدى المجتمع السعودي في السنوات الأخيرة بسبب الشبكات الاجتماعية، إضافة إلى انتشار الهواتف الذكية التي أصبحت أخيرا إحدى القنوات الفعالة في إتمام عديد من العمليات الشرائية". والحقيقة لا يحتاج الموضوع إلى تحليلات عميقة لمعرفة الأسباب، فلو سألنا أي طفل في العاشرة عن سبب استخدامه للتطبيقات والشراء من متجر iTunes أو Google Play فسيجيب ببساطة: لجوال ذكي وشبكة النت وبالطبع حساب مصرفي لدى بابا أو ماما. وتتراوح أنواع الأنشطة التجارية بين الخدمية والإنتاجية، ومع الأخيرة تنشط قطاعات مثل الشحن والبريد، وفي الحالتين بالطبع يظل قطاع الاتصالات هو سيد الموقف. إذن نحن أمام انتفاضة اقتصادية تقنية Disruptive technology تجسد نظرية السوق الحرة Free market والرابح الأكبر فيها هو المستهلك لتعدد الخيارات، وغياب بعض المثبطات مثل المواصلات والخروج وقضية السائق وغيرها. بالطبع هناك بعض السلبيات، منها عدم تنافسية أسعار الشحن والتوصيل، فأجرة وخدمة الإيصال لا تزال مرتفعة مقارنة بأمريكا وشرق آسيا "رغم انخفاض تكلفة الوقود" وهو راجع بالدرجة الأولى للاحتكار السائد في هذا القطاع. ومن السلبيات المحلية أيضا تنافس جميع المواهب لاستقطاب المستهلك سواء من السعوديين أو الأجانب، والمستفيد كما ذكرت هو المستهلك، لكن يبقى أن نرى دور المشرّع في تقنين التعاملات التجارية خاصة فيما يتعلق بحماية المستهلك. من النقاط التي تطرح نفسها هي تنافسية التجارة بين السعوديين وغيرهم من المقيمين، فمن وجهة نظر السعودة هل يمكن قصر الأنشطة التجارية الإلكترونية على السعوديين فقط؟ هل يمكن فرض ضريبة دخل أو ممارسة نشاط على المقيمين الذين ينافسون فيه المشاريع السعودية؟ هل هناك زيادة مطردة بين نمو القطاع والحوالات الأجنبية خارج البلاد؟ كل هذه أسئلة يجب أن يتم بحثها بدقة مع مراعاة الأولويات وعلى رأسها المستهلك ثم عامل السعودة. أيضا من الأنشطة التي ازدهرت أخيرا الحسابات الهادفة لرفع الوعي في مختلف المجالات من الصحة واللياقة والتنحيف إلى التعليم والتعلم الذاتي والوعي المالي وغيره، التي تلاقي إقبالا قويا من المستخدمين خاصة في الشرائح الشبابية، وهو دلالة على عدم تنافسية التعليم التقليدي من حيث المحتوى المقدم، ومما يقلقني اتساع الفجوة بين ما يقدم في المدارس وما يلتقطه الطالب خارجها، لكني أعلم أن بعض معلمي اليوم يواكبون النقلة باستخدام الوسائل الذكية نفسها لإيصال الأفكار والمعلومات وشرحها بطرق محببة. الحديث يطول وأتمنى أن أرى سلسلة أبحاث لاستقراء التوجهات المستقبلية في هذا القطاع واستخلاص الفرص الواعدة لليوم والمستقبل.