الاقتصادية - السعودية المرصد الوطني لمكافحة الجريمة الذي دشنه الخميس الماضي الأمير محمد بن نايف ولي ولي العهد وزير الداخلية أعطى مؤشرات رائعة حول سبل مكافحة الجريمة. إذ إنه يأخذ مناحي عملية، لا تقتصر على مجرد العمل الأمني، هذه رؤية مهمة جدا. طبقتها وزارة الداخلية في مواجهتها للإرهاب على سبيل المثال، وأسهمت الحلول في إنقاذ كثير من الشباب من آفة الغلو. ويمكن النظر إلى المبادرات التي تم الإعلان عنها الخميس الماضي باعتبارها الأساس الذي يؤدي إلى الحد من وقوع الجريمة من خلال تعاون شامل مع أطراف عدة. ويدخل في هذا الباب مبادرة الحد من الجريمة عن طريق التصميم البيئي، بالتعاون مع وزارة الشؤون البلدية والقروية، ووزارة الإسكان، وهيئات تطوير المدن. ومبادرة الحد من الجريمة من خلال التنمية الاجتماعية. ومبادرة تفعيل دور الجامعات في خدمة المجتمع... إلخ. إن ترجمة هذه المبادرات إلى برنامج عمل بالتعاون مع مختلف القطاعات، من شأنه أن يفضي إلى النتائج التي ينشدها صاحب القرار ويلمس أثرها المواطن. إذ مع وجود التنمية المجتمعية يتوارى دافع رئيس من دوافع الجريمة. والأمر نفسه ينسحب على التصميم البيئي، حيث تغدو الأحياء والمدن صديقة للبيئة، وصداقة المدينة للبيئة، تعني أن تغدو الأحياء حاضنة للناس، أرصفتها مستوية تشجعهم على المشي، وساحاتها متاحة لاستيعاب شبابها وامتصاص طاقاتهم، وشوارعها ومرورها يشجع على القيادة السليمة ويردع بحزم التهور والتجاوزات والمخالفات التي يمارسها البعض ليس عن جهل بل استهتار ولا مبالاة. المرصد الوطني لمكافحة الجريمة بمنتجاته ومبادراته التي تضمنها بما في ذلك مبادرة الشفافية والنشر العلمي لمؤشرات الجريمة على موقع وزارة الداخلية، لدحض الشائعات، وإبراز جهود رجال الأمن في هذا المجال، يعد مفخرة تستحق التقدير، والأمل أن يتم تفعيل هذه المبادرات وتطبيقها على أرض الواقع في أقرب وقت ممكن. إنني أتطلع أن يولي المرصد أيضا قضية المرور اهتمامه، وأن يتم التعامل مع التجاوزات التي تفضي إلى الإصابات والموت، باعتبارها جرائم تستحق الرصد والردع؛ إذ من غير الممكن أن يستمر هذا النزف المروري والأرقام المريعة للضحايا. ناهيك عن المليارات التي يتم صرفها على علاج المصابين. في وقت يمكن صرف مبالغ أقل لفرض الانضباط المروري الذي من شأنه أن يخفض الحوادث بشكل ملموس.