الاقتصادية - السعودية صدرت ميزانية الدولة للعام المالي 1436/ 1437ه الموافق لعام 2015م، وقد أصدرت وزارة المالية بيانا حول الميزانية تضمن أهم التطورات المالية التي حدثت في عام 2014م والمتوقعة في عام 2015، وقدر البيان إيرادات الدولة الفعلية للعام المالي 2014 بنحو 1046 مليار ريال، وجاءت هذه التقديرات مقاربة لما توقعه معظم المختصين وذلك بسبب تراجع أسعار النفط في الثلث الأخير من عام 2014. وقد تسبب التراجع في أسعار النفط بخفض الإيرادات النفطية بأكثر من 120 مليار ريال في عام 2014 مقارنة بعام 2013، وقد أدى هذا إلى خفض الإيرادات الإجمالية للدولة بالمبلغ نفسه تقريبا، أما إجمالي مصروفات الدولة الفعلية لعام 2014 فمن المتوقع أن تتجاوز كل التوقعات السابقة وتصل حسب البيان إلى 1100 مليار ريال بزيادة كبيرة مقدارها 245 مليار ريال عن الميزانية المعتمدة في عام 2014، وجاءت هذه الزيادة الكبيرة حتى مع تراجع الإيرادات الكبير في الثلث الأخير من العام الجاري، وعلى الرغم من ضخامة هذا المبلغ إلا أنه لا يشمل 22 مليار ريال منفقة من الحسابات المفتوحة لبعض المشاريع. وبهذا تشير المعلومات الواردة في بيان وزارة المالية إلى أنه من المتوقع أن يصل إجمالي الإنفاق الفعلي لعام 2014 إلى 1122 مليار ريال، بزيادة كبيرة نسبتها 15 في المائة عن الإنفاق الفعلي للعام السابق، وهذا يشير إلى وجود تراخ في القيود المالية على الإنفاق وسياسة مالية توسعية مبالغ فيها، وقد شهد الميزان المالي عجزا ماليا قدره 54 مليار ريال حسب بيان وزارة المالية، وهذا العجز لا يشمل الإنفاق من الحسابات المفتوحة لبعض المشاريع، ولو أضيف الإنفاق من هذه الحسابات لإجمالي النفقات لبلغ العجز المالي 76 مليار ريال في عام 2014، عودة العجز المالي للظهور يعني انتهاء فترة طويلة من الفوائض المالية. وتقدر إيرادات الدولة حسب بيانات الميزانية للعام المالي 2015 بنحو 715 مليار ريال، بينما تقدر مصروفاتها بمبلغ 860 مليار ريال، وتشير هذه البيانات إلى توقع الميزانية حدوث عجز مقداره 145 مليار ريال في العام القادم، ولم يذكر بيان الوزارة كيفية تمويل العجز المتوقع في الميزانية وإن كان من المسلم به أن يتم تمويله من احتياطات الدولة المتراكمة من فوائض السنوات السابقة، ولم توضح تقديرات الميزانية تفاصيل الإيرادات النفطية وغير النفطية، ولكن بيانات الإيرادات الإجمالية خلال العام القادم تشير إلى انخفاض حاد في تقدير إيرادات النفط التي تشكل معظم الإيرادات، وتقدر الإيرادات غير النفطية بنحو 130 مليار ريال للعام القادم، ولهذا يبدو أن الميزانية تتوقع أن تصل الإيرادات النفطية إلى نحو 585 مليار ريال، وبهذا تفترض الميزانية على ما يبدو أن يصل متوسط أسعار النفط إلى 65 دولارا في عام 2015م، ومع أن هذا محتمل في ظل الأوضاع الحالية إلا أن هناك توجه لدى معظم المختصين في الشؤون النفطية إلى أن الأسعار ستتحسن بعض الشيء في النصف الثاني من عام 2015 ولهذا يبدو أن تقدير هذا المستوى هو منخفض بعض الشيء. وقدرت الميزانية أن إجمالي الإنفاق في عام 2015 سيبلغ 860 مليار ريال، وليس من المتوقع أن تشمل تقديرات إجمالي الإنفاق لعام 2015 الإنفاق من الحسابات الخاصة المفتوحة للمشاريع في عام 2015، وقد يتجاوز الإنفاق من هذه الحسابات 40 أو 50 مليار ريال خلال العام القادم، وهو ما يعني أن الإنفاق الفعلي سيتجاوز على أقل تقدير 900 مليار ريال، ويبدو أن هذه التقديرات منخفضة جدا خصوصا إذا قورنت بالإنفاق الفعلي الضخم لعام 2014 الذي سيبلغ نحو 1122 مليار ريال، وإذا قورن المخطط إنفاقه في ميزانية 2014 بالإنفاق الفعلي في عام 2014 فسيكون هناك تراجع في الإنفاق الفعلي يتجاوز 20 في المائة، وإذا حدث هذا التراجع وهو أمر مستبعد فإن السياسة المالية الانكماشية ستخفض من نمو القطاعين الحكومي والخاص وقد يحدث تراجع في ناتج هذين القطاعين، ولا أعتقد أن الدولة ستلجأ إلى هذا المسار، حيث يصعب خفض الإنفاق بهذه الحدة خصوصا الإنفاق المحلي ولهذا من المتوقع أن يزيد الإنفاق الفعلي خلال العام القادم عن المقدر في ميزانية عام 2015م، خصوصا إذا تحسنت أسعار النفط.