الوطن - القاهرة منذ اندلاع ثورة 30 يونيو.. تتعرض «هوجة 25 يناير» لهزيمة تلو الأخرى، وفى كل مرة تفقد جزءاً من شرعيتها.. حتى لم يعد باقياً منها سوى جيوب عفنة، محتقنة ب«صديد ثورى» لا شفاء منه: فلول الإخوان، والاشتراكيون الثوريون، و6 أبريل، وقطاع واسع من النخبة بكل أطيافها السياسية والإعلامية والمثقفة. لم يعد باقياً من «25 يناير» سوى أولئك الذين لم يختاروا حمدين صباحى لأنه «لا يمثلهم»، والسيسى لأنه «إعادة إنتاج لدولة مبارك». وإذا سألتهم: «من إذن؟».. قالوا: «لا أحد»، لأنهم بالأساس لا يريدون دولة. لا يريدون فاشية ولا ديمقراطية، بل يريدون «بيئة» فوضى وتفكك. يريدون بيئة غير مستقرة سياسياً واجتماعياً، لكى لا يحاسبهم أحد على أعمالهم التخريبية. يريدون دولة جوع وقمع وظلم ليستمروا فى «نضالهم»، لأن النضال بالنسبة لهم أكل عيش.. حتى إذا كان من داخل زنزانة. تعرضت «25 يناير» لهزائم كثيرة، وخسرت كل مواقعها، بما فى ذلك ميدان التحرير، الذى نجح المصريون فى استعادته بعد أن احتلته «الثورة» ثلاثة أعوام. لكن هزيمة «25 يناير» فى انتخابات الرئاسة الأخيرة كانت «القاضية».. وما أدراك ما القاضية!. ■ ■ فازت «الدولة».. وانهزمت «الثورة»، لأن الدولة هى الأصل. والثورة هى الفرع، ولم يحدث فى التاريخ أن قضى «فساد الفرع» على «متانة الجذر». ■ ■ فاز مرشح الدولة على مرشح الثورة 23/صفر، لأن الهدف فى لعبة الانتخابات لا يحتسب هدفاً صحيحاً إلا إذا كان مليون صوت. وأصوات الثورة فى هذه الانتخابات ليست سوى «تمريرة حلوة»، ويصعب القول -حتى- إنها كانت «فرصة ضائعة». وكنت قد توقعت لمرشح الثورة أكثر من 20٪ من أصوات المصريين، وانعقدت الآمال كلها على معركة طاحنة يخرج منها فلول 25 يناير بهزيمة مشرفة، فإذا بهم -حجماً وتأثيراً- ثلاثة فى المائة: أى والله.. ثلاثة فى المائة!. حدث ذلك على الرغم من ضجيجهم وبذاءتهم وقلة أدبهم وحملات التشويه التى شنوها ليل نهار ضد مرشح الدولة، والأغرب أن أياً من هؤلاء الفلول والمرتزقة لم يذهب إلى أى لجنة انتخابية لاختيار المرشح الذى بُحَّ صوته فى الدفاع عن «25 يناير»، إذ كان ممكناً أن يضربهم الناخبون والمحبون للدولة و«30 يونيو» بالأحذية. ■ ■ فاز المصريون «الحقيقيون»، البسطاء، الشرفاء، الذين يحبون بلدهم حتى وهو يجوّعهم ويظلمهم. فازت أمى وأمك.. أختى وأختك.. أبى وأبوك.. جارك الطيب وزميلك القبطى. فاز أصحاب الحق فى هذا البلد، وانهزمت طغمة «الصيّع» والثورجية والنحانيح وأعداء الدولة والشباب «اللى ما اترباش»: لا سياسياً ولا اجتماعياً. ■ ■ فازت أخلاق الدولة وانهزمت بذاءة وقلة أدب الثورة. ■ ■ فازت إرادة البناء والاستقرار وانهزم شطط الهدم وضحالة المغامرة. ■ ■ فازت روح المصريين «الحلوة»، المتباسطة، وانهزم الخيال المريض بالنكد والرغبة الجامحة فى تقليب الجروح وتهييجها. ■ ■ فاز الجسد الذى يعبر عن الفرح بالرقص، وانهزم الجسد المتشنج، المفتون بهلاوس التغيير. ■ ■ فازت «وطنية» قوات مصر المسلحة وانضباطها وجاهزيتها، وانهزمت «عمالة» الكثير من هتيفة «يسقط حكم العسكر». ■ ■ فازت دماء شهداء الشرطة وانهزمت دماء الإخوان وأعداء الدولة. ■ ■ فازت وسطيتنا وديننا السمح، الرائق، المتعفف، وانهزم تكفيرهم وإرهابهم ودينهم الذى يبدأ من عتبة مكتب الإرشاد وينتهى عند موائد تنظيمهم الدولى القذر. فازت أبهة الأزهر الشريف ومهابته وانهزمت بدائية «بيت المقدس». فاز وجه على جمعة المريح وانهزمت سحنة القرضاوى المقرفة. ■ ■ فازت «تسلم الأيادى» و«بُشرة خير» لأنهما صادرتان من القلب، وانهزم شعار «عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية» لأنه تحول إلى ما يشبه نداء باعة الخضار الفاسد. فاز حسين الجسمى وانهزمت موزة. فازت فاتن حمامة وانهزم عمرو واكد وراندا البحيرى. ■ ■ أما آخر الفائزين فهو عبدالفتاح السيسى، وآخر المهزومين حمدين صباحى.